رام الله الإخباري
في الرابع عشر من أكتوبر للعام الماضي جلس دونالد ترامب، المرشح الرئاسي الأمريكي الأبرز بين مرشحي الحزب الجمهوري، أمام تشاك تود، مدير السياسات السابق في شبكة «إن بي سي» التليفزيونية، وأحد أبرز الإعلاميين الأمريكيين في البرنامج الشهير Meet The Press. لم يكن ترامب متفوقًا حينها في استطلاعات الرأي الجماهيرية، مقارنة بما هو عليه الآن، لكنه كان بارزًا ووافر الحظوظ بما يكفي لينال اهتمام الشبكة وتركيزًا إعلاميًّا مثل تشاك.
في وسط المحاورة تطرق الحديث بطبيعة الحال إلى إحدى أهم النقاط التي يُسأل عنها كل مرشح في كل انتخابات رئاسية: السياسة الخارجية، وتحديدًا قلب العالم (الشرق الأوسط)، ولأن تشاك ليس مبتدئًا فلم تكن أسئلته ساذجة. في البداية سأله مباشرة: «هل ترحب بالفعل بتدخل بوتين في سوريا؟»، وحاول ترامب التهرب بإجابات ليس لها أي علاقة بما يحدث، تستعيد ذكريات التدخل السوفيتي في أفغانستان ورغبته في جيش أمريكي بعيد عن «مستنقعات الحروب»، وعندما تطرق ترامب للحديث عن تورط الولايات المتحدة في ليبيا، بدا أن السؤال يسير بشكل متسارع لحائط سدّ بلا إجابة، إلى أن نجح تشاك في دفعه للإقرار بموافقته على تدخل بوتين في سوريا؛ لأنه «يقصف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)».
إذًا، لقد كان رأيًا واضحًا. انتقل بعدها تشاك لسؤال أكثر مباشرة: «هل تظن أنه إذا كان صدام والقذافي لا يزالا في السلطة، وكان بشار الأسد أقوى، لحصلنا على شرق أوسط أفضل وأكثر استقرارًا؟»، وبالعادة حاول ترامب الغوص في تفاصيل لا تمت للإجابة بصلة، لكن تشاك أصر على السؤال وكرره مرة أخرى، حتى أجاب دونالد صراحة: «بالطبع لكان أكثر استقرارًا ولم يكن لليبيا أن تصبح في مأزقها الآن»!
على الجانب الآخر فإن مرشحة الحزب الديموقراطي الأبرز ووزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، تنظر إلى نفس الأمر من منظار الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة أوباما: لا ترى لموسكو أي مكان في سوريا، وكما قالت في ندوة واسعة لمعهد بروكينجز، في سبتمبر الماضي: «إنني مازلت مقتنعة أنه يجب علينا رفع الكلفة على روسيا وتحديدًا على بوتين» قاصدة بالكلفة العقوبات الاقتصادية والعزل السياسي الدولي.
بعد ذلك بنحو شهر واحد، أي في أكتوبر الماضي، أتبعت كلماتها بتصريح أكثر حدة، خلال المناظرة الأولى للمرشحين الديموقراطيين على شبكة «سي إن إن» قالت فيه إنه «من المهم للولايات المتحدة أن تُعلِمَ بوتين بشكل شديد الوضوح أنه من غير المقبول وجوده في سوريا مضيفًا لها المزيد من الفوضى وقاصفًا الشعب نيابة عن الأسد، وهو ما أدعو إليه»، وهي وجهة نظر الحزب الديموقراطي في أغلب دوائره الرسمية، ماعدا مرشح الديموقراطيين أنفسهم الآخر «بيرني ساندرز» الذي يتفق مع دونالد ترامب!
هذا التقرير يلقى نظرة على وجهات نظر أبرز مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط، من طهران شرقًا إلى دمشق غربًا، ومن بغداد شمالًا إلى صنعاء جنوبًا- الانتخابات التي تصنف على أنها الأهم عالميًا، والقضايا مثل اتفاق إيران النووي والتدخل الروسي في سوريا، وبالطبع على رأس القائمة يأتي تنظيم الدولة الإسلامية، والأزمة العراقية التي لا تهدأ.
