موقع رام الله الاخباري :
شهدت مدينة إسطنبول التّركيّة، اليوم السبت، لقاءً مفتوحًا، بين عدد من القيادات الفلسطينيّة، تحت عنوان "تعثّر المصالحة وفرص تحقيقها"، بهدف تقريب وجهات النّظر بين الفرقاء الفلسطينيّين، لبحث فرص تحقيق المصالحة بينها على أسس مشتركة.
ونظّم اللقاء مركز رؤيا للتنمية السّياسيّة (فلسطينيّ غير حكوميّ مقرّه إسطنبول)، بحضور قيادات فلسطينيّة، أبرزهم؛ نائب رئيس المكتب السّياسيّ لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، والسّفير الفلسطينيّ لدى أنقرة، مصطفى فايد، وممثّل حركة "الجهاد الإسلاميّ" في لبنان، أبو عماد الرّفاعي، والقياديّ في الجبهة الدّيمقراطيّة، قيس أبو ليلى، وأمين سرّ المجلس الثّوريّ لحركة فتح، أمين مقبول، وعضو المكتب السّياسيّ للجبهة الشّعبيّة، وليد بركات.
وقال السّفير الفلسطينيّ، مصطفى فايد، خلال كلمته في اللقاء، إنّ "موضوع المصالحة يؤرّق كلّ المجتمع الفلسطينيّ، وبلا شكّ فإنّ في تاريخنا، الكثير من المحطّات، فيها مدّ وجزر، ولكنّ في كلّ المحطّات عزيمتنا لم تقلّ، ولا نستطيع القول بأنّ هذه المرحلة هي الصّعبة في تاريخنا، خصوصًا في ظلّ المحيط الذي نعيش به، على الصّعيدين العربيّ والإسلاميّ، إضافة إلى التّهديدات من قبل الجانب الإسرائيليّ تجاهنا، كان آخرها لليبرمان".
وأضاف أنّه "إذا نظرنا إلى واقعنا الفلسطينيّ فإنّه صعب جدًا، وما يزيد من صعوبته هو الانقسام الذي يدمّر أحلام شعبنا، واستمرار ذلك هو خيانة لدماء الشّهداء، وكلّنا أمل أنّ هذا اللقاء سيكون له مساهمات، حتّى نتّفق على أسلوب للخروج من حالة الانقسام".
من جهته قال نائب رئيس المكتب السّياسيّ لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، إنّ "الشّعب الفلسطينيّ ملّ من الحديث عن المصالحة، وهذا نتيجة المعاناة التي تعيشها المنطقة في هذا التّوقيت، وبلا شك فإنّه لا يوجد حركة وطنيّة تقبل الانقسام السّياسيّ، مع أنّه موجود هنالك انقسام في الجغرافيا، واختلاف في البرامج الوطنيّة، ويجب على الجميع أن يعيشوا في قاسم مشترك واحد".
وتابع "الشّرط البديهيّ للوحدة أن تكون هنالك رغبة حقيقيّة في الإرادة السّياسيّة، وبالتّالي فإنّ كلّ العقبات ستكون سهلة، ولا نعتقد أنّه يجب أن يتفرّد أيّ أحد في الحكم، وهذا ليس أسلوبًا صحيحًا، ولا بدّ أن يكون هنالك شراكة وطنيّة حقيقة".
وأشار أنّه "لا نستطيع القول إنّ العوامل الخارجيّة لا تؤثّر على القضيّة الفلسطينيّة، والبعض يرى أنّ المحيط البعيد هو المؤثّر الأوّل، كالأمريكان مثلًا، ولا شكّ أنّ الانشغال الكثير من دول المنطقة، التي تنشغل بعلاقات ساخنة فيما بينها، قد تصل إلى الحروب، وهذا من شأنه أن يجعل القضيّة الفلسطينيّة في أجندتها".
وأضاف أن "إسرائيل في هذه المرحلة هي المستفيد الأكبر، حتّى أصبحت لا تريد أن يتحدّث أحد في الموضوع الفلسطينيّ، بهدف تقسيم شعبه من خلال برامجها المختلفة، أو لإنهاء ما هو متاح من تسوية سياسيّة، وإبقاء القطاع في حصار، لينهك في مشاكله الدّاخليّة والحروب".
من جهته أكّد قيس أبو ليلى، عضو المكتب السّياسيّ في الجبهة الدّيمقراطيّة، أنّه "ليس هنالك خيار إلّا بإنهاء الانقسام، ولا يمكن إلغاء أيّ من الحركتين (حماس وفتح)، اللتان تشهدان شعبيّة كبيرة في الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة، قد تتراجع إحداهما قليلًا، لكن لا يمكن إلغاؤها، أو إقصاؤها".
وأشار أنّه" نحن بحوزة اتّفاقيات للمصالحة في 2011، التي عقدت في القاهرة، وهي تتناول جميع الملفّات التي من شأنها إنهاء الانقسام، ومنذ ذلك الحين تتوارى المحاولات لتنفيذ هذه الاتّفاقيات، ثم نجد أنّه لا يتمّ تنفيذها، والسّبب متعدّد الجوانب، ونحن دخلنا في السّنة العاشرة في الانقسام، وحتّى البرامج والمناهج السّياسيّة تضيق، والفجوة بين المنقسمين تتّسع أكثر فأكثر".
من جانبه، لفت ممثّل حركة "الجهاد الإسلاميّ" في لبنان، أبو عماد الرّفاعي أنّ "الانقسام أعطى للعدوّ فرصة للتوسّع في الاستيطان، والمطلوب هو انعقاد إطار قياديّ، ومنذ العام 2005، لم يجتمع الإطار القياديّ لمنظّمة التّحرير إلّا مرتين، وكأنّ مشكلة الانقسام فقط بين فتح وحماس، وباقي الأطياف السّياسيّة لا يعنيها الأمر".
وكانت العاصمة القطريّة، الدّوحة، احتضنت، في مارس/ آذار، لقاءين بين حركتي "فتح" و "حماس"، لبحث آليّات تنفيذ المصالحة، ومعالجة العراقيل التي وقفت في طريق تحقيق ذلك.
ووقّعت الحركتان في 23 نيسان/أبريل 2014، اتّفاقًا للمصالحة نصّ على تشكيل حكومة وفاق، ومن ثمّ إجراء انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة ومجلس وطنيّ بشكل متزامن.
وفي 2 حزيران/يونيو، 2014، أدّت حكومة الوفاق، اليمين الدّستوريّة أمام الرّئيس الفلسطينيّ، محمود عبّاس، غير أنّها لم تتسلّم أيًّا من مهامّها في قطاع غزّة، بسبب الخلافات السّياسيّة بين الحركتين، وسط تبادل الاتّهامات والتّراشق الإعلاميّ.
ويهدف مركز رؤية للتنمية السّياسيّة، كما يعرّف عن نفسه، إلى تنمية القدرات والإمكانيّات السّياسيّة، لدى الأفراد والجماعات والأحزاب في المنطقة، بما يخدم بناء مجتمعات ودول مدنيّة وديمقراطيّة قائمة على مبادئ حقّ تقرير المصير، والحريّة، المساواة، والكرامة الإنسانيّة، وتعميق معاني الوسطيّة والتّعدديّة والاعتدال والتّسامح، بما يساعد على نبذ العنف والتّطرّف، والمساهمة في إنجاز الشّعوب لحقوقها السّياسيّة والمدنيّة وبالذّات الشّعب الفلسطينيّ، كما يعرّف المركز نفسه.