العراق: القوات العسكرية تقتحم الفلوجة معقل داعش

2016053161154

رام الله الإخباري

اقتحمت القوّات العراقيّة، أمس الإثنين، مدينة الفلّوجة من ثلاثة محاور، ما يشكّل بداية لمرحلة جديدة من عمليّة استعادة السّيطرة على المدينة التي تعدّ أحد معقلي تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) الرّئيسيّين في العراق، حسب ما أعلن قادة عسكريّون.

وتأتي عمليّات تحرير أوّل مدينة خرجت عن سيطرة القوّات العراقيّة عام 2014، بالتّزامن مع عمليّات تنفّذ في سورية، ويخشى أن تتعرّض فيها حياة عدد كبير من المدنيّين للخطر.

وشاركت في عمليّات الاقتحام، التي انطلقت فجر الإثنين، قوّات مكافحة الإرهاب، أكثر القوّات العراقيّة تدريبًا وخبرة قتاليّة.

وقال قائد عمليّات تحرير الفلّوجة، الفريق الرّكن عبد الوهّاب السّاعديّ، إنّ 'قوّات جهاز مكافحة الإرهاب والجيش والشّرطة بدأت عند السّاعة الرّابعة بغطاء من طيران التّحالف الدّوليّ، اقتحام مدينة الفلّوجة من ثلاثة محاور'.

وتتقدّم القوّات من محور السّجر (شمال شرق) وتقاطع جسر الموظّفين (شرق) والنّعيميّة وجسر التّفّاحة (جنوب)، وفقًا للساعديّ، الذي أشار إلى وجود مقاومة من التّنظيم الجهاديّ.

وأكّد المتحدّث باسم قوّات مكافحة الإرهاب، صباح النّعمان، انطلاق العمليّة. وقال 'بدأنا عمليّاتنا في ساعة مبكّرة من صباح اليوم لاقتحام الفلّوجة'.

ويعني إشراك قوّات مكافحة الإرهاب في هذه المرحلة من العمليّة، توقّع حصول معارك شوارع داخل المدينة التي شهدت قتالًا شرسًا ضدّ القوّات الأميركيّة في 2004، وصف بالأعنف منذ حرب فيتنام.

وكانت عمليّة استعادة الفلّوجة، التي بدأت قبل أسبوع بدعم من التّحالف الدّوليّ بقيادة الولايات المتّحدة، ركّزت في البدء على استعادة السّيطرة على القرى والبلدات المحيطة بالمدينة، التي تبعد 50 كيلومترًا إلى الغرب من بغداد.

وتشارك قوّات الحشد الشّعبيّ، ممثّلة بفصائل شيعيّة مدعومة من إيران، في عمليّات تحرير الفلّوجة.

وقال بيان لخليّة الإعلام الحربيّ، إنّ 'قوّات عراقيّة من الجيش والحشد الشّعبيّ باشرت التّقدّم إلى منطقة الصّقلاوية' الواقعة إلى الشّمال الغربيّ من الفلّوجة.

وأكّد قائد شرطة الاتّحاديّة، الفريق رائد شاكر جودت 'تحرير منطقة الشّيحة' وهي منطقة تابعة للصقلاوية.

بدوره، أكّد ضابط في الجيش تحرير منطقة البوشجل التّابعة للصقلاوية، وتحدّث عن مقتل 35 مسلّحًا من داعش، بينهم خمسة يرتدون أحزمة انتحاريّة، في البوشجل.

وسيطر الإرهابيّون على الصقلاوية مطلع عام 2014، والتي كانت ممرًّا رئيسيًّا لهم باتّجاه الرّمادي.

وقبل بدء العمليّة العسكريّة، تمكّنت بضع مئات فقط من العائلات من الفرار من المدينة، التي يقدّر عدد السّكّان العالقين فيها حاليًّا بنحو 50 ألف شخص، ممّا يثير مخاوف من أن يستخدمهم الإرهابيّون دروعًا بشريّة.

ولم تتمكّن سوى العائلات التي تسكن أطراف الفلّوجة من الفرار مساء السّبت، والتّوجّه إلى مخيّمات اجتمعت فيها أعداد كبيرة أخرى من النّازحين.

وقال مدير المجلس النّروجي للّاجئين في العراق، ناصر موفلاحي 'نتوقّع موجات أكبر من النّزوح مع (تزايد) ضراوة القتال'، ونبّه قائلًا إنّ 'مواردنا في المخيّم مضغوطة جدًا، وقد لا تكفي لتوفير المياه الصّالحة للشرب، بما يغطّي حاجة الجميع'.

'إمّا أن أنقذ أطفالي أو أموت معهم'

وتمكّن عدد من المدنيّين من الفرار سيرًا على الأقدام، عبر مناطق ريفيّة خلال ساعات لتجنّب الإرهابيّين، باتّجاه مناطق تواجد القوّات العراقيّة التي انتشرت في الأطراف الجنوبيّة من المدينة.

وقال أحمد صبيح (40 عامًا) الذي وصل إلى مخيّم للنازحين، يديره المجلس النّروجيّ للّاجئين، الأحد 'قرّرت مواجهة كلّ المخاطر. إمّا أن أنقذ أطفالي أو أموت معهم'.