1- طهران العدو اللدود
يبدو المأزق كالآتي: ثمة اتفاق نووي سارٍ بالفعل بين طهران وواشنطن، كما أنّ هناك مصلحة إسرائيل الحليف الأقرب والأهم والأكثر تأثيرًا للولايات المتحدة وفيها، والمأزق هنا ليس لمرشحي الحزب الجمهوري الذين يمتلكون أجندة واضحة من الرفض التام لأي تعاون مع إيران، ويرون أن معاقبتها من الاقتصاد إلى دكها عسكريًا، إن لزم الأمر، هو الحل الأفضل للمشكلة من جذورها، لكن المأزق لمرشحي الحزب الديموقراطي وتحديدًا هيلاري كلينتون، من ناحية فإن الحزب يؤيد بشدة اتجاه الإدارة الأمريكية الداعم كليًا للاتفاق وهم من قادوا الأمور له بطبيعة الحال، ومن ناحية أخرى فإن أي رئيس للولايات المتحدة الأمريكية لا يصل للانتخابات النهائية بالأساس أو يحصل على أصوات الأمريكيين إن لم يلتزم بالخط الأحمر الذي لا يقارن بأي شيء في أهميته «أمن إسرائيل»، وإسرائيل تتمنى قصف طهران اليوم قبل الغد، كيف يمكن الخروج من هذا المأزق إذًا؟
تجيب هيلاري على هذا السؤال ببراعة، عند أول اختبار لها كمرشحة رئاسية، في ندوة معهد بروكينجز للسياسات، منذ خمسة أشهر، حيث بدأت بالتأكيد على أنها لن تتردد «كرئيسة في اتخاذ أي خطوات ضرورية لحماية الولايات المتحدة وحلفائها» ولن تتردد في تحريك الجيش الأمريكي لهذا الغرض، ثم عرجت بالطبع على الاعتراضات الإسرائيلية الشديدة وقالت: «لم أكن لأدعم الاتفاقية لحظة واحدة إن ظننت أنها تعرض إسرائيل للخطر».
فيما بعد، ومنذ أقل من شهر، في ليلة الرابع من فبراير الماضي، كان الأمريكيون على موعد مع المناظرة الأولى الفردية بين مرشحي الحزب الديموقراطي الرئيسيين، والتي نظمتها شبكة «إن بي سي» في ولاية نيو هامبشير. كان طرف المناظرة المقابل لكلينتون، هو السيناتور الأمريكي ذو الأصول اليهودية «بيرني ساندرز».
في المناظرة طرقت كلينتون على دعوة بيرني في يناير من أول العام الحالي لـ«التحرك بأقصى طاقتنا لتطبيع العلاقات مع إيران». وهو التصريح الذي أتبعه بسرعة شديدة بقوله: «أنا لا أدعو بالطبع لعلاقات دبلوماسية كاملة معهم»، قبل أن يسلط الضوء على ما يراه من (دعم إيران للإرهاب)، هذه النقطة استغلتها كلينتون بمهارة قائلة إن «إيران تزعزع استقرار الحكومات في المنطقة وتستمر في دعم حماس وحزب الله ضد إسرائيل، وأننا إن كنا سنتجه لتطبيع العلاقات في الوقت الراهن فإننا بذلك نخسر أكبر أجزاء نفوذنا لتغيير السلوك الإيراني والتأثير في نظام طهران»، لكن بيرني أصر على أنه لم يدع أبدًا للتطبيع الفوري قائلًا إن موقفه هو «السير في طريق إقامة العلاقات بأسرع وقت ممكن».
»، لكن بيرني أصر على أنه لم يدع أبدًا للتطبيع الفوري قائلًا إن موقفه هو «السير في طريق إقامة العلاقات بأسرع وقت ممكن».
وبينما تتفق هيلاري مع بيرني على أهمية الاتفاق وفي نفس الوقت أهمية المحافظة على أمن إسرائيل بالإضافة إلى محاولة إقامة علاقات مستقرة مع إيران على المدى الطويل فإن الأمور في المعسكر الجمهوري تبدو أكثر سهولة ووضوحًا وأكثر عدوانية، والبداية مع «تيد كروز» سيناتور ولاية تكساس والمرشح الأبرز الثاني بعد ترامب والذي أعلنها صريحة في أواخر العام الماضي أنه إن تم انتخابه للرئاسة فإن أول يوم له في المكتب البيضاوي سيستغله لتمزيق الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران إلى أشلاء، وإن أصرّ علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، على المضي قدمًا في إنتاج السلاح النووي فإن «تيد» سيرسله ليتعرف أكثر على الـ 72 عذراء، كناية عن أن الولايات المتحدة تحت رئاسته ستقتل علي خامنئي وسترسله إلى الحور العين في الفردوس!
