رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري :
في خطوة مفاجئة يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلالها لتحطيم آمال الأسرى وعائلاتهم، يواجه أبنائهم الأطفال من النطف المهربة رفض دولة الاحتلال استصدار أرقام هويات لهم، ما يحرمهم من زيارة ذويهم في سجون الاحتلال، أو حتى السفر للخارج.
تسعة أطفال أبصروا النور في قطاع غزة لستة أسرى لا يزالون معتقلين في سجون الاحتلال، يكبرون عاما تلو الآخر، بينما لا يزال آباؤهم في الأسر، يقضون المؤبدات وعشرات السنين خلف قضبان الحديد.
والد الأسير فهمي أبو صلاح المحكوم 22 عاما، أمضى 9 أعوام منها، عبر عن استغرابه من منع سلطات الاحتلال إصدار رقم هوية لحفيده الطفل أسعد (عامين ونصف)، الذي ولد بعيد تهريب نطفة مهرّبة من داخل السجن.
ووصف أبو صلاح هذا الإجراء بـ"الحرمان الإنساني"، قائلاً: "لم يكتفوا باعتقال الأب، واعتقال أبناء شعبنا، إنما يريدون أن يحرموا هؤلاء الأطفال من عناق آبائهم".
وأضاف لـ"وفـــا "بالرغم من طريقة تهريب النطفة، إلا أن هذه قضية إنسانية، ولكن الاحتلال يتعمد حرمان الأسرى، وعقابهم بمنع أطفالهم من الحصول على رقم وطني"، مضيفا "هذا استمرار لاحتلال الأرض، والإنسان".
وعلى الرغم من أن تهريب النطف يشكل انجازا للأسرى، ولذويهم، ومثالا إنسانيا في البحث عن الحياة، والأمل، والحرية، وخطوة تغلبت على قيود السجان، إلا أنها اصطدمت بإجراءات عقابية مشددة، عندما منعت قوات الاحتلال هؤلاء الأطفال من حقهم في بطاقة الهوية، والاعتراف بشهادات الميلاد، كما تمنعهم من زيارة آبائهم داخل السجون.
الباحث في شؤون الأسرى الأسير المحرر رأفت حمدونة يقول لـ"وفا" "سفراء الحرية، أطفال النطف المهربة، الإنجاب من داخل السجون، جميعها مسميات تدل على أحدث معركة إنسانية مستجدة لصناعة الحياة، حكاية بدأت بفكرة، وانتهت بحقيقة رغم كل قيود الاحتلال، ومعركة اعتمدت على حرب الأدمغة بين الأسرى والسجان، قوامها التطلع للحياة بعين متفائلة، وأبطالها أناس مظلومون عزَّل امتلكوا سلاح الإرادة والصمود، والأمل بالمستقبل".
ويتابع حمدونة "يفكرون، ويخططون، ويبتكرون، ويبدعون، في وجه إدارة ظلامية تألقت في صناعة الموت، ورغم كل الممارسات، والقيود، والوسائل الأمنية أخفقت في كسر إرادة الأسرى، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية بالإنجاب، وتحقيق غريزة الأبوة مثل باقي البشر".
وأضاف "ظاهرة تهريب النطف برزت في أوساط الأسرى المتزوجين، ومن أمضوا فترات طويلة، ومن ذوي الأحكام العالية، وممن حرموا من تكوين أسر، وإنجاب ذريه، بسبب اعتقالهم".
وأشار إلى أن "الاحصائيات الأخيرة تفيد بما نسبته 30-40 % من الأسرى في سجون الاحتلال هم متزوجون، ما يعني أن العقوبة ستكون مضاعفة مرات بحقه، وبحق زوجته، بالإضافة لعائلته، وبهذا سيقع العقاب على ما ليس له أي جانب في الفعل، خاصة على الزوجة التي تشعر بالوحدة، بسبب غياب الزوج لسنوات طويلة، ما جعل عددا من الأسرى يقررون القيام بتهريب نطفهم خارج السجن عبر طرق وأساليب لا تخطر على بال بشر، من أجل الحصول على ذرية، وتكوين أسر وبناء حياة عائليه، رغم الغياب القصرى عن المجتمع".
