مقدسي يحبس نفسه ببيته منعا لمصادرته

441

رام الله الإخباري

موقع رام الله الإخباري:

تتنوع صور معاناة المقدسيين؛ فرغم حلاوة العيش في المدينة المقدسة قرب المسجد الأقصى، وما يمثله ذلك من رمزية عظيمة، فإن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تهدم ذلك كله، وتفرض على المواطنين في كل مرة واقعا جديدا.

وتثبت قصة المواطن مازن قرش مساعي الاحتلال للتنغيص على كل مقدسي، فهذا المواطن حكم على نفسه بالسجن خلف قضبان منزله، خشية أن تصادره قوانين الاحتلال وتمنحه للمستوطنين؛ ومن ثم يجد نفسه مشردا في شوارع المدينة.

يواجه المقدسي قرش خطر الإخلاء من منزله الواقع في حارة السعدية في البلدة بالقدس القديمة، وبناء على ذلك فقد حكم على نفسه بألا يخرج من بيته، ليمنع اقتحامه من قبل المستوطنين الذين سيطروا على عشر غرف تشكل ثلثي البيت الذي يسكنه، بينما كان أشقاؤه في حفل زفاف أحد الأقارب.

وأقصى ما يمكن لقرش فعله هو التنقل بين غرف بيته الأربع المتبقية أو الجلوس على كرسي بلاستيكي أمام البيت الذي يعدّه أغلى من روحه، ففيه ولد وأمضى طفولته وشبابه، وبين جدرانه استقبل أبناءه الخمسة.

استئجار قديم
تسكن عائلة قرش بيتها بعقد إيجار أبرم عام 1936، حيث استأجر جد مازن البيت من عائلة فلسطينية يسكن أفرادها حاليا في الولايات المتحدة، وبعد استيلاء جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية على جزء من المنزل بطرق ملتوية في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت تطالب مستأجريه بالمغادرة مستعينة بما يسمى "قانون الحماية" الذي يخول الجمعية الاستيلاء على المنزل بعد انقضاء ثلاثة أجيال منذ استئجاره.

وفي إحدى ليالي شهر يوليو/تموز 2010 فوجئ المواطن المقدسي باقتحام المستوطنين منزل عائلته ومصادرته خلال حضورها إحدى حفلات الزفاف.

ويقول قرش إن العائلة توجهت إلى المحاكم الإسرائيلية لاسترجاع ما سيطر عليه المستوطنون، لكن القضاء الإسرائيلي لم ينصفها، مع أنها قدمت جميع الأوراق التي تثبت أن الجيل الثالث الذي تدعي الجمعية انقضاءه لم ينقض بعد، حيث حكمت ببقاء المستوطنين في الجزء المحتل وإمهال مازن حتى فبراير/شباط الماضي لإخلاء منزله.

استأنف قرش ضد هذا القرار، لكن المحكمة عادت وأمرت بإخلائه من منزله خلال شهر يونيو/حزيران المقبل، وفرضت عليه غرامة قيمتها 54 ألف دولار أميركي تعويضا للمستوطنين عن ستة سنوات سكنها في المنزل بدلا من المستوطنين.

وتخيم حالة من الخوف والقلق على المقدسي قرش؛ فهو لا يعرف كيف ستكون حاله لو نفذت المحكمة العليا قرار الإخلاء، لكنه يعتزم نصب خيمة للإقامة فيها قبالة المنزل.

مقاومة بالعَلم
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أنه لا يستطيع فعل شيء، وأنه لا أحد يتحمل رؤية عدوه في بيته ويرفع علم كيانه فوقه، ثم يهدده في كل لحظه بطرده، حيث يقول "قمت بوضع العلم الفلسطيني مقابل علمهم، إلا أنه لا يكفي لإطفاء النار التي في قلبي".

ولا تختلف حال الابن ثائر عن حال والده، فهو لم يحضر حفل زفاف شقيقته الوحيدة، حتى لا يترك المنزل فارغا ولقمة سائغة للمستوطنين.

وتمكنت جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية من السيطرة على ثمانية بيوت في حارة السعدية بالبلدة القديمة من القدس، كان آخرها منزل فاروق اليوزباشي في شهر مايو/أيار الحالي، الذي يعتقد بأنه سرب للمستوطنين، ليصل بذلك عدد البؤر الاستيطانية في بلدة القدس القديمة إلى 71 بؤرة موزعة في الحيين الإسلامي والمسيحي، ويسكن بها نحو خمسمئة مستوطن.

الجزيرة نت