موقع رام الله الاخباري - نشرت «يديعوت أحرونوت» أمس تقريراً تحت عنوان «هكذا يستعد الجيش الإسرائيلي لحرب لبنان الثالثة»، تظهر فيه طبيعة الخطر الذي بات يمثله «حزب الله»، بعد أن أعلن رئيس الأركان الجنرال غادي آيزنكوت أنه غدا التهديد المركزي.
وليس صدفة أن مناورة الدفاع الجوي السنوية الكبرى، التي يجريها الجيشان الأميركي والإسرائيلي، وهذه المرة بمراقبة ألمانية، أخذت «حزب الله» هذه المرة باعتبار مميز، خصوصاً بعد تهديدات الأمين العام لـ «حزب الله» السيد نصر الله بضرب خزانات الأمونيا في خليج حيفا.
وأشار يوسي يهوشع، في «يديعوت»، إلى أنه بعد إزاحة الخطر النووي الإيراني عن رأس سلم أولويات المخاطر على إسرائيل، غدا «حزب الله» التهديد المركزي، وأعلن رئيس أركان الجيش أن إسرائيل وجيشها يستعدان لمواجهة ذلك. ومع ذلك أوضح أن الفرضية الأساس التي ينطلق منها الجيش الإسرائيلي حالياً أنه ليست لـ «حزب الله» مصلحة الآن في «حرب لبنان الثالثة»، بسبب توسع نشاطاته إقليمياً ومشاركته في الحرب السورية. وأوضح أنه برغم كسب الحزب الخبرات العملية في العديد من الميادين، فإن الوقت ليس مناسباً لتغيير انتشاره في مواجهة الجيش الإسرائيلي.
وكان خبراء عسكريون آخرون قد أشاروا إلى أنه برغم انشغال «حزب الله» بالقتال في سوريا، فإن استعداداته في مواجهة إسرائيل لم تتغير، وأن انتشاره على طول الحدود يتعزز. وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن قدرات الحزب الصاروخية يجري تطويرها طوال الوقت، لتغدو أشد فتكاً وأكثر دقة، وهو ما يزيد الإحساس بخطره.
وكتب يهوشع أن خطر «حزب الله» يتضمن القدرة على إطلاق صليات صاروخية بوتائر عالية، تصل إلى 1200 صاروخ يومياً. وبحساب بسيط فإن امتلاك «حزب الله» لترسانة، تحوي ما لا يقل عن 100 ألف صاروخ، فإن الحديث يدور عن حرب طويلة نسبياً يمكنها أن تشل الحياة داخل إسرائيل. والمشكلة هي أن جزءاً لا يستهان به من صواريخ «حزب الله» قادر على إصابة أي هدف داخل إسرائيل. وتتمركز هذه القدرة الصاروخية، وفق المنشورات الإسرائيلية، في داخل ومحيط العشرات من قرى الجنوب اللبناني. وقد أضيف إلى خطر القوة الصاروخية خطر احتمالات لجوء «حزب الله» إلى محاولات احتلال مواضع في الجليل لمستوطنات قريبة من الحدود.
وأوضح يهوشع أن مثل هذه المستوطنات كثيرة على طول الحدود وأن «من يعرف الجبهة يعلم أن لا حاجة للمنظمة لأنفاق كي تتوغل إلى البلدات ـ وحتى قبل الانتشار الجديد في قيادة المنطقة الشمالية كان يمكن عمل ذلك بسهولة كبيرة». وفي ضوء ذلك فإن الجيش الإسرائيلي يستعد، وفقاً ليهوشع، بإستراتيجية عمل تشمل ثلاثة أبعاد: ضربة نارية دقيقة، واسعة وغير متناسبة، بناء عائق دفاعي على طول خط الاشتباك وتحريك سريع للفرق العسكرية إلى جنوب لبنان.
وفي نظره فإن «حرب لبنان الثانية» التي اندلعت صيف العام 2006 استمرت 33 يوماً ـ أكثر بكثير مما يمكن لإسرائيل أن تحتمله في مواجهة ضربات الصواريخ التي تغطي كل نقطة في الدولة، بوتيرة نارية مدوية. ولذلك فمن أجل التصدي للتهديد تم تطوير منظومة الدفاع الجوي ببطاريات «القبة الحديدية»، ومنظومة «عصا الساحر» التي ستغدو قريباً عملياتية ومنظومة «حيتس».
