زوجات فلسطينين محكومين مدى الحياة لدى اسرائيل بين المرارة والفخر

n-1-large570 (1)

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري :

رفضت الشابة الفلسطينية "وفاء أبوغلمي" طلب زوجها الانفصال عنه بعد أن صدر عليه حُكم بالسجن مدى الحياة عام 2006 في إسرائيل، وتؤكد أن ارتباطها به مبني على الحب والوفاء.

وتقول وفاء التي تعتني منذ 2006 بمفردها بابنها وابنتها الصغيرين: "منحني عاهد حريتي حينما صدر بحقه الحكم مدى الحياة في عام 2006، لكنني رفضت".وتضيف المرأة التي تعول عائلتها بالعمل في وزارة الثقافة الفلسطينية: "لا زلت أحب عاهد ومستمرة مع عاهد ومرتبطة مع عاهد".

واتهم عاهد أبوغلمي بالتخطيط والمشاركة في اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي الذي قُتل عام 2001.واعتقل أبوغلمي والخلية المسؤولة عن الاغتيال على يد السلطة الفلسطينية وأودع سجن أريحا في 2002، غير أن إسرائيل اقتحمت السجن عام 2006، واعتقلت أبوغلمي وباقي أفراد الخلية.

 

مرارة وفخر

ولا تشعر خالدة مصلح هي الأخرى بـ"الندم" كونها ارتبطت بزوجها محمد الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد 9 مرات في عام 2002.وتقول: "طوال هذه السنوات لم أشعر بالندم، على العكس تماماً، أنا أشعر بالفخر لأني زوجة مناضل رغم الغصّة والحرمان اللذين أعيشهما".

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن بين أكثر من 7000 فلسطيني معتقلين في السجون الإسرائيلية، هناك نحو 600 فلسطيني من المحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة.

وتشعر زوجات هؤلاء الفلسطينيين بـ"المرارة" لغياب أزواجهن عنهن لسنوات طويلة، غير أنهن يشعرن بالفخر كونهن تزوّجن من مناضلين.ونادراً ما يتم الحديث علناً عن مشاعر تلك النسوة ومعاناتهن في المجتمع الفلسطيني، كما تقول مصادر في نادي الأسير الفلسطيني، بسبب الثقافة السائدة التي تعتبر الأسير بطلاً.

ولم تتحمل زوجات كثيرات هذا الوضع، فانفصلن عن أزواجهن إما بمبادرة منهن وإما بطلب من الزوج المعتقل، لكنهن نادراً ما يُفصحن عن هذا الطلاق بالضبط بسبب النظرة التي "تمجّد الأسير"، بحسب هذه المصادر.

أما خالدة مصلح فتعبّر بثبات عن افتخارها بزوجها الأسير "المناضل ضد الاحتلال"، وتتذكر أنها حينما صدر الحكم على زوجها أطلقت زغرودة داخل المحكمة.لكنها لم تتمكن زيارته زوجها إلا بعد مرور 12 عاماً على اعتقاله، بسبب رفض السلطات الإسرائيلية منحها تصريح زيارة "لأسباب أمنية".

وتوجّهت خالدة (39 عاماً) عقب تكرار المنع إلى محامين وجهات قانونية حتى سُمح لها بزيارة زوجها والحديث معه من خلال هاتف ورؤيته من خلال لوح زجاجي.

واعتقل محمد، زوج خالدة، بعد حوالي عام ونصف العام من زواجه، وحُكم عليه بالسجن المؤبد 9 مرات، أضيف إليها 50 سنة، بتهمة المشاركة في هجمات ضد أهداف إسرائيلية وقتل إسرائيليين.

وبعد عام من زواجهما رُزقت خالدة بابنها أحمد، وكان عمر أحمد 4 شهور فقط عندما اعتقل والده.وقبل أيام قليلة احتفلت خالدة وابنها بمرور 15 عاماً على اعتقال الوالد الذي كان يعمل مرافقاً للقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي.

أمل لا ينقطع

وبعد مرور عام على اعتقال محمد هدمت السلطات الإسرائيلية منزله في مدينة رام الله بالضفة الغربية، غير أن خالدة وأفراد عائلة محمد أعادوا بناء المنزل، وتحرص خالدة على ترتيبه بـ"أمل لا ينقطع" بأن يتم الإفراج عن زوجها في صفقة تبادل مع إسرائيل.

 

وتقول خالدة: "كزوجة أسير، بالطبع لديّ مشاكل في الحياة بسبب غياب زوجي، وأشعر بنقص في الحياة عندما أنظر إلى ابني الذي بالتأكيد يفتقد والده إلى جانبه".وباتت حياة خالدة منذ اعتقال زوجها منصبَّة فقط على عملها في شركة الاتصالات الفلسطينية وتعليم ابنها. وتقول: "أقوم بدور الأم والأب والمعيل والأخ والأخت لابني، وبالطبع أشعر بحرمان كبير في حياتي".

وتقلق بعض النساء اللواتي يمضي أزواجهن عقوبة بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية من احتمال عدم الإنجاب إذا طال الاعتقال.وتحدثت تقارير عن تهريب السائل المنوي لعدد من الرجال من داخل السجون إلى زوجاتهن اللواتي خضعن بعد ذلك لعملية زرع من أجل الحمل.

ونجحت زوجات عديدات في الإنجاب بهذه الطريقة، فقد أشارت مصادر نادي الأسير الفلسطيني إلى أكثر من 60 حالة تهريب من هذا النوع، نجحت 35 امرأة خلالها في الإنجاب.

لكن وفاء أبوغلمي تبدي معارضتها لهذه الطريقة، وتقول: "هذه القضية مرتبطة أصلاً بالواقع الثقافي، وسبب اللجوء إليها في كثير من الأحيان أن الزوجات يتخوفن من أن يطلق سراح أزواجهن بعد سنوات من دون أن يكون لديهن أولاد، وبالتالي يخشين أن يتزوج شريكهن من أخرى".

     

أ ف ب