رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري :
بينما كان محمد المصري يضع اللمسات الأخيرة على إقامة عرض الأزياء الأول في غزة يوم 5 فبراير/شباط 2016، جاء الرد الأخير من وزارة الداخلية بـ "منع حصولكم على تصريح لإقامة العرض".
الرفض الذي حصل عليه المصري (28 عاماً)، كلفه خسائر مادية ومعنوية، فعمله لمدة أسبوعين للتجهيز للعرض راح هباءً، ناهيك عن المصاريف التي تحملها وضاعت أدراج الرياح.
رفضنا العرض لترويجه ثقافة هابطة
وبررت وزارة الداخلية بغزة في تصريح لـ “هافينغتون بوست عربي”، على لسان الناطق باسمها أيمن البنطنيجي، رفض العرض “لعدم وجود علاقة للمجتمع الغزي المتمسك بعاداته وتقاليده بمثل هذه الأنشطة”.
وأكد البطنيجي أن “الرجل الغزي له مكانة عظيمة لتمسكه برجولته التي لا تسمح له بتقليد الآخرين”، لافتاً إلى أن وزارته تمنع مثل تلك الفعاليات كالحفلات الغنائية أو عروض الأزياء “في الوقت الذي يشهد فيه القطاع حصاراً خانقاً ويسقط الشهداء في غزة والضفة المحتلة”.
ولفت إلى أن رفضهم عرض الأزياء جاء أيضاً لأنه “ليس مشروعاً ثقافياً، ولن يضيف شيئاً للمجتمع”، مبيناً أن من حق وزارته رفض أي نشاط حسب الدواعي الأخلاقية في المجتمع.
وختم البطنيجي، “وزارة الداخلية ترى أن الهدف من وراء العرض الترويج لثقافة هابطة أكثر من الترويج للمنتج المحلي”.
أزياء تراثية فلسطينية
أما المصري، فقال بدوره لـ “هافينغتون بوست عربي” أنه لم يكن لديه نية بعمل عرض أزياء خادش للحياء أو ملابس لا تناسب طبيعة المجتمع الغزي المحافظ، مشيراً إلى أنه تم تدريب الشباب على مشية "رجولية" بعيداً عن التي نراها في عروض الأزياء العالمية.
وأوضح المصري أن عرض الأزياء الذي منع كان سيتخلله قيام بعض الشبان بارتداء الزيّ الفلسطيني القديم وذلك إحياءً له، كون شعار معرضهم "غزة تكسر الحصار"، مبيناً أن ذلك دليلاً كافياً على عدم نيتهم بالقيام بأي شيء يخالف عادات وتقاليد المجتمع، سيما بعد تأكيدهم عدم حضور العنصر النسائي للعرض.
وكان من المفترض أن يرتدي الشبان في عرض الأزياء بدلات رسمية وملابس شبابية ورياضية، وكذلك الأزياء التراثية الفلسطينية للتأكيد على عدم نسيانهم الثوب الفلاحي الفلسطيني، وذلك كما أورد المصري خلال حديثه.
مجهود وأموال ضائعة
وكان المصري قد بذل مجهودات كبيرة لإقناع المحلات المتخصصة في بيع الملابس الشبابية للمشاركة في العرض، فمنهم من منحه الموافقة في الحال - وكانوا في الغالب المحلات الشبابية -، وكثر لم يلقوا بالاً للأمر.
وفور حصول المصري على موافقة بعض المحلات، راح يجمع عدداً من الشبان المهتمين بالأناقة للمشاركة في العرض الشبابي، وذلك وفق معايير معينة وضعت لتنطبق عليهم كالطول والسن من عمر 18 حتى 25 عاماً.
ويعمل منسّق العرض مديراً للعلاقات العامة في مطعم “كزا ميزا”، حيث بدأ الاستعداد لإقامة معرضه بعدما جمع 40 شاباً للمشاركة، وعرضهم جميعاً على طبيب أسنان للاهتمام بابتسامتهم، وجلب مصففاً للشعر لتكون طلتهم شبابية أكثر.
يقول المصري، “وقع الاختيار على الشبان الذين لهم تجارب سابقة مع الكاميرات ويخرجون عبر وسائل الإعلام لتدريبهم. بالإضافة إلى وجود ذوقٍ عالٍ لديهم عند اختيار ملابسهم. كان جميع المشاركين متشجعين لإقامة العرض قبل الرد النهائي الذي جاء من الداخلية برفضه”.
أحد المشاركين بالعرض يدعى مجاهد السوسي (24 عاماً) خريج كلية التمريض ويعمل في فرقة استعراضية للفنون الشعبية، لم يمانع في المشاركة بعرض الأزياء وذلك بتشجيع من ذويه.
ويلفت السوسي إلى أن رغبته في المشاركة بالعرض جاءت لتوعية الشباب باختيار ملابسهم حتى لو كانت بسيطة دون تكلف، مبيناً أن حصار غزة والوضع الذي تعيشه يصعب على أهلها تقبل أي شيء خارج عن المألوف بالرغم من حاجة الشباب لذلك.
أزياء تراثية فلسطينية
ويؤيد الشاب محمد أيوب قرار وزارة الداخلية، فهو يرى أن تلك الأنشطة دخيلة على عادات المجتمع، مشيراً إلى أنه شعر باستغراب حينما شاهد إعلان عرض الأزياء عبر فيسبوك متسائلاً، “هل حلت جميع قضايانا لإقامة عروض أزياء؟”.
في حين أبدت الصحفية الشابة سامية الزبيدي امتعاضها من قرار وزارة الداخلية وقالت، “الشارع الفلسطيني مليء بكل الألوان والأزياء والتصميمات للشعر والملابس؛ لذا رفض إقامة المعرض غير مبرر كونه من حق الجميع ممارسة ما يروق لهم دون المساس بالعادات والتقاليد”.
وتساءلت الزبيدي: لماذا يمنع عرض أزياء شبابي في مكان مغلق، في الوقت الذي يسمح بعرض للكلاب ومربيهم بمكان عام، مشيراً إلى أن رفض العرض يأتي مخالفاً للقوانين والأعراف ولا يوجد أي مسوغ قانوني يمنع ذلك.
وتابعت حديثها بأن الغزيين يحبون الحياة رغم الظروف القاسية التي يعيشونها، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأ الشباب الاهتمام بمتابعة أحدث التطورات في مجال الموضة، وأصبح هناك إقبال متزايد على مهنة تصميم الأزياء.
هافينغتون بوست عربي