الاسباب التي أدت الى ارتفاع اسعار الأسمنت في فلسطين

What-is-cement61-590x290-590x290

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

اشتكى عدد من أصحاب مصانع الاسمنت في الضفة الغربية وقطاع غزة من ارتفاع أسعار الاسمنت مطلع الشهر المقبل بمقدار 20 شيقلا للطن، محذرين من أن هذا الارتفاع سيحد من النشاط العمراني الذي تشهده فلسطين.

ومن المتوقع أن يرافق ارتفاع سعر الاسمنت ارتفاع سعر الباطون الجاهز بنحو 8.5 شيقل لكل كوب، حيث ينتج طن الاسمنت الواحد حوالي 3.5 كوب باطون، أي أن كل 100 متر مربع من البناء ستزيد تكلفتها بنسبة 1000 شيقل.

وأشار أصحاب المصانع إلى أن قرار شركة "سند" للصناعات الانشائية برفع سعر طن الاسمنت في الأرض الفلسطينية مع مطلع آذار بـ20 شيقلا غير شاملة ضريبة القيمة المضافة، غير مبرر وليس في وقته، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة ويعاني منها المواطنون.

وقال أصحاب شركات الباطون إنهم سيتعرضون لخسائر كبيرة جراء القرار، خاصة أنهم أبرموا بداية العام عقودا لتوريد الباطون لكثير من الشركات والإسكانات على مستوى الوطن وفقا للأسعار القديمة، ما يعني خسارة كبيرة لهم.

وفي هذا السياق، قال محمد موسى من شركة الطريفي، إن رفع سعر الاسمنت سيحد من قدرة الشركات والمواطنين على البناء، ومن النشاط العمراني خاصة في مدينة رام الله، وسيؤثر سلبا على عمل الشركات وسيحد من شراء الاسمنت، إذ سيقل استهلاك الاسمنت في فلسطين بعد القرار.

وأضاف ان القرار يعني أن سعر الكوب من نوع B 300-310، مع الضريبة، سيرتفع بمقدار 25 شيقلا، وهذه الزيادة ستدفع من جيوب الزبائن في النهاية، الأمر الذي سيقلل من قدرة المواطنين على شراء الاسمنت.

وأشار إلى أن سوق الاسمنت لم يعد من الاسواق القوية في فلسطين، إذ توجد منافسة شديدة في هذه السوق والأرباح المتحققة قليلة، "لا يعقل ان يكون سعر طن الاسمنت في دولة مجاورة مثل الاردن 66 دولارا، أي ما يعادل 260 شيقلا، في حين يصل سعر طن الاسمنت 500 شيقل في فلسطين، وهذا ناتج عن سياسة احتكار السوق، وكذلك ناتج عن أن الاستيراد غير مجدٍ في فلسطين اذ يسمح لنا باستيراد 400 ألف طن في السنة فقط، وهذه الكمية قسمت خلال العام الجاري بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بواقع 200 ألف طن لقطاع غزة ومثلها للضفة الغربية، أما باقي حاجة السوق فتوردها شركة "نيشر" الإسرائيلية".

وقال موضحا: على سبيل المثال، إسكان متوسط الحجم، يحتاج إلى حوالي 10 آلاف كوب، ستكون نسبة الزيادة في هذا المشروع قرابة 250 ألف شيقل بعد رفع سعر الكوب 25 شيقلا، ما يعني أن هذه الزيادة ستضاف لأسعار الشقق والمباني في فلسطين".

وقال مدير شركة القطب للباطون الجاهز في نابلس شاهر القطب، إن شركات الإسمنت في نابلس لا تتأثر كثيرا، إذ سيجري إضافة هذه الزيادة لحساب الزبون، "ونحن كأصحاب مصانع لا نستطيع تحمل الزيادة التي وضعوها، وقد حاولنا أن نناقش الموضوع ولكن الجهات المسؤولة رفضت الاستجابة".

وأضاف "نحن نواجه مشكلة كبيرة مع المقاولين الذين وقعنا معهم اتفاقيات لتنفيذ بنايات، ففي حال رفع سعر الكوب على المقاول سَيلحق به ضرر كبير، لأنه عمل حسابه على الاسعار القديمة، ورفع أسعار كوب الباطون وعدد الأكواب الكبيرة في الإسكانات ستؤثر سلبا على عمل المقاولين، وسترفع أسعار الشقق وأسعار الإسكانات في فلسطين في المرحلة المقبلة".

