موقع رام الله الاخباري :
تفيد إحصائيات وزارة العمل أن حوالي 60 ألف عامل من الفلسطينيين العاملين داخل أراضي الـ1948 يحملون تصاريح عمل، مشمولون بحكم بروتوكول باريس الاقتصادي بالتأمين الصحي الحكومي الفلسطيني، في حين لا تلتزم إسرائيل بتحويل أي من الأموال التي تقتطعها من رواتبهم لهذا الغرض، وكذلك الاقتطاعات الضريبية الأخرى.
ويعتمد الفلسطينيون والإسرائيليون على بروتوكول باريس الناظم للعلاقة الاقتصادية بينهما، وينص على جملة من الالتزامات والمستحقات التي تقع على عاتق كل طرف تجاه العمال، ومن أهم هذه المستحقات المفترض أن تحول للحكومة الفلسطينية بشكل دوري ومباشر، العائدات الضريبية المستقطعة، إضافة إلى رسوم طابع التأمين الصحي، الذي تحصله إسرائيل من العمال الفلسطينيين.
واقع الحال يقول إن تعامل الجانب الإسرائيلي مع هذا الملف جعل الحكومة الفلسطينية المتضرر الأكبر، سواء نتيجة التلاعب في هذه المستحقات، أو لعدم تحويل ما تجبيه إسرائيل، لخزينتها.
ويبقى رسوم التأمين الصحي، مثالا صارخا على هذا التلاعب، الذي يصل حد السرقة، إذ تقوم إسرائيل باستقطاع 93 شيقلا شهريا من كل عامل داخل أراضي الـ48، على أن يتم تحويل هذه المستقطعات إلى الحكومة الفلسطينية التي تقوم هي بدورها بشمل هؤلاء العمال في التأمين الصحي الحكومي، لكن هذه الأموال لا تحول، بينما تقوم الحكومة بتغطية العلاج لهؤلاء العمال وأسرهم.
وقال مدير عام التشغيل في وزارة العمل رامي مهداوي، إن التأمين الصحي الفلسطيني يشمل حوالي 60 ألف عامل توفر الحكومة لهم كامل خدمات العلاج كبقية المشتركين في التأمين الصحي الحكومي، فيما تحتجز إسرائيل اقتطاعاتهم لهذا الغرض منذ سنوات، موضحا أن رسوم التأمين الصحي لهؤلاء العمال بلغ في العام 2015 حوالي 56 مليون شيقل.
من جهته، أوضح مسؤول ملف العاملين الفلسطينيين داخل أراضي الـ48 في الوزارة، عبد الكريم مرداوي، أن القانون الإسرائيلي أتاح للمشغل الإسرائيلي التلاعب بحقوق العمال، من خلال إعطائه الحق بالإفصاح عن أيام العمل الفعلية للعامل الفلسطيني، ونتيجة لذلك هنالك ما يقارب أربعة آلاف عامل فلسطيني داخل أراضي الـ48 لا يتم استيفاء طابع تأمين صحي منهم، بسبب قيام المشغل الإسرائيلي بالتصريح بأيام عمل أقل من سبعة أيام ونصف اليوم في الشهر، الأمر الذي يفقدهم حسب القانون الحق بالتأمين الصحي.
وينص القانون الإسرائيلي على أنه "يتم استقطاع رسم طابع التأمين الصحي في حال أن العامل عمل سبعة أيام ونصف اليوم عمل فأكثر خلال الشهر، وما دون ذلك لا يستوفى منهم هذا الرسم"، بالتالي هو غير مؤمن صحيا، إلا أن الحكومة الفلسطينية ورغم ذلك قامت بشمل هؤلاء ضمن التأمين الصحي برسوم مخفضة تصل إلى 50 شيقلا شهريا.
وأضاف مرداوي أن الضريبة مستحق آخر للحكومة الفلسطينية يجري التلاعب به وتجفيفه من الجانب الإسرائيلي، إذ لم تقف آثار تلاعب المشغل الاسرائيلي بالإفصاح عن أيام العمل الحقيقية للعامل الفلسطيني عند حد فقدان جزء منهم للتأمين الصحي، بل تعدت آثاره إلى عديد الجوانب منها الجزء المتعلق بالضريبة، فقيام المشغل الاسرائيلي بالإفصاح عن أيام عمل أقل من أيام العمل الحقيقية للعامل الفلسطيني يمنع وصول العامل الفلسطيني الى سنة العمل الكاملة (300) يوم عمل حسب القانون الإسرائيلي، حيث يصرح بأن الغالبية العظمى من العمال الفلسطينيين يعملون دون ذلك، وفي أفضل الحالات يسجل لهم 240 يوم عمل في السنة بواقع 20 يوم عمل شهريا، وفي هذه الحالة يستحق العامل أجرا يوميا بمقدار 186 شيقلا، وهو دون الحد الأدنى للأجور في إسرائيل البالغ 4650 شيقلا.