لم تختلف آراء المرشحين الجمهوريين الآخرين كثيرًا وإن تفاوتت في الحدة والتي فاق فيها كروز الجميع، فدونالد ترامب يرى أن الاتفاقية بالغة السوء وسيعيد التفاوض عليها كليًا من يومه الأول كرئيس إن اختاره الأمريكيون، أما السيناتور «جون كيسيك» حاكم ولاية أوهايو ففي نهاية يناير الماضي وفي مناظرة الجمهوريين السابعة والتي أدارتها شبكة أخبار «فوكس»، قال إنه لن يلغي الاتفاقية فورًا؛ لأنه لا أحد يعرف ما الذي سيحدث في الشهور القادمة. إلا أنّه أوضح انتظاره إن تم انتخابه رئيسًا، لأصغر خطأ ممكن من طهران، وحينها سيطبق عليهم أقصى عقوبات ممكنة.
وأضاف أن الولايات المتحدة ينبغي أن نرجع لها قدرتها على فرض العقوبات من جانب واحد على أي دولة في العالم في أي وقت، ثم قال أنه في حال اكتشافه لاستمرار سعي طهران لإنتاج سلاح نووي فلن يتفاوض وإنما سيذهب عسكريًا ليمنعها، ثم «مارك روبيو» سيناتور فلوريدا والذي تصب كل تصريحاته وتوجهاته في التأكيد على أن الاتفاق غير ملزم على الإطلاق للإدارة القادمة لأنه اتفاق (إدارة أوباما) لا أكثر وليس على الرئيس القادم “أن يحترم الاتفاق” على حد تعبيره، فضلًا عن وضوحه التام في مسألة فرض العقوبات مرة أخرى وتوجهه الكامل لذلك إن تم انتخابه في أواخر العام الحالي.
2- «الدولة الإسلامية»
يركز الأمريكيون في اختيارهم الرئاسي دائمًا، بجانب العاطفة والانتماء الحزبي، على تعامل المرشحين مع القضايا الداخلية وتحديدًا «البطالة والرعاية الصحية وتحسين الوضع الاقتصادي»، ذلك هو ما يوجه الرأي العام ويمكن رفع مرشح به إلى السماء السابعة أو تدمير حملته تمامًا، لكن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) نجح في فرض نفسه على عقول الكثير من الأمريكيين وبقوة، فالتنظيم الذي تصاعدت أسهم سمعته في الشهور الأخيرة، امتلك ومازال، جناحًا إعلاميًا قويًا تجاوز المتعارف عليه بين التنظيمات الجهادية تاريخيًا، وتوجه مباشرة بخطابه وعملياته إلى الغرب (وتحديدًا الولايات المتحدة)، وبات الأمريكيون والمشهور عنهم عدم اهتمامهم بما يتجاوز حدودهم الداخلية مع المكسيك، يعرفون الاسم والعمليات، ويهتمون بمتابعة تقدمه وطرق إدارة أوباما وحلفائها لمواجهته، بل ووصل بهم الأمر إلى مقارنته بالخطر الشيوعي السابق، وهو ما يوضح أهمية هذا الملف الخارجي، بالتالي فإن ورقة «داعش» أصبحت ذات ثقل بالنسبة لمرشحي الرئاسة الحاليين.