ويستدرك أبو صلاح، "أن الأمل والفرحة لم تغب عنهم ولو للحظة"، مبيناً أنه عندما نجح في تهريب نطفة "شعرنا أن فهمي أصبح حراً، وعندما ولد ابنه، شعرنا بالفعل أنه تنسم الحرية، وصار والده بيينا، وشعر هو أنه حتى لو كان محكوماً مليون سنة، فإنه أنجب طفله رغم أنف المحتل، وصار أبا، وحياته تبقى مستمرة، ونضاله كذلك".
وطالب والد الأسير أبو صلاح المؤسسات الدولية، خاصة الحقوقية، برفع قضايا على الاحتلال الإسرائيلي للسماح للأطفال الأسرى بزيارة آبائهم داخل السجون، والإفراج عن الأسرى"، متسائلا: لماذا يحرم الأطفال من زيارة آبائهم والحصول على رقم وطني وشهادة ميلاد؟
أما محمد شقيق الأسير أحمد السكني ( 38عاما) المحكوم بالمؤبد مدى الحياة، رفض هو الآخر قرار الاحتلال بحرمان أطفال النطف المهربة من الحصول على رقم هوية، وقال لـ"وفا": إن عقاب الأسير بمنع أطفاله من زيارته، لن يثني أهالي الأسرى عن النضال لتحريرهم من خلف قضبان السجون".
وأكد محمد لـ"وفا"، أن زوجة شقيقه حرمها الاحتلال من الحصول على رقم هوية في الأساس، وحرمها من زيارة زوجها منذ 14عاما في السجون، وهما رزقا بتوأم من نطفه مهربة.
وقال السكني والغضب في عينيه "الآن لم يسمحوا لأطفال الأسرى من زيارة آبائهم دون ذنب اقترفوه، سوى أنهم ولدوا بنطف مهربة على الحياة وآبائهم داخل السجون".
ولفت إلا أن "الاحتلال معروف بعنجهيته، وإجراءاته القمعية وحرمانه للأهالي من زيارة أبنائهم في السجون"، قائلاً:" توفي نجل أخي أحمد طارق رحمه الله في حادث سير، دون أن يرى والده، رغم الحاحه وهو على فراش الموت بالسؤال عن والده، وأنه يريد أن يراه".
ودعا السكني كافة المؤسسات الدولية وحقوق الإنسان وكافة الجهات المعنية بالعمل على "فضح جرائم الاحتلال"، معتبرا هذا القرار "جريمة بحق الإنسانية".
وعبرت زوجة الأسير محمد السكني عن فخرها بوجود التوأم، مشيرة إلى أن الفرحة ملأت البيت من جديد".
من جهته، مدير مؤسسة أنصار الأسرى في غزة جمال فروانة وصف هذا الإجراء الذي اتخذته سلطات الاحتلال قبل أشهر "بالتعسفي، ومنافٍ للقوانين والمواثيق الدولية، التي تنص على ضرورة أن يكون هناك زيارات منتظمة للأهالي لأبنائهم في داخل السجون".
وقال لـ"وفا": "هذا الأمر منافٍ، خاصة اننا نتحدث عن أطفال صغار يجب أن يزوروا آباءهم، وبالتالي من حقهم الحصول على شهادات ميلاد، حتى يتمكنوا من زيارتهم ورؤيتهم".
وحول مطالبة المؤسسات الدولية والحقوقية، قال فروانة:"تحركنا بالتنسيق مع المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، وهناك جهد يبذل في هذا الموضوع، بالتعاون مع المؤسسات الدولية، معربا عن أمله بإحراز تقدم في هذه القضية، خاصة أن هناك تعاطفا دوليا، وحقوقيا، وقانونيا مع هذا الجانب، تحديدا عند الحديث عن أطفال صغار يريدون زيارة آبائهم، أو يريد الآباء رؤية أبنائهم".
ويقول متخصصون بشؤون الأسرى "إن سلطات الاحتلال لا تتوانى عن ممارسة أي أسلوب، بهدف التضييق على الأسرى وعائلاتهم، في سبيل النيل من عزيمتهم، وإحباط مجتمعنا الفلسطيني".
وفا