قال المفكر السياسي عزمي بشارة :"إنه رغم قيام تنظيم مركّب متعدّد الأذرع داخل الجيش والشرطة بمحاولة انقلابية، بعد أن احتل مئات ، الجنود مبنى هيئة الأركان والإذاعة والتليفزيون وميادين مدن كثيرة، منها أنقرة واسطنبول. ومع ذلك، فشل الانقلاب.
وأضاف في مقاله المنشور بـ"العربي الجديد" :كان كافياً، في خمسينات القرن الماضي وستيناته، أن تحتل مجموعة من الضباط الشباب من الرتب الوسطى والدنيا مبنى الإذاعة والتلفزيون، أو أن يتوجّه رتل دباباتٍ إلى العاصمة، وأن يُعلن البيان رقم واحد، لكي ينجح انقلابٌ عسكري في أي دولة عربية..الشعب التركي لم يستمع لكلمة واحدة من البيان. لم يهتم كثيراً بما يقوله هؤلاء، كان الأمر الوحيد المهم وذو العلاقة هو أن البيان صادر عن انقلاب عسكري على حكومةٍ منتخبة، فهو إذا أمر سيء، هذا ما رسخ في الذاكرة التاريخية لشعبٍ عانى من حكم العسكر ، مثل ما حدث مع دول آخرى في القرن الماضي".
وتابع :"الأحزاب التركية المعارضة (من اليسار واليمين)، وفي مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، لا تحب الحكام الحاليين، وتعتقد أن سياستهم سيئة للدولة داخلياً وخارجياً، لكنها رفضت أن يعزل الجيش الحكومة، دافعت عن نظام الحكم الديمقراطي، فهي تعرف أن حكم العسكر خطر على الحياة السياسية المدنية برمتها، هي تفضّل انتظار الانتخابات المقبلة على أن يقوم الجيش بإطاحة خصومها السياسيين، وهذا لعمري سلوكٌ مناقضٌ تماماً لسلوك أحزاب المعارضة المصرية عام 2013، فهذه كانت مستعدّة أن تنسّق مع النظام القديم، وأن تتعاون مع انقلابٍ عسكري، لكي تتخلص من خصومها السياسيين".
واختتم :"لقد أنجز الجيش التركي، في العقد الأخير، مراحل مهمة في التخلي عن الطموح السياسي، والتحوّل نحو المهنية، وتبني الدفاع عن النظام المنتخب، أما في بلادنا العربية، فما زال الطريق طويلاً أمام الجيوش والمجتمعات السياسية، ففي العام 2013 نجح انقلاب عسكري قادته قيادة الجيش نفسها في مصر، فلم يعد متخيّلاً أن تقوم مجموعة ضباط صغار بالانقلاب.