مع مرور الوقت تتكشف مزيد من التفاصيل المروعة حول كيفية وصول المسلحين وتنفيذ الهجوم الإرهابي الانتحاري الثلاثي في مطار أتاتورك الدولي بمدينة إسطنبول التركية، مساء الثلاثاء، فيما يحتفي الأتراك ببسالة ضابط شرطة منع وقوع كارثة وزيادة أعداد القتلى بعد أن تمكن من السيطرة على أحد الانتحاريين.
ووقع هجوم بالأسلحة النارية والأحزمة الناسفة على مطار أتاتورك في ساعات مساء الثلاثاء، أدى في آخر حصيلة إلى مقتل 41 شخصاً وإصابة قرابة 239 آخرين بعضهم في حال الخطر، بالإضافة إلى مقتل المهاجمين الثلاثة.
المطار الذي يقع في الشق الأوروبي من مدينة اسطنبول ويعتبر من أكثر المطارات في العالم ازدحاماً وصل إليه ثلاثة مهاجمين عبر سيارة أجرة «تاكسي» تجاري، وهم يحملون أحزمة ناسفة وثلاثة قطع أسلحة نارية من طراز «كلاشنكوف» روسية الصنع ونزلوا من السيارة أمام بوابة المغادرة للخطوط الخارجية بعد دقائق من آذان المغرب ووقت الافطار في رمضان.
وعاينت «القدس العربي» المكان، وكان الوصول بسيارات التاكسي إلى البوابة الخارجية لصالة المغادرة بلا إجراءات أمنية أو تفتيش للسيارات والحقائب وهو الأمر الذي سهل وصول المهاجمين إلى هذه النقطة دون الخوف من اكتشافهم قبل وصولهم للنقطة قبل الأخيرة التي ينوون مهاجمتها.
وفي مخطط كان الهدف الأول منه التمكن من الدخول أكبر قدر ممكن إلى عمق المطار وايقاع أكبر عدد من الضحايا، دخل أحد المسلحين من البوابة الرئيسية لصالة المغادرين على الخطوط الخارجية ومن ثم بدأ بإطلاق النار من السلاح الذي كان بحوزته نحو المئات من المسافرين الذين اصطفوا بازدحام أمام بوابات الفحص الإلكتروني، حيث تفرض السلطات التركية وكباقي مطارات العالم إجراءات أمنية مشددة وتقوم بتفتيش المســافرين وأمتعتهم من خلال أجهزة إلكترونية متقدمة قبـــل السماح لهم بالدخول إلى الصالات الداخلية للمطار.
وخلال هذه الثواني وبعد أن أدى إطلاق النار إلى انهيار الإجراءات الأمنية على البوابات الإلكترونية وهروب المسافرين إلى الداخل من دون إجراء الفحص الأمني تمكن أحد الانتحاريين من الانخراط بينهم والعبور إلى الصالة الداخلية للمطار وتنفيذ المرحلة الثالثة من المخطط القاتل.
فبحسب شهود عيان ومصادر أمنية عمد الانتحاري الذي تسلل للداخل إلى الصراخ على المسافرين وتحذيرهم من وجود انتحاري في الطرف الآخر، الأمر الذي دفع مئات المسافرين بالهرب إلى الاتجاه الذي يريده، وبعد ان تجمع أكبر قدر منهم قام بتفجير نفسه في وسطهم، بينما فجر المهاجم الأول نفسه في نقطة أخرى.
أما الانتحاري الثالث وفور دخوله بوابة القادمين من الخطوط الخارجية أثار شكوك أحد ضباط شرطة الجمارك في المطار ويدعى «اوموت ساكار أوغلو« الذي بادر بالاقتراب منه ومحاولة منع تقدمه ومن ثم أطلق النار عليه وإصابه الأمر الذي دفع الانتحاري إلى سرعة تفجير الحزام الناسف الذي كان يلفه حول جسده وهو ماظهر في بعض مقاطع الفيديو التي اطلعت عليها «القدس العربي».
التفجير أدى إلى إصابة الضابط وعدد من أفرد الشرطة والجمارك في المكان، إلا ان «ساكار أوغلو« توفي في وقت لاحق من الأربعاء متأثراً بالجراح الخطيرة التي أصيب فيها، في حين أجمعت مصادر أمنية ووسائل الإعلام التركية التي احتفت ببسالة الضابط أنه لولا تصرف الشرطي لكانت الكارثة أكبر ولارتفعت أعداد الضحايا بشكل أكبر بكثير، كونه كان متوجهاً إلى مكان مكتظ جداً بمئات القادمين من الخارج. وعلى الرغم من الحظر الذي فرضــته السلطات التركية على عمليات النشر وخاصة الصـــور، غضـــت مواقع التواصل الاجتماعي التركية بصـــور الشرطي وعبارات الشكر والتمجيد له، وسط مطـــالبات بمنـــحه أعلى وسام للشجاعة في الدولة، ومن المقرر أن تقام له جنازة رسمية في مطار أتاتورك الخميس، قبل نقله إلى مسقط رأسه في مدينة هاتاي جنوبي البلاد.
وخلال الهجوم سادت حالة غير مسبوقة من الخوف والرعب آلاف المسافرين من الأتراك والعرب والأجانب وعمد المسافرون إلى محاولة الهرب خارج المطار، بينما اختبأ آخرون في الصالات الداخلية والمحلات التجارية في المنطقة الحرة، وسط حالة من الإرباك الشديد.
وأدت قوة أحد الانفجارات إلى اختراق السقف المكون من الباطون والحديد المسلح واحداث فتحة كاملة فيه في إشارة إلى قوة ونوع المتفجرات التي استخدمها المهاجمون.
ولم تتبين حتى الآن جنسيات المهاجمين، ورجحت مصادر مقربة من الطب العدلي الذي يشرف على فحص الجثث أن يكون المهاجمون أجانب ولا يحملون الجنسية التركية، موضحةً أن المهاجمين الثلاثة تشوهت جثثهم بشكل كبير جداً ولم يتبقى منها سوى بعض الأشلاء الأمر الذي سيصعب عملية التعرف عليهم.
ولفت رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى أن كافة المؤشرات ترجح وقوف تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» خلف الهجوم على المطار