ورأى القطب أن المشكلة تكمن في "عدم وجود حسيب ولا رقيب، خاصة بالنسبة للإسمنت أو للمحروقات التي نستخدمها في عملنا، فسعر طن الاسمنت في إسرائيل أرخص بـ70 شيقلا عما هو في الضفة الغربية، أضف إليه الزيادة الحالية، ما سيؤثر سلبا على تكاليف البناء".

وأشار إلى أن الوقت غير مناسب لرفع الاسعار، لأن المجتمع لا يتحمل مزيدا من رفع الأسعار في الوقت الراهن، ولم يعد يحتمل مزيدا من رفع أسعار الإسمنت، ونحن لا نستطيع أن نستورد اسمنتا لأنه توجد إشكاليات كبيرة في استيراد الاسمنت، ولا يسمح الاحتلال بترخيص مركبة نقل الاسمنت المسماة "تايلو"، بل إن المركبات التي تنقل إسمنت للضفة هي مركبات إسرائيلية فقط.

من جهته، قال رئيس اتحاد الصناعات الانشائية، صاحب مصنع باطون الجراشي في بيت لحم والخليل خضر الجراشي، إن الاتحاد لا يقوم بالدور المطلوب منه في وضع حد لزيادة سعر الإسمنت، والتي ستؤثر بشكل كبير على المواطن الذي سيتحملها في النهاية، والمشكلة لدى المصانع هي الاتفاقيات الموقعة مع الإسكانات والشركات التي وقعت في وقت سابق قبل رفع الاسعار المقر مطلع الشهر الجاري، معتبرا تبرير هذه الزيادة باسعار صرف العملة "ليس صحيحا، وشركة نيشر الإسرائيلية لم ترفع أسعار الاسمنت في فلسطين وهذا مخالف لما يقال".

وطالب بإنهاء احتكار استيراد الاسمنت وفتح السوق لاستيراد هذه المادة الاستراتيجية.

 

ابتزاز اسرائيلي

من جانبه، اعتبر رئيس اتحاد المقاولين مروان جمعة، رفع سعر الاسمنت من المورد الاسرائيلي "ابتزازا"، خاصة أن سعر الاسمنت في إسرائيل انخفض بنسبة 3% خلال العام الجاري.

وعبر جمعة عن "استياء" بين المقاولين، محذرا من نقص في الامدادات في المستقبل، ما يترتب عليه ارتفاعات اخرى في الاسعار.

وقال: المطلوب سياسة وطنية في هذا المجال وخطة لزيادة الاستيراد من الخارج.

 

"سند": الزيادة جاءت من المصدر

من جانبه، عزا الرئيس التنفيذي لشركة "سند" لؤي قواس السبب الرئيسي وراء رفع سعر طن الاسمنت لرفعه من قبل المورد الرئيسي شركة "نيشر" الإسرائيلية، التي بررت ذلك بارتفاع تكاليف استيراد المادة الخام "الكلينكر"، وهي المادة الأولية لتصنيع الإسمنت، والتي ارتفعت بشكل ملحوظ هذا العام، إضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل والموانئ، عوضا عن أن هذه المادة تستورد بالدولار الذي شهد ارتفاعا كبيرا مقابل الشيقل.

وقال قواس في بيان إن الشركة أبلغت أصحاب مصانع الباطون منذ بداية كانون الثاني الماضي بأن هناك زيادة في بداية آذار، على سعر طن الاسمنت بقيمة 20 شيقلا، غير شامل ضريبة القيمة المضافة، ليأخذ المقاولون حيطتهم.

وأضاف أن لدى شركة سند خصومات تصل من 10 إلى 15 شيقلا، إذ أن السعر الأساسي للإسمنت المكيس سيبلغ حاليا نحو 490 شيقلا شاملا للضريبة على ارض مخازن "سند"، فيما سعر الاسمنت السائب هو 495 شيقلا شاملا للضريبة والنقل.

ونفى قواس الاتهامات بأن قرار الرفع هو للضغط باتجاه بناء مصنع وطني فلسطيني للإسمنت، مؤكدا أن الشركة اتخذت قرارا استراتيجيا بتجميد العمل ببناء هذا المصنع حتى اشعار آخر، وان الشركة لا تتعامل بطريقة الابتزاز أو ليّ الذراع لتحقيق مصالح شخصية بعيدا عن العمل الاخلاقي.

