في مشرحة ابو ديس .... ليلةٌ مع العظماء كتب هارون عمايرة

12511291_10153469043330819_805511910_o

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

    لم أفكر كثيرا عندما اتصل بي صديق لي يعمل بمعهد الطب العدلي كي أعد تقريرا عن مجموعة من الشبان ، يتطوعون دائما لتكفين الشهداء بعد تشريحهم في معهد الطب العدلي ببلدة ابو ديس وكان الموعد الذي اتفقنا عليه لتصوير التقرير ، وهناك في تلك البلدة الوادعة على أطراف العاصمة المحتلة والضاربة جذورها بالارض الفلسطينية ، التقينا بالعظماء ، في البداية كان واحد وسرعان ما أصبحوا كثر

    كنت بحاجة خلال ساعات لا يتجاوزن اصابع اليد لعيون عدة لاراقبهم ، وعقل اخر يترجم ما أراه الى مشاهد لم أراها حقيقة الى في أفلام ليست مرآة بلورية لواقعنا. اول هؤلاء العظماء ** شهيدٌ فلسطيني ، لم يبخل بروحه من اجل ان يشرق الامل يوماً من الايام على فلسطين لتكون كما عاشها اجداده ، وابت قطرات دمه الطاهرة الا ان تسيل على حجارة المسجد الاقصى لترسم لوحة بطولية اخرى  

عنوانها #لن_نرحل . (الشهيد مصطفى الخطيب من القدس ) والآخر .... ** ابٌ فلسطيني ، يعتصر الالم قلبه ويخنق الحزن صوته ، يصبر ويحتسب ويقف شامخاً كالجبال امام جثمان نجله البكر ، يراقب ويشرف ويساعد ويدقق ويتابع لحظة بلحظة من يشرحون نجله ، يناقشهم في التفاصيل ويسجل الملاحظات ويقارن بين صور الاشعة ومواضع التشريح ، قاوم بصلابة حتى الثواني الاخيرة لانتهاء التشريح ومغادرة الجميع بعد منتصف الليل (والد الشهيد مصطفى الخطيب)

  وبعده .... ** طبيبٌ فلسطيني ، تعلم ليكمل لوحة الطب الفسيفسائية لفلسطين، لا يعرف لغة الوقت بل لغة البحث عن الحقيقة وعن اسرار من حملوها معهم (الشهداء والموتى) ، فهنا يشرح ويحلل ويقيم ويسجل ويستخلص النتائج من اجل تقديم قتلة الفلسطينيين للعدالة الدولية ، دون ان يكل او يمل . (الدكتور صابر العالول – مدير الطب العدلي ) ** متطوعون فلسطينيون ،

  تركوا اشغالهم وعائلاتهم وجمعوا مالهم وتمترسوا خلف ابواب المشرحة في انتظار انتهاء التشريح ، ليكرموا الشهداء بإلباسهم بعد غسلهم ولفهم بهويتنا وعنوانا وعزتنا "علمنا الفلسطيني" ، وحطتنا الرقطاء ، يقرءون القرآن لروحه ويودعونه وداع الاخوة والاصدقاء والاهل والاحبة .(شبان جدعان من بلدة ابو ديس ) ** موظفون مخلصون ومسعفون مناضلون،

  لا ينظرون الى ساعاتهم ولا ينتظرون انتهاء دوامهم يقومون بواجبهم الوطني قبل واجبهم المهني ، تركوا الغرف الدافئة ووقفوا في الهواء الطلق في البرد القارص ، ليقدموا المساعدة ، وليعملوا على تجهيز الجثامين ونقلها بعد انتهاء التشريح من المشرحة الى المشافي لتوضع في الثلاجات تمهيداً للدفن في اليوم التالي .(الموظفون والعاملون في معهد الطب العدلي وجامعة القدس ) الصورة المرفقة مع والد الشهيد مصطفى الخطيب  

رام الله الاخباري