رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري - بعيدا عن القطيع الإسرائيلي وعشية الذكرى السنوية للنكبة الفلسطينية يؤكد مؤرخ وصحافي إسرائيلي بارز أن إعدام الشاب عبد الفتاح الشريف من الخليل هو استمرار مباشر لمجازر ارتكبتها الصهيونية منذ 1948. ويستذكر المؤرخ يتسحاق ليؤور، في «هآرتس» أمس انه في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1948، خرج الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية خاطفة باسم «حيرام» لاحتلال الجليل. وكان الهدف منها طرد بقية «جيش الانقاذ» بقيادة القاوقجي واستكمال احتلال شمال فلسطين رغم أنها تقع ضمن مساحة الدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم.
ويقول ليؤور في مقال مطول إنه في وصف العملية يبرز مصطلح «العملية الأكثر تركيبا» (مدفعية، سلاح مشاة، مدرعات وطائرات حربية). وفي المؤخرة فقط يظهر التطهير العرقي للفلسطينيين، الكثير من سكان الجليل. ويؤكد بلغة مباشرة ارتكاب الفظائع من قبل «جيش قوي « لم يواجه أي مشكلة في احتلال المناطق حتى من دون ارتكاب مذابح خدمة للخطة الشاملة. ويتابع «الحقيقة هي أنهم حرصوا فقط على إبادة قرى المسلمين لدفع البقية إلى العرب».
انتشرت الأنباء عن فظائع الجليل بسرعة. وفي حينه كان بعض القادة، بما في ذلك قادة الجبهة ينتمون إلى الحزب ذاته «مبام» الذي طلب تقريرا من المؤسسة الأمنية حول ما يجري. ويكشف المؤرخ الإسرائيلي استنادا لأرشيفات صهيونية أن يسرائيل جليلي، عضو الحزب وأحد رؤساء تلك المؤسسة، قدم في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني عرضا أمام اللجنة السياسية لحزب «مبام»، فقط حول ما فعله اللواء السابع، وليس الفظائع الأخرى التي ارتكبت في قرية الصفصاف (تقوم عليها اليوم بلدة صفصوفة اليهودية، إذ تم ربط 52 رجلا بحبل، والقاؤهم في بئر قبل إطلاق النار عليهم.. ارتكاب 3 حالات اغتصاب، بينها طفلة عمرها 14 سنة.
«أما قرية الجش المجاورة فقد شهدت «قتل امرأة وطفلة و11 آخرين»، وكذلك جارتهما قرية سعسع شهدت «قتلا جماعيا رغم أن السكان رفعوا الأعلام البيضاء وأعدوا وليمة للجيش. وتم طرد كل سكان القرية. «وهكذا في قرية صالحة (اليوم تقوم هناك مستوطنتا افيفيم ويار أون). وفي هذه القربة تم «تفجير 94 شخصا مع البيت».
وحول كتابة بعض المؤرخين الجدد عن هذه الجرائم يقول ليؤور بجرأة معهودة إن المؤرخ الإسرائيلي أمريكي الأصل بيني موريس استخرج هذه التفاصيل من الأرشيف، ووصف مذابح أخرى لكن عنصريته ساعدته على تطهير قسم من الادعاءات بواسطة استخدامه (المتكرر) لـ«الخيال الشرقي» في زعم وكأن الفلسطينيين بالغوا بوصف المذابح. كما يدحض ليؤور مزاعم صهيونية تقليدية لتبرير جرائم الصهيونية وكأن هذا أمر طبيعي في الحروب أو نتيجة الخطر الوجودي»، فيقول «لكن خطر الوجود كذريعة لم يعد قائما آنذاك بالنسبة للجيش ودافيد بن غوريون.
وأضاف «وقف زعيم المفدال، موشيه شبيرا، على رأس المنتقدين. وطالب وزير الأقليات، بيخور شطريت، بدعم من مبام، بإعادة اللاجئين من قرية عيلبون المسيحية من لبنان. وبالفعل عاد من كان مرضيا عنهم من لاجئي عيلبون، أما البقية، كل المذبوحين وعشرات الآلاف من اللاجئين، فقد غطت عليهم اللغة العبرية بالأساطير، بالذرائع وبكثير من الأكاذيب».
وينبه إلى أن التفاصيل معروفة منذ أكثر من ربع قرن لكل من يرغب في القراءة، «ولا يفترض فيها ان تفسد احتفالات يوم الاستقلال.. لا أنسى احتفالات والدي، كشخصين تركا اوروبا في الوقت المناسب». ويضيف» انا أنشرها هنا في سياق قضية الجندي اليؤور أزاريا، الذي يحاكم في المحكمة العسكرية بعدما قتل عبد الفتاح الشريف».
ويوضح المؤرخ الإسرائيلي أن المذابح التي وقعت في خريف 1948، التي لم يحاكم أحد بسببها، يجب تذكرها في ضوء ادعاء «دائما فعلوا ذلك، وازاريا فقط، بسبب أصله الشرقي، يتعرض للهجوم». ويتابع «طالما استرخصوا الدم العربي وما يجمعهم معا هي محاولة تحويل القتل في الخليل إلى «شجار بين طوائف».
ويدعو ليؤور الإسرائيليين للإصغاء إلى أصوات المدفونين او تعقب نشاط جمعية «ذاكرات» بل وحتى استخدام التطبيق الممتاز الذي أطلقته، من أجل معرفة الأماكن الفلسطينية الصامتة تحت أقدامنا الراقصة» وذلك في إشارة للقرى المدمرة منذ نكبة 1948.
ويبرر دعوته هذه بالقول إنه من غير الممكن للمجتمع الإسرائيلي العيش من دون محاسبة ماضيه، لافتا إلى أن الجرائم التي اقيمت عليها إسرائيل تواصل جبي الضحايا، ومنح المبررات للمجرمين وأن سلطة القانون لا يمكنها القيام على العجز المتواصل لإنكار السابق، وثقافة «التحقيقات الدرامية» حول حالات شخصية، تزيد من حجم المشاهدة، وتزيد من تقليص قيمة الدم العربي.
ويذهب بالمقارنات بعيدا بالقول إن ما فعله الأمريكيون والأستراليون بشأن ماضيهم الاستعماري، يمكن ان يفعله الإسرائيليون، مستذكرا أنه لا توجد سلطة قانون بدون قانون شامل. هنا فقط تبدأ سلطة القانون الذي لم يحفر في حياتنا حتى الآن، ويواصل هدر دماء العرب. في هذه الأثناء يقتلون العرب ويحصلون على البراءة والطهارة.
وكالات