وأشار إلى أن هناك بدائل عن اقامة مصنع للإسمنت، وهناك شركة “PEC” وهي شركة سويسرية بدأت بوضع الدراسات المطلوبة من أجل إقامة مطحنة واحدة في الجنوب، والتي ستنتهي قريبا للمباشرة بأخذ الموافقات القانونية والرسمية، وستبلغ تكلفتها نحو 60 مليون دولار، بحيث إن شركة سند ستقوم بطحن "الكلينكر" المستورد وبيع الاسمنت في فلسطين، ما يساههم في ضبط أسعار الاسمنت في الاراضي الفلسطينية.

واكد قواس ضرورة ايجاد بديل عن المورد الرئيسي للإسمنت، خاصة أن هناك دراسة لتحليل سوق الاسمنت في كل من فلسطين والأسواق المجاورة أجرتها الشركة الهندية  “Holtec” للاستشارات، حيث بينت أن المورد الإسرائيلي "نيشر" في عام 2025 لن يستطيع تلبية احتياجات السوق الفلسطينية بأكثر من 500 ألف طن، علما أن احتياجاتنا الحالية هي 3 ملايين طن سنويا.

وقال قواس، "هذا العام ستقوم شركة نيشر بتوفير 1.8 مليون طن، أي أن النقص في مادة الاسمنت سيكون 1.2 مليون طن، وستقوم الشركة بتغطية النقص المتوقع من خلال الاستيراد من بعض الدول مثل تركيا والاردن ومصر، وفي 18 من الشهر الجاري ستصل أول باخرة محملة بالإسمنت إلى موانئ أسدود وعلى متنها 5 آلاف طن ستوزع ما بين الضفة وقطاع غزة".

واضاف: أن لدى الشركة مخزونا احتياطيا للإسمنت بمقدار 20 ألف طن من أكياس الاسمنت الجافة، وهي بصدد بناء المزيد من المستودعات لزيادة المخزون الاحتياطي الى 30 ألف طن.

 

"حماية المستهلك": الحل بناء مصنع للإسمنت

بدوره، رأى الناطق الإعلامي باسم جمعية حماية المستهلك محمد شاهين، أن رفع اسعار الاسمنت "غير مبرر وناتج عن احتكار الاسمنت من قبل مستورد واحد للإسمنت في فلسطين (سند)، ومن مورد واحد (نيشر).

وقال: للأسف، المعطيات على الأرض والتسهيلات تحول دون التمكن من الاستيراد من الخارج، وما يجري استيراده هو كميات قليلة وغير منافسة لما تقدمه شركة نيشر الإسرائيلية، رغم أن السوق الإسرائيلية فتحت شركتي إسمنت جديدتين من اجل وقف احتكار شركة نيشر.

ودعا إلى حل الموضوع جذريا بإنشاء مصنع لانتاج الاسمنت محليا، والى حين ذلك وضع كل التسهيلات الممكنة وإعطاء فرصة للتجار للاستيراد من الأردن ومصر، لرفع كمية الاستيراد.

وبين شاهين أن الحد من الاحتكار في السوق الفلسطينية للإسمنت سيسهم في خفض الاسعار، "فالإشكالية الأهم حاليا أن المقاولين وأصحاب مصانع الاسمنت لن يدفعوا الثمن، وانما ستحمل الزيادة للمستهلك، "نحن نعاني من ارتفاع أسعار العقار بشكل كبير في فلسطين فكيف مع ارتفاع أسعار الاسمنت؟".

وقال الخبير في مجال العقارات، عادل عودة، إن رفع سعر الاسمنت سيؤثر سلبا على قطاع الانشاءات ككل في فلسطين، وهذا سيزيد من سعر تكلفة البناء وسيتحمل المواطن عبء هذه الزيادة.

وأضاف: ما دامت شركة سند هي المحتكرة لهذه السلعة ستبقى تحت تأثير الضغط الإسرائيلي في زيادة هذه الاسعار، لان المزود الإسرائيلي سيزيد الاسعار متى يشاء، في وقت لا نستطيع استيراد الكميات المطلوبة سواء من الخارج أو من إسرائيل.

وأضاف عودة أن الحل يكمن بإنشاء مصنع اسمنت في فلسطين، لافتا إلى ان واردات الفلسطينيين من الاسمنت الاسرائيلي على مدى العشرين عاما الماضية بلغت حوالي 15 مليار شيقل.

 

 

وفا