رام الله الإخباري
فتحت حادثة وفاة الطفل الرضيع عزيز عدي السباح خلال إجرائه عملية "الطهور" الباب واسعاً أمام المواطنين في قطاع غزة للحديث حول عيوب وتشوهات أصابت أعضاء أبنائهم الذكورية بعد عملية "الطهور".
"الطهور" هو إزالة الجلد الأمامي الذي يغطي أعلى العضو الذكري، ويسمى أيضاً "الفلقة"، وتتكون "القلفة" من طبقتين مطويتين من الجلد والغشاء المخاطي، وتحمي رأس القضيب الذكري (الحشفة) وتدافع عنه في وجه التهيج والتحسس الذي يسببه البول والغائط والمواد الخارجية، بعد الطهور يبقى أعلى القضيب مكشوفاً دائماً.
وتوفي الطفل الرضيع السباح البالغ من العمر شهراً واحداً أثناء عملية طهور حسبما نقلت وسائل إعلامية، وأعلن الناطق بإسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة أن الوزارة شكَّلت لجنة تحقيق من أطباء مختصين للوقوف على ملابسات قضية وفاة الطفل.
وتعددت حالات الأخطاء الطبية في عمليات الطهور في قطاع غزة، إلا أن غالبيتها لم تصل إلى أروقة المحاكم أو الشكوى ضد الطبيب، وبقيت محل كتمان من طرف أهالي الأطفال، كذلك فإن حالات الأخطاء في الطهور التي تم تصحيحها كثيرة، وفقاً لشهادات مواطنين وأطباء.
يقول المواطن عبدالهادي (30 عاماً) الوكالة "اصطحبت طفلي لطبيب ذو سمعة طيبة في مجال الطهور بالكي -جهاز كهربائي يستخدم في الطهور بديلاً عن الطرق التقليدية-، ولكن للأسف ابني لازال يعاني من ازرقاق في العضو ولحمية زائدة.
المشكلة عند المواطن عبدالهادي أنه عند مراجعته للطبيب أخبره بأن الأمر طبيعي ولا مشاكل لدى الطفل، فما كان منه إلا أن يطمئن على طفله عند طبيب آخر، فقال له بالعامية: "مين إلي عامل في هالولد هيك".
وينصح المواطن عبدالهادي أولياء أمور الأطفال أن لا يعتمدوا نظام الطهور بالمكواة (الكي) عند إجراء عملية الطهور، وأن يعتمدوا على النظام القديم التقليدي "القص بالمشرط"، مشيراً إلى أن ولده الأكبر أُجريت له عملية طهور تقليدية ولم يعاني من أية مضاعفات.
أخصائي المسالك البولية في الأردن رجائي فارس يؤكد أن احتمالية المضاعفات والآثار الجانبية الناتجة من إجراء عملية الطهور من خلال نظام المكواة أكثر بكثير من عملية الطهور التقليديه، ويقول "شخصياً لا أنصح به"، غير أن اطباء آخرين أختلفوا معه.
المواطن محمد صلاح (27 عاماً)، هو الآخر لم يَسْلم طفله من مشارط وأدوات الأطباء، يقول في شكواه: اصطحبتْ والدتي ابني في شهره الأول لطبيب جراح مختص، وأَجرى له عملية طهور عن طريق أداة الكي، غير أن طفلي عانى من أعراض مضاعفات عدة.
ويوضح الوكالة أنه أصطحب طفله إلى طبيب آخر للمراجعة فأخبره أن الطهور الأول أُجري بطريقة خاطئة، وأن فوهة البول تأذت من جراء الطهور الخاطئ، كما أن القلفة (الجلد الذي يغطي الحشفة) ضيقة بسبب الطهور الغير مكتمل.
وبين المواطن صلاح أن عملية طهور ثانية أُجريت لطفله صاحبتها مضاعفات عديدة بسبب الخطأ الأول.
ونَصَحَ المواطن صلاح المواطنين بضرورة التأكد من أن عملية الطهور ستتم على يد شخص خبير، ومرخص خشية إصابة الطفل بمضاعفات قد تفقده ذكوريته، ومن المهم أن تجرى العملية الجراحية في بيئة معقمة.
