تفاصيل تكشف لأول مرة عن عملية " استشهاد " نشأت ملحم

740b0514-5688-4802-a106-24d4e692bac1_16x9_600x338

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

 تسود في إسرائيل قناعة بأن الشهيد  نشأت ملحم نفذ عملية إطلاق النار في تل أبيب لدوافع أمنية وربما دينية.وفتح ملحم النار على ملهى في شارع ديزنغوف بتل أبيب وقتل إسرائيليين اثنين وجرح آخرين.

وسارع بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى التلميح بأن العملية قد تكون إلهاماً من داعش، ولكن بدون إغفال دوافع أخرى تتعلق بالعمليات الفلسطينية الفردية، أو حتى بأسباب شخصية. وسبق أن كان ملحم أسيراً لخمس سنوات بعد محاولته قتل جندي وخطف سلاحه انتقاماً لقتل الشرطة ابن عمه عام 2006، إلى جانب وجود ملف جنائي ثقيل بحقه.

كما أن ملحم يعاني من حالات غضب واضطراب نفسي بحسب تشخيص للطب النفسي الإسرائيلي من العام 2007، بالإضافة إلى أن عمل والده في صفوف الشرطة (الأمر الذي لا يتقبله الفلسطينيون) قد يكون من مرجحات الدوافع المركبة، ومع ذلك، فإن الخلفية السياسية الدينية تبقى الأكثر ترجيحاً في التحقيق الإسرائيلي غير المنتهي بعد.

ملف مفتوح وإخفاق أمني

بعد أسبوع من العملية، تمكنت الوحدات الخاصة الإسرائيلية من قتل الشهيد  نشأت ملحم في بلدة عرعرة في المثلث الشمالي، إلا أن استشهاده  لم يقفل ملف هذه القضية، بل أبقى علامات استفهام كثيرة تفتح الباب واسعاً أمام احتمالات عدة. وعلى الرغم من الإبقاء على أمر قضائي بحظر نشر التفاصيل، فإن ما يتوافر من معلومات يرسم صورة مركبة لا تخلو من الغرابة، من لحظة تنفيذ العملية قبل أكثر من أسبوع وانتهاءً بالوصول إلى منفذها، فالمعلومات التي حصلت عليها "العربية.نت" لا تدع مجالاً للشك في أن إخفاقاً أمنياً إسرائيلياً غير مسبوق لازم "عملية تل أبيب".

فقد فتح ملحم النار على الحانة في شارع ديزنغوف في تل أبيب، على بعد 900 متر فقط من مخفر شرطة، حيث قتل إسرائيليين اثنين وجرح خمسة، ولم يكن يخفي وجهه أو هويته، لا بل ترك حقيبته في متجر قريب، وفي غضون دقيقتين وخمس وأربعين ثانية وصلت سيارات شرطة إلى الموقع، لكن ملحم كان لاذ بالفرار ليس ذلك محذراً المارة الهاربين من أن ثمة إطلاقاً للنار، أي كان بوسعه قتل العشرات من الإسرائيلين لو أراد، ثم تمكن خلال دقائق الوصول إلى سيارة أجرة سائقها عربي - لم يتضح إن كان بينهما معرفة سابقة – ليستقل بعدها السيارة وصولاً إلى شمال تل أبيب. وألقى ملحم هاتفه الجوال في مكان آخر لتضليل قوات الأمن الإسرائيلية، وهنا قام بقتل السائق الفلسطيني ابن مدينة الرملة أيضاً وقاد السيارة لكنه تركها بعد أن ملأت الحواجز مخارج تل أبيب، ليزداد الأمر غرابة بـأن يصل في خلال ساعتين و40 دقيقة فقط إلى بلدة عرعرة في المثلث مختبئاً في منزل أحد أقربائه هناك، وتاركاً آلافاً من عناصر الشرطة والأمن يفتشون شوارع وبيوت تل أبيب بدون طائل كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.

الشرطة تصمت ونتنياهو يحرّض

في الأيام الأولى لعملية البحث الواسعة النطاق في تل أبيب، لم تكتف الشرطة بإخفاقها الذي بدأ بعدم نشر صور نشأت ملحم إلا بعد ساعات، ما سهل عليه عملية الهرب، بل التزمت الصمت.

ثمة من يقول لو كانت العملية في القدس لقتل المنفذ خلال دقائق  برصاص المستوطنين خلافاً لأهالي تل أبيب الذين لا يحملون السلاح عادة. وظل مئات الآلآف، بعد العملية، في حال هلع وشلل فامتنع الأهالي عن إرسال أبنائهم للمدارس ولم يزاول معظمهم عمله، ويعزى ذلك لمفتش عام الشرطة الجديد، روني الشيخ، القادم من صفوف جهاز المخابرات "الشاباك"، العامل في العتمة بدون ضجيج إعلامي، وكان هو من منع قيادة الشرطة من الحديث للرأي العام وطمأنة الإسرائيليين، لكن من تحدث كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكأنه مرشح في الانتخابات، حيث أخذ يحرض ضد فلسطينييني الداخل متوعداً إياهم باتخاذ إجراءات وخيرهم بين انتمائهم الفلسطيني وجنسيتهم الإسرائيلية، مستخدماً سلاح "الولاء للدولة" بدلاً من الالتزام بالقوانين.

التدخين أدى الى الاستشهاد .. بطريقة غريبة

فقط بعد أربعة أيام على عملية تل أبيب، بدأت أجهزة الأمن الإسرائيلية تشكّ جدياً في أن نشأت ملحم ربما يكون عاد إلى منطقة المثلث أو هرب إلى الضفة الغربية، وإن كانت أجرت تمشيطاً منذ اليوم الأول في عرعرة وعارة المجاورة، بدون فائدة، لكن يوم الخميس الماضي، عثرت لأول مرة على دليل لوجود ملحم في وادي عارة، من خلال تحليل الحمض النووي. ووجدت فضلات وأعقاب سجائر قام بتدخينها، وبعد ظهر يوم الجمعة وصلت معلومات للشرطة وليس للمختبرات بأن ملحم مختبئ في بلدة عارة، حيث اتضح بأنه لاذ بمنزل يعود لأحد أقربائه قبل أن ينتقل لمنزل آخر.

واقتحمت الوحدات الخاصة الحي وبدأت بتفتيشه منزلاً منزلاً مع فرض حظر للتجوال، وصولاً إلى دفيئة زراعية كان ملحم فيها حيث اكتشفه كلب بوليسي لكنه انتقل إلى ساحة منزل قريب حيث رفض الاستسلام وفتح النار لتقتله الوحدة الخاصة، وكانت الشرطة اعتقلت خمسة بتهمة مساعدته على التستر والهرب.

وما يزعج إسرائيل أن أغلب أهلي بلدته عرعرة كانوا يعرفون بوجود ملحم بينهم، لكن أياً منهم لم يبلغ عنه، وإن صح ادعاء محامي العائلة اليهودي، نحومي فاينبليت، فإن والد نشأت ملحم، المعتقل بتهمة مساعدة ابنه، وهو متطوع في الشرطة الإسرائيلية ويملك السلاح الذي استخدمه ملحم، طلب من المحامي تبليغ الشرطة بأي معلومة حول ابنه. وكان المحامي من قام بالتبليغ على حد ادعائه في الإعلام الإسرائيلي لكن القضية ستترك أثراً كبيراً على طبيعة العلاقة بين اليهود وفلسطينيي الداخل.

 

العربية نت