بعد هجمات تنظيم الدولة على باريس في نوفمبر من العام الماضي والتي أثارت رعب الجميع وأوصلت رسالة مفادها أن أي مكان معرض للهجوم قدمت هيلاري كلينتون خطة مفصلة لكيفية هزيمة «داعش» أجملتها في ثلاث محاور رئيسية فيالندوة التي أقامها مجلس العلاقات الخارجية أحد أهم مراكز الأبحاث والسياسات في واشنطن وأكثرها تأثيرًا، المحور الأول القريب هو هزيمة التنظيم في العراق وسوريا والشرق الأوسط عمومًا، والثاني هو تفكيك البنية التحتية التي تساهم في خروج التنظيمات الجهادية وتفكيك شبكات التمويل وتجفيف منابع تدفق المقاتلين وشبكات التنظيمات الدعائية، والثالث هو إقامة دفاعات صلبة تحمي الولايات المتحدة وحلفاءها من سيناريوهات هجمات أخرى واسعة النطاق مثل باريس، وتؤيد كلينتون قرار أوباما بعدم الزج بقوات أمريكية برية في لهيب صراعات الشرق الأوسط وترى أن من ينبغي عليهم أن يقاتوا داعش مباشرة لابد وأن يكونوا من نفس المنطقة وخاصة سنة وأكراد العراق وسوريا، في نفس الوقت الذي ينبغي فيه بالنسبة لها أن تعطى حرية أكبر وصلاحيات أوسع للقوات الأمريكية لتدريب القوات العراقية ومقاتلي الفصائل السورية المعارضة لنظام بشار ولـ«داعش»، وهو الأمر الذي ترى هيلاري أن أوباما تأخر فيه كثيرًا، فضلًا عن رغبتها في التنسيق بين الحكومة الأمريكية وشركات التكنولوجيا العملاقة لإغلاق كل المنافذ التي يطل منها تنظيم الدولة على العالم مع تكثيف الضربات الجوية العسكرية عليه.
وفي الوقت الذي تؤيد فيه هيلاري إنشاء منطقة حظر طيران فوق سوريا فإن السيناتور بيرني يرى العكس ولا ينصح بذلك، لكنه يتفق مع المبدأ العام الرافض لإرسال أي قوات أمريكية إلى «المستنقع السوري» كما قال ويفضل أن يرى تكاملًا عالميًا تعمل فيه الولايات المتحدة جنبًا إلى جانب المملكة العربية السعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا لهزيمة داعش، وهو في هذا لا يريد أن يكرر غزو العراق الذي يراه «الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الولايات المتحدة في السياسة الخارجية على مر تاريخها بالكامل».
يرى ساندرز أيضًا أنه على دول المنطقة وتحديدًا السعودية والإمارات تحمل نصيبها العادل من استضافة اللاجئين كما تفعل بعض الدول الأوروبية. أما فكرته الرئيسية في ملف «الدولة الإسلامية»، فقد جاءت بعد هجمات باريس مباشرة عندما دعا لتشكيل منظمة من أهم الدول العالمية على غرار حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تكون كل مهمتها هي «مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية».
كالعادة يتخذ الجمهوريون طريقًا آخر، وإن كان ملف الدولة الإسلامية نجح بشكل ما في توحيد بعض رؤي الديموقراطيين والجمهوريين، وهو ما لا نراه كثيرًا، فتيد كروز يتفق في معارضته لأي توسع قد تخطو إليه الولايات المتحدة في تورطها في سوريا أو العراق، ويرى أنه من الأفضل «تسليح الأكراد الذين يقاتلون كل يوم بأسلحة أمريكية متطورة»، لكنه أيضًا وعلى الرغم من رفضه للتورط يرى أن الولايات المتحدة عليها مهمة بالغة الأهمية تتمثل في تحديد أماكن الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها نظام الأسد بدقة، ومن ثم الدخول لسوريا في مهمة محددة وتدميرها ثم الخروج، فضلًا عن معارضتهلاستخدام الضربات الجوية ضد نظام بشار والذي يرى كروز أن أفعاله «لا تشكل تهديدًا مباشرًا على الأمن القومي الأمريكي».
أما ترامب فيرفض التخلي عن تفرده بين المرشحين عندما قال، في سبتمبر الماضي، قبيل هجمات باريس، إنه «ينبغي ترك تنظيم الدولة ليقاتل بشار الأسد»، وفكرته هنا أن تقف الولايات المتحدة موقف المشاهد بشكل ما انتظارًا لانتهاء الحرب بين التنظيم ونظام بشار وإسقاط أحدهما للآخر وخروج المنتصر بطبيعة الحال بهيكل ممزق ومن ثم تتدخل الولايات المتحدة «لالتقاط البقايا»، لكنه غير رأيه بالكامل بعد هجمات باريس وقال أنه في حال انتخابه رئيسًا فسيكثف الهجمات على تنظيم الدولة وسيقيد قدرتها على استخدام الإنترنت كوسيلة بالغة الأهمية لتجنيد المقاتلين فيها.
