هل ستعمر إسرائيل 100 عام؟

EvapPMg

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

سوف يصبح عمر إسرائيل 68 عاماً في الشهر المقبل، فهل ستندثر إسرائيل؟ وهل ستحول الديموغرافية السيئة والجيران السيئون والسلوك الإسرائيلي سيئ الفكرة التي كانت ذات مرة مثالية وآملة بوجود دولة يهودية ديمقراطية مزدهرة إلى إسبارطة شرق أوسطية حقيقية -معزولة في المجتمع الدولي، والتي تكافح من أجل البقاء في منطقة معادية، حتى بينما تحتل أغلبية فلسطينية قلقة ومتنامية؟

لأنني عملت في الموضوع الإسرائيلي مع نصف دزينة من وزراء الخارجية الأميركيين، فإنني لا أريد بالتأكيد أن أقلل من التحديات التي يواجهها الإسرائيليون في الوطن والخارج على حد سواء.

ومع ذلك -وأعترف مقدماً بأن وجهة النظر من واشنطن العاصمة ليست مثلها من القدس- فإنني مقتنع أكثر من أي وقت مضى بأن إسرائيل قد وجدت هنا لتبقى. وقد لا أكون على قيد الحياة لأشهد الذكرى المئوية لقيام إسرائيل. لكن الإسرائيليين سيكونون هناك. وهذه هي الأسباب.

- دولة عاملة إلى حد كبير:

تنصهر المنطقة التي تعيش فيها إسرائيل بمعدل ما كان ليتوقعه أحد. وفي الحقيقة، إذا كانت هناك أي أعمال من اختفاء الدولة، فإنها ربما تكون في الجانب العربي وليس الجانب الإسرائيلي. وتنقسم دول مثل ليبيا واليمن وسورية، بينما الدول غير العاملة مثل العراق ولبنان ومصر مثقلة بالتحديات السياسية والاقتصادية والمتعلقة بالهوية، ولا تستطيع التغلب عليها. وباختصار، باستثناء الملكيات العربية، هناك جزء كبير من العالم العربي، بما في ذلك العديد من خصوم إسرائيل التقليديين، خرج على السكة.

ومن جهة أخرى، وحتى مع كل مشاكلها، فإن دول المنطقة الثلاث غير العربية -إسرائيل وتركيا وإيران- ربما تكون هي الكيانات العاملة أكثر ما يكون في المنطقة. كلها مستقرة محلياً؛ وكلها تتمتع بقوة اقتصادية هائلة؛ وكلها قادرة على عرض قوتها في المنطقة. ومن بين هذه الدول الثلاث، تتوافر إسرائيل أكثر بكثير على أفضل توازن في القوى العسكرية والاقتصادية والبراعة التقنية الفائقة، وقوة الأدمغة.

ويبدو من المرجح أن تحافظ هذه الدولة على هذه الميزة في المستقبل المنظور. ووفق أي معيار مهم، فإن إسرائيل تسبق المنطقة وكثيراً من باقي العالم بهوامش واسعة من حيث إجمالي الناتج القومي والأصول التعليمية وحصتها من جوائز نوبل؛ وحتى في المرتبة على مؤشر السعادة العالمي.

- البيئة الأمنية أكثر مواتاة من أي وقت سابق:

فلنقارب بين الحالة التي تواجهها إسرائيل في العام 2016 وبين أي فترة أخرى منذ تأسيس الدولة، وسيكون هناك القليل من الشك في أن البلد هو أقوى وأكثر أمناً ويتمتع بتفوق عسكري نوعي أكثر من أي وقت سابق مر به.

وزيادة على ذلك، وباستثناء إسرائيل، فقد أصبح أعداؤها التقليديون أضعف، وهم يتخلفون أبعد خلفها في غمرة تشتتهم.ولا شك أن الوضع بعيد عن الكمال بطبيعة الحال، ولا توجد ضمانات بأنه سيدوم طويلاً. فبعد كل شيء، هذا هو الشرق الأوسط. ويواجه الإسرائيليون سلسلة متلاحقة من الهجمات الفردية التي يشنها شباب فلسطينيون في القدس والضفة الغربية، بالإضافة إلى المزيد من تهديد الإرهاب من مجموعات مثل حزب الله وحماس وداعش في سيناء. لكن هذا لا يشكل تهديدات أمنية وجودية للدولة.

