في أول أيام عيد الفطر من كل عام تذهب السيدة سهير (40 عاما)، والدة الشهيد الفلسطيني مهند حلبي (20 عاما) وأفراد عائلتها إلى المقبرة، لتزور أقرباءها الأموات وتقرأ على أرواحهم الفاتحة، لكنها لم تتخيل أن تذهب في هذا العام إلى المقبرة، كي تقرأ الفاتحة على روح فلذة كبدها.

العيد الأول بعد استشهاد مهند بالنسبة للسيدة سهير، وزوجها شفيق الحلبي، وكافة أفراد العائلة، هو بمثابة ذكرى وفاء لـ"مفجر انتفاضة القدس الحالية"، وقد كان أول من استشهد فيها عقب تنفيذه عملية طعن في القدس المحتلة.

تجهز عائلة الحلبي الأساسيات في المنزل، لكن العيد لا طعم له برحيل مهند، تقول والدته : " العائلة تشتاق لكل التفاصيل الصغيرة خاصته، وتتذكر أيامه الجميلة في عيد الأضحى المبارك من العام الماضي، وهو آخر عيد في حياته؛ وتستعيد نزهته الجميلة، ولباس عيده الأخير، وحزنه على صديقه، الشهيد ضياء التلاحمة".

فقبل يوم من عيد الأضحى من العام الماضي، استشهد ضياء التلاحمة، صديق مهند وأحد زملائه في جامعة القدس، بعدما حاول تنفيذ عملية في الخليل، حيث تأثر مهند باستشهاده، كما يتأثر بأي شهيد أيضا، وبما تتعرض له حرائر ومرابطات المسجد الأقصى.
وسرعان ما قرر مهند الالتحاق بصديقه ضياء، شهيدا من أجل وطنه، تاركاً أسرته تعيش فقط على وقع الذكريات.

تتذكر والدته الأعياد السابقة التي كان مهند بينهم، وتقول إنه لم يكن يحب كعك ومعمول العيد، ولهذا قررت عدم تحضيره برغم المناسبة، وتضيف: "سأسعى وعائلتي إلى أن نقوم بما كان يفعله مهند في العيد، فهو بالتأكيد سيكون سعيدا، لأننا سنكون أوفياء له".

بدوره، يتساءل والد الشهيد: ماذا سيفعل في أول عيد يمر عليه بدون ابنه، ويتدارك "بل سأفعل ما يحبه مهند"، ويضيف "لقد كان رمضان هذا العام صعبا علينا، ثم أتى العيد بدونه، لكننا نشعر أنه حي بيننا".

ويستعيد كل التفاصيل عن فلذة كبده، في محاولة للتخفيف من وطأة الرحيل، يقول "قبل أربعة أيام من استشهاد مهند، ذهبنا بعد العيد لنزهة في جنين، حيث كانت السعادة تسود العائلة، وتناولنا وجبة المشاوي المفضلة لمهند، بل ما زاد السعادة أن مهند يحب المزاح وصاحب دعابة من بين إخوته".

ويجلس الوالدان بجانب بعضهما وهما يستعرضان شريط الذكريات، لقد رحل عنهما من كان يغمر البيت فرحا، لكن ما يخفف حزنهما أنه شهيد فلسطينالأول في مطلع انتفاضة القدس التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، عقب تنفيذه عملية طعن في بلدة القدس القديمة، أدت إلى جرح وقتل عدة مستوطنين، فانتقمت قوات الاحتلال من عائلته وهدمت منزلها في قرية سردا شمالي رام الله، لكن العائلة بقيت صامدة رغم كل ما تعرضت له.