مواطن آخر يقول "أجرى أحد الأطباء في بيته عملية الطهور لطفلي البِكر، وعند ذهابي للبيت والكشف عن الولد أدركتُ وجود نزيف دم حاد يخرج من جانب عضوه الذكري".
ويضيف ل الوكالة : في البداية اعتقدت أن النزيف طبيعي من جراء عملية الطهور، ولكن بعد مرور ساعات عدة واستمرار تدفق الدم، اصطحبت طفلي للعيادة، وعندها أخبرني الأطباء أن عملية الطهور أُجريت بشكلٍ خاطئ.
الدكتور طاهر لولو مدير مستشفى جنين الخيري واختصاصي الأطفال أكد أن الخطأ وارد وممكن في عملية "الطهور"، مشيراً إلى وجود اخطاء مقبولة ويمكن تصحيحها، واخطاء لا يمكن قبولها إطلاقاً؛ نظراً لمضاعفاتها الخطيرة والتي من بينها وفاة الطفل.
ويوضح لولو ل الوكالة أن الخطأ المقبول الذي يمكن تصحيحه يتمثل في ثلاثة حالات وهي، جرح عرق في جسم العضو الذكري للطفل ما يتسبب بنزيف، والخطأ الثاني عدم قطع الجلدة التي تغطي الحَشَفَة بشكلٍ كامل، الأمر الذي يتطلب إجراء تصحيح للطهور، والخطأ الثالث يتمثل في جرح الحشفة، وهو يتطلب تغريز الجرح وإجراء عملية تجميلية لرأس العضو الذكري.
وبين لولو أن بعض الأطباء يلجأ إلى تخدير الطفل بشكل كامل وهنا توجد احتمالية لوفاة الطفل نتيجة نقص بعض الأنزيمات، مشيراً أن ذلك الخطأ غير مبرر، ولا يجب أن يلجأ الطبيب للتخدير الكامل للطفل.
ومن الاخطاء القاتلة في الطهور هو تخدير العضو الذكري عبر الحقن وقد ينتج عنه فقدان العضو الذكري بشكل كامل، محبذاً عدم استخدام التخدير بالحقن أو التخدير الكامل للأطفال، وضرورة التنبه بعدم استخدام التخدير الكامل او الحقن إطلاقاً للأطفال ما دون 3 إلى 5 شهور.
ومن الاخطاء الواردة في عمليات الطهور، تطهير الاطفال الذين يعانون من مرض سيولة الدم المعروف علمياً بإسم (الهيموفيليا) وهو أحد أمراض الدم الوراثية الناتجة عن نقص أحد عوامل التجلط في الدم بحيث لا يتخثر دم الطفل حال حدوث نزيف، كما بين الطبيب المختص لولو.
وينصح الطبيب المختص لولو بإجراء عملية الطهور باستخدام جهاز "الكى الحرارى"، لقلة مضاعفاته على الطفل، وأخفُ عليه من الطريقة التقليدية (الموس)، ويمنع حدوث نزيف لدى الطفل.
كما ونصح المختص لولو الأهالي والأطباء بضرورة التحقق من عدم وجود أمراض وراثية عند الطفل، وإجراء عملية الطهور بعد شهر من ميلاد الطفل.
وأوضح أن القانون يسمح لخريجي بكالوريوس طلب إجراء (الطهور) على إعتبار أنها مجرد عملية بسيطة جداً لا تستغرق أكثر من دقيقة، وتشابه في بساطتها إزالة "الثالول" او علاج (Boils) الدمل.
وأمام تلك الحالة الكبيرة من الأخطاء والتشوهات في الطهور يتوجب على وزارة الصحة ضرورة تنظيم عمليات "الطهور" وتدريب كوارد وإعداد أماكن مختصة، ومحاسبة الأطباء الذين يعملون بشكلٍ عشوائي، ومتابعة شكاوى المواطنين؛ لتلاشي تلك الأخطاء التي قد تهدد ذكورية بعض الأطفال.
واستناداً إلى إحصائيات منظمة الصحة العالمية، خضع حوالي 30% من الرجال حول العالم لهذا الإجراء، بينهم 60% مسلمون، وهناك دليل بحثي قوي على أن طهور الذكور يقلل التقاطهم عدوى الإيدز بنسبة بين 38 إلى 66 % على مدى 24 شهراً.
فلسطين اليوم