الفضاء.. ازدحام بلا حدود

1-827875

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

بدأ الفضاء الخارجي يعاني مؤخرا من الازدحام بشكل غير مسبوق بعد انضمام دول جديدة إلى النادي الفضائي، الذي كان مقتصرا سابقا على روسيا والولايات المتحدة وأوروبا.

ومن الدول المنظمة حديثا إلى النادي الفضائي، التي قامت بإرسال مهمات إلى الفضاء، القمر والمريخ، أو تلك التي تضع خططا وبرامج فضائية الصين واليابان والهند، في حين هناك بعض الدول لديها طموحات فضائية مثل الكوريتين وإيران، بينما ينتظر أن تعلن دول أخرى عن برامج فضائية خاصة بها، مثل تركيا والبرازيل والأرجنتين.

وتسعى الدول الفضائية الناشئة إلى وضع برامج خاصة لمهمات فضائية علمية، بهدف تحسين وتطوير إدراكها وفهمها لعلوم الفضاء والكواكب.

ويبدو أن الدول، في سعيها للوصول إلى الفضاء، تحاول ترسيخ ميزة جديدة تصبغ بها القرن الحادي والعشرين، كما أن الوصول إلى الفضاء سيكون ضروريا لها في سعيها لتحقيق أهداف عسكرية واقتصادية، إلى جانب الأهداف العلمية، وذلك من دون الاعتماد على شركاء لمساعدتها في مهام الإطلاق الصاروخي الفضائي.

وفي العقود المقبلة، سيكون الوصول إلى الفضاء والسيطرة عليه "أحد المفاهيم المهمة للغاية" للشؤون الداخلية للدول، خصوصا بعد أن أصبح الفضاء تنافسيا للغاية.

سباق الفضاء الجديد

على أي حال، سيكون سباق الفضاء المقبل مختلفا تماما عن ذلك السباق الذي انطلق إبان الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأميركية، وسيتخذ شكلا آخر، خصوصا أن السباق القديم استند إلى المخاوف القومية، وبني على أساس استراتيجي محوره المصالح العسكرية للدولتين المتنافستين، اللتين مولتا السباق، الذي كانت له منافع جانبية في المجال الاقتصادي.

خلال الحرب الباردة، وبينما كانت الولايات المتحدة تساعد الدول الأوروبية الغربية اقتصاديا بهدف الوقوف في وجه المد الشيوعي، اكتشفت واشنطن أنه لن يكفيها ذلك في مواجهة الكتلة الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق، خصوصا على الصعيدين العسكري والاستراتيجي.

ولجأت واشنطن إثر ذلك، وتحديدا في العام 1965، إلى اتخاذ قرار بحظر مساعدة الدول الأجنبية على تطوير قدرات خاصة بها فيما يخص الأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات، وهو ما حدث فعلا عام 1967، عندما رفضت إطلاق قمر صناعي أوروبي قامت بتطويره فرنسا وألمانيا.

 

هذا الأمر، دفع الدول الأوروبية الغربية إلى تطوير قدراتها الفضائية الذاتية، فبدأت عام 1973 بالعمل على تطوير البرنامج الصاروخي الفضائي "أريان"، وفي العام 1975 أعلن عن تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية، وبات لديها نظامها الملاحي الخاص بها، وهو نظام "غاليليو".

بالمقابل، خرجت الصين من المنظومة الشيوعية عام 1960 إثر تدهور علاقاتها بالاتحاد السوفيتي، وبدأت برنامجها الفضائي الخاص بها.ومع نهاية الحرب الباردة، شهدت البرامج الفضائية للدول المشاركة في السباق الفضائي تحولات جوهرية، فانتقلت من كونها برامج فضائية عسكرية بامتياز، إلى تجارية محضة، فاتجهت روسيا التي خلفت الاتحاد السوفيتي إلى استغلال قدرات الإطلاق الصاروخي الفضائي بشكل تجاري.

وفي الوقت نفسه، عمدت الولايات المتحدة إلى تحرير صناعة الإطلاق الصاروخي الفضائي، وسمحت لشركات خاصة بالدخول إلى هذا المضمار، وأصبحت هذه الشركات جزءا من الاستراتيجية الفضائية الأميركية، التي تعتمد حاليا على الصواريخ الفضائية الروسية في إرسال مهمات إلى محطة الفضاء الدولية، وهي ثمرة تعاون روسي أميركي أوروبي ياباني مشترك.

ودخلت أوروبا والصين واليابان ميدان التنافس التجاري على إطلاق الصواريخ إلى الفضاء، ما تسبب في انخفاض في تكاليف إطلاق الأقمار الصناعية التجارية.وزاد هذا التوجه نحو التطبيقات التجارية والعلمية للصناعة الفضائية في التنافس، فازدهرت هذه الصناعة بشكل غير مسبوق، في ظل تنافس كبير بين الدول القادرة تكنولوجيا.

القوى الفضائية الناشئة

الجدير بالملاحظة أن معظم القوى الفضائية الناشئة توجد في قارة آسيا، وكأن السباق نحو الفضاء يعنيها هي بحد ذاتها، وهذه الدول هي الصين واليابان وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية والهند وإيران، لكن هذا لا يعني أن الدول الأخرى في مناطق أو قارات غيرها ليست لديها طموحات أو برامج فضائية.

والملاحظ أيضا أن بين هذه الدول، ثمة دولتان تعدان من بين الأكثر تقدما من الناحية التقنية، هما اليابان وكوريا الجنوبية، ولذلك فقد قطعت مراحل متقدمة نسبيا في برامجها الفضائية، بما في ذلك إعداد منصات إطلاق صواريخ، بالإضافة إلى الصواريخ القادرة على الذهاب بعيدا في الفضاء، إلى جانب تطورهما في مجالات البحث التكنولوجي والعلوم الأخرى ذات العلاقة.

غير أن طوكيو وسيول لديهما جوانب أخرى غير الجوانب التجارية والعلمية في الفضاء، خصوصا وأن الصين سبقتهما بمراحل كبيرة في هذا الخصوص، وراحت تعد من أجل بناء محطة فضائية خاصة بها.

لكن تظل كوريا الجنوبية خلفهما أيضا بسنوات في هذا المضمار رغم قدراتها الكبيرة التي تحققت في السنوات الأخيرة.الهند تأتي بعد هذه الدول في الميدان الفضائي، ونجحت في إطلاق مسبار إلى القمر وآخر إلى المريخ، ويعتقد أنها ستلعب دورا مهما في مجال إطلاق الصواريخ تجاريا، حيث ستكون لديها الإمكانيات الأقل سعرا، مقارنة بالدول الأخرى.

لكنها أيضا تتأخر بمراحل في المجال الفضائي عن الصين واليابان وكوريا الجنوبية، إذ لا تستطيع صواريخها نقل حمولات ثقيلة الوزن.أما كوريا الشمالية وإيران فأهدافهما من برامجهما الفضائية مختلفة، وتصبان في خانة الضغط على الدول الغربية والإقليمية، لكن تظل بيونغ يانغ أكثر تقدما بكثير من طهران، لكنهما تتأخران كثيرا عن باقي القوى الفضائية الناشئة.

 

سكاي نيوز