وأعلن ضابط كبير في الشّرطة عن قيام القوّات العراقيّة الإثنين، بإخلاء 800 مدنيّ، أغلبهم نساء وأطفال، من منطقتي السّجر وأبو سديرة (كلاهما شمال الفلّوجة)، وفقًا لمصادر أمنيّة ومحليّة.

وتعدّ الفلّوجة ثاني أكبر المدن الرّئيسيّة التي يسيطر عليها داعش في العراق بعد الموصل.

ويقدّر عدد مسلّحي التّنظيم المتطرّف الموجودين في الفلّوجة حاليًّا بحوالي ألف عنصر، محاصرين منذ عدّة أشهر.

ولا يمكن التّكهّن بقدرة التّنظيم على منع تقدّم القوّات العراقيّة لتحرير الفلّوجة في غياب أيّ معلومات عن معدّاتهم وتجهيزاتهم.

ويتوقّع المراقبون أن تخوض القوّات العراقيّة واحدة من أصعب المعارك ضدّ الإرهابيّين الذين فقدوا تدريجيًّا السّيطرة على مناطق واسعة خلال العام الماضي.

ويسيطر التنظيم الإرهابيّ حاليًّا على 14% من أراضي العراق، مقابل 40% من هذه الأراضي في 2014، وفق أرقام حكوميّة.

لكن التّنظيم الإرهابيّ الذي أعلن 'دولة خلافة' في الأراضي التي سيطر عليها في سورية والعراق، واصل القيام بتفجيرات وهجمات دمويّة استهدفت بمعظمها مدنيّين.

وقتل 11 شخصًا على الأقلّ وأصيب أكثر من 40 بجروح في ثلاثة تفجيرات، أحدها بسيّارة مفخّخة يقودها انتحاريّ، استهدفت مناطق متفرّقة في بغداد وشمالها.

والفلّوجة عرفت باسم 'مدينة المساجد'، وكانت أحد مراكز انطلاق شرارة الثّورة على الاستعمار البريطانيّ عام 1920.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2004، منّيت القوّات الأميركيّة بخسائر فادحة، كانت الاسوأ منذ عقود في عمليّة قتل خلالها 95 عسكريًّا أميركيًّا خلال مواجهات مع مسلّحين كانوا ينتمون لتنظيم 'القاعدة' وجماعات تعتبر سابقة على تنظيم داعش.

في العراق أيضًا، حقّقت القوّات الكرديّة، الإثنين، انتصارًا على داعش شمالي البلاد، واستعادت تسع قرى من الإرهابيّين، بحسب بيان.

وقال مجلس الأمن في منطقة كردستان العراق، إنّ العمليّة في شرق الموصل 'حقّقت أهدافها الإستراتيجيّة' مشيرًا إلى استعادة تسع قرى كان التّنظيم المتطرّف يسيطر عليها منذ حزيران/يونيو 2014.

وشارك في العمليّة التي أطلقت قبل فجر الأحد حوالي 5500 عنصر من البشمركة، يدعمهم طيران التّحالف بقيادة أميركيّة.

ونجحوا في الاستيلاء على منطقة مساحتها 120 كلم مربّعًا، قرب الطّريق الرّئيسيّة بين الموصل، معقل تنظيم داعش في العراق وإربيل عاصمة كردستان العراق.

وفي سورية، تحاصر قوّات سورية الدّيموقراطيّة التي تضمّ مقاتلين أكرادًا وعربًا مدينة مارع، التي تسيطر عليها فصائل مقاتلة ومعارضة من جهة الغرب، فيما تحاصرها قوّات النّظام من الجنوب وتنظيم داعش من جهتيّ الشّرق والشّمال.

وأعربت المفوّضيّة العليا لشؤون اللّاجئين في جنيف، السّبت، عن قلقها البالغ إزاء محنة نحو 165 ألف نازح، محاصرين بين تنظيم داعش من الشّرق والجنوب والقوّات الكرديّة من الغرب، والحدود مع تركيا من الشّمال.

ودعت منظّمة 'أطبّاء بلا حدود' الإثنين تركيا إلى فتح حدودها أمام اللّاجئين الذين قدّرت عددها بنحو 100 ألف.

وقال المدير الإقليميّ لـ'أطبّاء بلا حدود'، بابلو ماركو، إنّ الأتراك 'بذلوا جهودًا كبيرة، إلّا أنّ الوضع مريع بشكل قد يبرّر فتح الحدود'.

وفي حلب قتل 15 شخصًا بقصف استهدف أحد الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلّحة، بحسب المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان.

 

وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، التي تسيطر عليها بالكامل 'جبهة النّصرة'، ذراع تنظيم القاعدة في سورية، قتل 10 مدنيّين على الأقلّ وأصيب عشرات آخرون بجروح في غارات مكثّفة، شنّها مساء الإثنين، الطّيران الحربيّ الرّوسيّ على مدينة إدلب، بحسب المرصد.

أ.ف.ب