واعتبر أن نقطة الثقل في القدرات الإسرائيلية تكمن في المعلومات الاستخبارية الدقيقة حول آلاف الأهداف «النوعية»، التي جُمعت في بنك الأهداف على طول العقد الماضي، مقارنة بـ 200 هدف فقط كانت لدى الجيش الإسرائيلي عند الخروج إلى «حرب لبنان الثانية». كما أن القدرات الهجومية تحسنت بشكل دراماتيكي منذ الحرب السابقة. ونُقل عن ضابط رفيع المستوى في سلاح الجو تقديره أنه بالقدرات الجديدة يمكن تنفيذ كل غارات سلاح الجو في لبنان في غضون وقت قصير، وبجودة أعلى بعدة أضعاف. ويقول هذا الضابط «هذه قوة نارية لم يسبق أن كانت لنا أبداً، وفي مثل هذه المواجهة التي ستتعرض فيها الجبهة الداخلية للهجوم، ستُرفع كل القيود. نحن لن نهاتف البيوت قبل أن نهاجمها». وعلى حد قوله، فإن تعاظم قوة «حزب الله» تجعله أكثر هشاشة وتكشف نقاط ضعف جديدة. كما قال رئيس الأركان هو الآخر إن «حزب الله» سيفاجأ بقدرة التسلل الاستخباري للجيش الإسرائيلي.
أما الخطوة الثانية المهمة فهي بناء خط دفاع. كل من يسافر على طول الحدود الشمالية لا يمكنه أن يتجاهل محور الخندق الجديد، الذي شُق في الجبال المجاورة للمستوطنات المحاذية للجدار. وهذا الأسبوع انتهى مشروع ثالث كهذا لبناء عائق أمام مستوطنة متات ـ على طول 1700 متر وبارتفاع يصل حتى 10 أمتار ـ غايته منع تسلل القوات الخاصة لـ «حزب الله» إلى المستوطنات. وبالتوازي يبني الجيش الإسرائيلي سلسلة من العوائق الأخرى أمام البلدات كي يحميها بالشكل الأفضل.
الفكرة هي أن القوات المهاجمة ستتعرقل بسبب العوائق، الأمر الذي يسمح لقوات الدفاع بالانتشار والهجوم. وحسب التهديدات، سيصل «حزب الله» إلى البلدات بقوات كبيرة من عشرات المسلحين، ما يقلص السرية وفرص النجاح. في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن الحزب لا يحتاج إلى الأنفاق، سواء بسبب ظروف الأرض القاسية أم بسبب قدرة الوصول السريعة إلى مستوطنات مثل شتولا، المطلة وشلومي، التي لا تبعد إلا مئات الأمتار عن الجدار.
الخطوة الثالثة للجيش الإسرائيلي هي تعزيز التحرك العسكري البري ـ الذي لم ينجح في «حرب لبنان الثانية». تفوق الجيش الإسرائيلي ليس واضحاً، مثلما في العمل الجوي المسنود بالمعلومات الاستخبارية المسبقة. إضافة إلى ذلك، في حالة المواجهة يُحتمل أن تكون منطقة الشمال عرضة لمئات الصواريخ اليومية، وبالتالي فقد بنيت خطة أخرى لإخلاء المستوطنات أثناء الحرب.
ومعروف أنه طوال الأسبوع الحالي أجرت إسرائيل وأميركا مناورة الدفاع الجوي السنوية، المعروفة باسم «جونيفر كوبرا». وفي إطار المناورة، قال ضابط رفيع المستوى إن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية غيرت هيكلها بصورة تزيد نجاعة الرد العملياتي. وفي نظره «ليس ثمة فارق اليوم بين الدفاع عن صفد أو عن إيلات من زاويتنا، لأن بوسع صاروخ أن يصل اليوم من لبنان إلى بئر السبع، كما بوسع صاروخ أن يصل من غزة إلى حيفا». وتحدث الضابط عن تهديدات السيد نصر الله لخزانات الأمونيا، فقال إن سلاح الجو الإسرائيلي سيعرف كيف يختار سبل حماية ذخائر جوهرية في مواجهة أخطار محتملة. وأضاف «أنا لا أرى أي جديد في تهديدات نصر الله، ويمكن العودة إلى خطاباته الأخيرة وسماع تهديدات مشابهة. قدراتنا الدفاعية أفضل بكثير، أضعاف مضاعفة، مقارنة بما كان لدينا قبل عام أو خمسة أو عشرة أعوام».