موقع رام الله الاخباري :
تحت هذا العنوان تكتب ايريس لعال، في "هآرتس" ان الكشف عن ان الجرائم ضد العرب كانت شائعة في عام 1951 ايضا، لم يكن مفاجئا بشكل تام. منذ جلسة الحكومة قبل 66 سنة، التي اقتبس غيدي فايتس بروتوكولاتها (هآرتس 1.4.16)، لم تحدث تغييرات جوهرية في الصراع. لا في حياتنا، كما في الحالة المزمنة التي تتفاقم بين الحين والآخر الى مقاييس قاتلة. ولذلك من الطبيعي ان نواجه اليوم ذات المعضلات الاخلاقية التي اقلقت الحكومة آنذاك. لكن المثير لليأس هي وجهة النظر المختلفة في جوهرها.
من المناسب العودة لفحص كيف نظر رئيس الحكومة في حينه، دافيد بن غوريون، الى المسألة: "بشكل عام، من يحمل السلاح في يده يقوم باستخدامه، وخاصة الآن حين يوجد لدينا مهاجرون وكذلك من ابناء البلاد، الذين يعتقدون ان قتل العربي يعتبر وصية، وان ما تدعيه السلطات ضد قتل العرب، ليس جديا، وانما مجرد تظاهر بأنه يمنع قتل العرب، لكن، هذا العمل يلقى ترحيبا لأنه سيؤدي الى تقليص عدد العرب في البلاد".
بن غوريون يصف الأجواء التي سادت في سنوات ما بعد حرب الاستقلال، ويوفر لنا تفسيرا يلائم ايامنا هذه: نزع انسانية الشعب العربي هو الذي سمح للمواطنين بتجاهل معاناته وللجنود بتعميقها. لقد اعتبروا بمثابة "كلب، والوصية هي قتل الكلب الضال". قراءة بروتوكولات جلسة الحكومة، يشير الى الاهمية الثقيلة التي نظر من خلالها اعضاء الحكومة، بعد سنوات من الكارثة، الى مهامهم كمصممين للأخلاق.
حول التفسير المختلف لرئيس الحكومة الحالي لمسؤولياته ولواجباته، يمكن لنا ان نتعلم من قضية الجندي الذي اطلق النار على المخرب الجريح في الخليل، ومن المحادثة الهاتفية التي اجراها مع والد الجندي: " جنودنا يقفون في الأشهر الأخيرة بشجاعة وبإصرار امام الهجمات الارهابية وامام قتلة يأتون لقتلهم" شرح نتنياهو فيما كانت تنبعث من حنجرته اصوات الغوغاء. "وانا متأكد من ان الفحص يأخذ في الاعتبار كل هذه الظروف. انا مقتنع بأنها ستكون مهنية وعادلة بحق ابنك". في كلمات نتنياهو هذه يستتر الوعد بأنه سيستخدم بشكل سخي كل الظروف المسهلة التي وصفها على مسمع الأب.
لقد اختار رئيس الحكومة الأول تركيز انتقاده لجنوده من خلال الاعتراف بأنه يجب عليه تثقيف شعبه فقط، بينما يحرر نتنياهو جنود الجيش من الانتقاد، حين يعرض واقعا يعتبرهم ضحايا للظروف دون الاعتراف بمسؤوليته عن وجودها.
بين الدعوتين المختلفتين، للواقع المتشابه، يكمن تفسير الوجه البشع للمجتمع الاسرائيلي اليوم. في الفجوة العميقة التي حفرت بين هذين القطبين الاخلاقيين، يمكن العثور على "الظل" وعلى "بطاقة الثمن"، وحاخامات ييشاع، وعضو الكنيست بتسلئيل سموطريتش. على هذا الطبق البتري الأخلاقي، ازدهرت خلال العقدين الأخيرين فطريات وجراثيم، تسببت بانهيار الجهاز البيولوجي والروحاني للمجتمع الاسرائيلي.
الأمور تنطوي على اتجاه مزعج لتكرار ذاتها بالشكل ذاته، ونحن حكم علينا، كشعوب، وكثقافات وكأفراد، بالتحرك مرة تلو الأخرى، على ذات المسارات. ولكن حتى ان كان كل شيء متوقعا، فانه لا يزال يسمح بالأمر، وفي عهد نتنياهو شهد عودة الى المهجر، بعيدا عن الوطن الأخلاقي للشعب اليهودي. على الرغم من أن لدينا الآن اقليم، لكننا لا نملك مسكنا يلائم الروح.