وأشار إلى أن 90% من العمال الفلسطينيين داخل أراضي الـ48 يتلقون أجرا دون الحد الادنى للأجور، وحسب نظام الشرائح المطبق بإسرائيل فإنهم يقعون ضمن الشريحة الأولى (1 شيقل – 5270 شيقلا)، بنسبة ضريبة 10%، الا أنه لا يتم استيفاء ضريبة منهم بسبب ما يعرف بنقاط الاستحقاق وفق قانون ضريبة الدخل الجديد المطبق في إسرائيل، وهو عبارة عن مبلغ يخصم من ضريبة الدخل المفروضة على العامل، بهدف تخفيض قيمة الضريبة المدفوعة، بحيث يحق لكل عامل الحصول على 2.25 نقطة استحقاق قيمتها 218 شيقلا لعام 2015.
ويرتبط تحديد هذه النقاط بعدة أمور، منها عدد أفراد الأسرة، ووجود معاقين بين أفرادها، ووجود بيت مستأجر .. الخ، وتبلغ قيمة نقاط الاستحقاق كاملة للعامل الفلسطيني 2616 شيقلا شهريا تعفى من الضريبة، والمتبقي يعتبر ضريبة دخل يجب أن تحول للحكومة الفلسطينية، ولكن في ظل تمركز ما يزيد عن 90% من العمال الفلسطينيين ضمن الشريحة الأولى، التي غالبا ما تكون فيها الفوارق بين مبلغ الضريبة وقيمة نقاط الاستحقاق إما صفرا أو بالسالب، الأمر الذي يعني أن الخصم الضريبي على عمال هذه الشريحة هو صفر، فإن المحصلة أن لا عائدات لضريبة الدخل على ما يقارب 90% من العمال.
ويلقي استمرار اسرائيل باحتجاز مستحقات الفلسطينيين المترتبة على هذا الملف، وإبقاء احتسابها رهنا بإفصاح المشغل الإسرائيلي عن أيام العمل للعامل الفلسطيني، وتوفير غطاء قانوني لهذا التلاعب، أعباء إضافية على كاهل الحكومة الفلسطينية، التي تتحمل تكاليف التأمينات الصحية كاملة لما يقارب 60 ألف عامل، دون الحصول على أية رسوم، إضافة إلى ضياع مبالغ ضريبة الدخل.
وقال مهداوي إن وزارة العمل، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، تعمل حاليا على إعداد ملف متكامل حول كافة الحقوق الفلسطينية المتعلقة بالعمال داخل أراضي الـ48، سيتم الانتهاء منه قريبا، إضافة إلى سعي الوزارة إلى وضع حد لتلاعب المشغلين الإسرائيليين بعدد أيام العمل للعامل الفلسطيني.
وأضاف ان وزارة العمل طلبت من الجانب الإسرائيلي اعتماد بصمة العامل عند دخوله المعبر كمؤشر على عدد أيام العمل، وأن يتم ربطها مع دائرة الدفع في وزارة الداخلية الإسرائيلية كونها الجهة المسؤولة عن متابعة العمال، إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يتجاوب حتى الآن.
وكثر الحديث، في الفترة الأخيرة، حول ملف العمال الفلسطينيين داخل أراضي الـ48، لأسباب عدة، فجانب من الذين يتناولون هذا الملف يرون فيه فرصة للاستفادة والإساءة، مثيرين جملة من التخوفات لدى العامل الفلسطيني، حول حقوقه ومستقبل هذه الحقوق، وان هنالك من يتربص بهذه الحقوق ويسعى للسيطرة عليها، مستغلين بذلك ما يثيرونه من تخوفات خاصة في ظل عدم إدراك جزء كبير من العمال لهذه الحقوق وكيفية التعامل معها.
وحذرت وزارة العمل جمهور العمال من الوقوع ضحية لمثل هؤلاء، وعدم الانسياق وراء هذه الادعاءات الكاذبة والخادعة، التي بدأت تظهر على شكل إعلانات من قبل بعض المحامين، يعرضون من خلالها خدماتهم لضمان تحصيل هذه الحقوق مقابل مبالغ ماليه.
وأكدت أنها تقدم هذه الخدمات بشكل رسمي وقانوني دون مقابل، وأن علاقة أي طرف ثالث في هذا الموضوع لا أثر لها سوى ما يخسره العامل من أموال ستدفع لهؤلاء المحامين بغير وجه حق، وما على العامل الذي يرغب بالحصول على مستحقاته سوى تعبئة النموذج الخاص بذلك لدى وزارة العمل، والتي تقوم بدورها بمتابعته لدى الجانب الإسرائيلي، وعند انتهائه تحول هذه المستحقات مباشرة إلى حساب العامل البنكي.