فقد تم إيقاف سعي إيران المزعوم للحصول على سلاح نووي في الوقت الراهن. وهناك تعاون وظيفي وروابط متحسنة مع تركيا، وعلاقات وثيقة مع مصر، واصطفاف مصالح متزايد مع العربية السعودية ضد إيران، وهي أمور تشير كلها إلى تخفيف الحساسية تجاه إسرائيل.
- العلاقة الإسرائيلية-الأميركية:

لا جدال في أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة مرت بأوقات قاسية جداً. ومع ذلك، وعلى الرغم من العلاقة غير العاملة بين الرئيس باراك أوباما وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تحتفظان برابط علاقات وثيق على نحو استثنائي.

ويتفاوض البلدان راهناً على التوصل إلى اتفاقية ترتيبات أمنية أخرى لمدة عشرة أعوام، والتي من شأنها زيادة المساعدات الأميركية لإسرائيل، بينما تعهد العديد من المرشحين الرئاسيين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء بتوجيه دعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن في وقت مبكر من رئاسة الفائز منهم.

لا يغيب عن البال حقيقة أن التوترات بسبب القضية الفلسطينية غير المحلولة سوف تستمر. وحتى في الجانب الجمهوري، سيجد الرئيس التالي في نتنياهو شريكاً صعباً. ومع ذلك، وفي منطقة حيث لا توجد فيها ديمقراطية عربية واحدة، وحيث إيران في صعود، وحيث ثمة تهديدات من جهاديين عابرين للقوميات، فإن من المؤكد تقريباً أن تستمر

واشنطن في النظر إلى إسرائيل كحليف في منطقة مضطربة وعنيفة. وفي الحقيقة، فإن شرقاً أوسط قيد الانصهار سيوفر أفضل مجموعة من نقاط الحديث من أجل استمرار العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن شأن التهديد بهجمات إرهابية كبيرة على التراب الأميركي في الأعوام المقبلة أن يؤكد أكثر على مدى التشارك في التحديات التي تواجه كلا البلدين، حتى بالرغم من أن هناك مواضيع أخرى تفرقهما.

ليس السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت دولة إسرائيل ستكون موجودة عندما يبلغ عمرها 100 عام، وإنما هو ما هو نوع الدولة الذي ستكون عليه في ذلك الحين. والكثير بالطبع على كيف ستجلى البعدان الخاصان بالموضوع الفلسطيني، واللذان يهددان استقرار وأمن إسرائيل وشخصيتها الديمقراطية والديموغرافية. هل من الممكن دمج أقلية قومية

قوامها 1.7 مليون مواطن فلسطيني، ويكون هناك استعداد أكبر لقبولهم في كيان إسرائيلي مستند إلى مفهوم الدولة اليهودية؟ ثانياً، هل من الممكن إيجاد حل مستدام للتطلعات الوطنية لفلسطينيي الضفة الغربية وغزة الذين يعيشون في الأراضي التي إما تحتاجها إسرائيل أو تسيطر عليها بدرجات متفاوتة؟

ثلاثون سنة وزيادة قبل بلوغ المئوية، من المستحيل الإجابة عن هذه الأسئلة، كما أن الصعوبات التي تعترض حلها في أي وقت قريب كبيرة في الحقيقة. ومع ذلك، ليست

إسرائيل -التي ستدخل قريباً عقدها السابع- قطعة سيئة الطالع من الخشب الطافية بلا هدف في بحر متلاطم الأمواج. إنها دولة عاملة بتفوق، والتي لديها مؤسسة قوية وموارد بشرية استثنائية وقدرة واضحة على التعامل مع تحدياتها الأمنية وجيران يبدون أنهم يصبحون أضعف وليس أقوى.

سوف تبلغ إسرائيل المائة عام ولديها العديد من الأسباب الجيدة للاحتفاء بميلادها المئوي. لكن جيران إسرائيل والتحديات المرجح أن تبقى، لن تجعلا من ذلك مناسبة سعيدة تماماً، ولن تسمح للإسرائيليين بالتمتع بها على الوجه الأكمل.

صحيفة الغد الأردنية