3- وشرق أوسط مُشتعل!
منذ أقل من أسبوعين بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما أخيرًا تنفيذ ما وعد بإنجازه منذ انتخابه لأول مرة في عام (2008) وهو إغلاق معتقل جوانتانامو الحربي للأبد والذي يعتبر أكثر سجون العالم وحشية والذي له سلطة مطلقة لوقوعه خارج الحدود الأمريكية في أقصى الجنوب الشرقي الكوبي، والخطوة التي أخذها أوباما بإرسال خطة وخطوات الإغلاق إلى الكونجرس لاقت ترحيبًا كبيرًا وتأييدًا من السيناتور كلينتون، التي قالت إنه وعلى مدار السنوات، فإن المعتقل «أخرج لنا إرهابيين أكثر مما سجن، وأنه لم يحمِ أمننا القومي وإنما دمره».
ويأتي تأييد كلينتون في إطار خطتها لتصفية المنابع الجهادية واقتلاع أسباب خروج مقاتلين جهاديين من الشرق الأوسط ضد الولايات المتحدة من جذورها، أما بالنسبة لليبيا، فإن هيلاري تتخذ نفس خيار سوريا بخصوص إرسال مدربين وخبراء لتدريب القوات الحكومية هناك والمشاركة في بناء نظام ما بعد القذافي، أو كما قالت: «لم أتخل عن ليبيا ولا أظن أنه على أي شخص أن يتخلى عنها».
أما السيناتور بيرني ففي المناظرة الديموقراطية الخامسة، في الرابع من فبراير الماضي، تطرق إلى وجود قوات أمريكية في أفغانستان، طارحًا أفكاره بخصوص استمرارها هناك من عدمه قائلًا إنه يتمنى لو كان بإمكان الولايات المتحدة سحب قواتها بالكامل من أفغانستان غدًا وتتركها لطالبان أو لأي جهة أخرى، لكنه ببساطة «غير ممكن»، وقارن الحالة الأفغانية بالعراق عارضًا تقدم القوات العراقية على داعش واستعادتها لمعظم أجزاء مدينة الرمادي أحد أهم معاقل التنظيم العراقية بمساعدة بعض المدربين من القوات الخاصة الأمريكية، مضيفًا أنه لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل وربما يساهم وجود القوات في أفغانستان وتدريبهم للقوات العراقية وإشرافهم على معارك التحالف الدولي هناك في تدمير داعش.
تيد كروز كان أكثر صراحة فيما يخص الأمن القومي الأمريكي موضحًا في نهاية العام الماضي انتقاداته الواسعة لإدارة أوباما وبالطبع لأحد منافسيه الرئيسيين هيلاري كلينتون عندما قال إن التدخل في ليبيا منذ البداية تم بصورة خاطئة، مسببًا تحولها إلى «منطقة تدار من قبل الجهاديين»، ثم عرج على مصر أيضًا لائمًا على إدارة أوباما موافقتها وتأييدها للإطاحة بالرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، والذي وصفه كروز بـ«حليفًا وثيقًا» للولايات المتحدة وإسرائيل، مما أدى في رأيه إلى الإتيان بـ«منظمة إرهابية كالإخوان المسلمين» للحكم، بالتالي فهو يرى أن إسقاط الأسد ليس حلًا؛ لأنه «علينا أن نتعلم من التاريخ، وربما كان مبارك يمتلك سجلًا بالغ السوء في حقوق الإنسان وكذلك الأسد والقذافي لكنهم كانوا يساعدون الولايات المتحدة في محاربة الإسلاميين المتطرفين وبالتالي حمايتهم وتعزيز أمن إسرائيل أيضًا»!
وبينما يغرق دونالد ترامب في التأكيد المستمر والمتواصل على أن غزو العراق كان خطأ هائلًا فإنه يستخدم هذه الجملة دائمًا للتدليل على حاجة الولايات المتحدة للتنسيق مع روسيا بشكل ما للسيطرة على الأوضاع في سوريا، فضلًا عن تأكيده المتواصل على أن الولايات المتحدة ساعدت في تفكيك الشرق الأوسط وعليها أن تنفق المزيد من الوقت والجهد والأموال لانتقاء حلفائها وتمييزهم وتحديد أعدائها لضربهم بأقصى قدر ممكن من القسوة.
ساسة بوست