رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري :
'حفرنا لأخي بسيم القبر منذ يومين، وأنهينا كافة الترتيبات اللازمة لتشييعه بما يليق بالشهداء، صدمنا وصعقنا لما كانت عليه حالة الجثمان، عبارة عن قطعة جليد، جثمان بارد لا حياة فيه، شهر من الاحتجاز عند الاحتلال الاسرائيلي غير كل معالمه وتفاصيله'، قال نسيم شقيق الشهيد بسيم صلاح (38 عاما) من مدينة نابلس.
وتابع شقيق الشهيد بسيم: 'أكثر ما كنت أفكر به عند تسلم جثمان أخي هو ضمه وتقبيله، لكني تجمدت، بعدما شاهدت حال الجثمان، الذي شوهته ثلاجات الاحتلال قاسية البرودة'.
وصل جثمان الشهيد إلى مستشفى رفيديا الحكومي، بعد تسليمه من قبل قوات الاحتلال على حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس أمس، هرعت عائلة واصدقاء وجيران الشهيد لرؤيته، كان الشهيد مسجى داخل القاعة المخصصة، قدماه متجمدتان ومرتفعتان عن السرير، كما تركت السلاسل أثرها على جسده، ما خلف زرقة واضحة حول يديه وقدميه بحسب شقيقه نسيم.
وترك تجميد الاحتلال جثمان بسيم بهذه الصورة أثرا نفسيا صعبا لدى العائلة، على والدته تحديدا، والتي آثر نسيم عدم السماح لها برؤية الشهيد خوفا من تعرضها لصدمة قد تفقدها حياتها، خاصة أنها تعاني من أمراض عديدة، فيما فاقم استشهاد ولدها من وجعها ومرضها.
ويشير نسيم إلى أن العائلة كانت تعتزم دفن ابنها خلال ساعات الليل، لكن ما كان عليه الجثمان من تجمد وارتفاع قدميه عن الأرض لم يسمح بذلك، لافتا إلى أن العائلة لا ترفض فكرة تشريحه لكن هذا يحتاج لوقت طويل، وهو أمر صعب على العائلة، خاصة الأم.
الطبيب الشرعي سمير أبو زعرور والذي عاين جثمان الشهيد بسيم صلاح، الذي استشهد نتيجة إطلاق النار عليه، من قبل قوات الاحتلال في القدس المحتلة، في التاسع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، أكد أن 12 رصاصة اخترقت جسد الشهيد، معظمها في منطقة الصدر، إضافة إلى أنه مجمد على درجة حرارة 50 تحت الصفر.
ورجح أبو زعرور سبب ارتفاع قدمي الشهيد عن الأرض إلى وضعه بثلاجه لا تناسب طول وحجم الشهيد، مضيفا أن هناك بقعا على ظهر وأقدام الشهيد من الخلف، نتيجة وضعه على جسم صلب غير مستوٍ لفترة طويلة، منوها إلى وجود آثار تكبيل وكدمات على أجزاء من جسده.
وتابع: 'الفحص الأولي للجثمان أظهر عدم وجود تشريح على جسد الشهيد من قبل الاحتلال، لأنه لو حصل ذلك فإنني سأكون مضطرا لفتحها مرة أخرى لمعاينة إذا ما كان هناك سرقة أعضاء أم لا، في حالة الشهيد بسيم صعب علي فحص حتى قرنيات العين، لكنني لم استطع لشدة ما كان عليه الجثمان من تجمد'.
وقال أبو زعرور إن تشريح الشهيد بسيم أو أي من الشهداء المشابهين لحالته يحتاج إلى أن يوضع في ثلاجة على درجة حرارة 10 تحت الصفر مدة ثلاثة أيام، حتى تتحلل من الجليد، موضحا أن هناك قرارا من النيابة العامة بالتشريح، لكننا هنا مضطرون لمراعاة ظروف العائلة النفسية وما تقرره بشأن هذا الموضوع، ونحن نشرح لهم حول التشريح ونترك لهم القرار.
وحول الوضع القانوني لاحتجاز جثامين الشهداء، قال مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان شعوان جبارين، إن اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، توضحان أنه في حال وفاة أي أسير أو قتل شخص في ساحة الحرب، فإنه يجب أن يدفن حسب التقاليد والعرف، ويتم التعريف على هويته، وتبليغ عائلته.
وأشار جبارين إلى أن الاتفاقية ذكرت أن على الدولة التي تحتجز الجثامين أن تحترم كرامة الميت وتراعيها، لكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها تجميد جثامين بحيث يصعب عودتها إلى وضعها الطبيعي إلا بعد مرور مدة زمنية لا تقل عن يومين.
وذكر أن تجميد الجثامين بهذه الطريقة يجعل من الصعب القيام بتشريحها، ما يجعل أسرهم بوضع نفسي صعب ومحير، فمن ناحية يريدون التشريح، ومن ناحية أخرى فإن الانتظار يزيد من حرقتهم ولوعتهم، لذا فإن ما يقوم به الاحتلال في هذه الحالة يرتقي لمستوى التعذيب.
وأكد أن الاحتلال من الناحية القانونية يمارس القهر على أهالي الشهداء من خلال احتجاز جثامين أبنائهم وتجميدها، وعدم مراعاتها لحرمة الشهيد وكرامته، إضافة إلى أنها ومن خلال تجميدهم تريد إخفاء الأدلة على ارتكابها جرائم بحقهم.
وقال جبارين: 'إن ما تقوم به إسرائيل هو نوع من التعذيب لأن الهدف من وراء ذلك أمني وليس سياسيا، من خلال الضغط على الأسر نفسيا بهدف الإيذاء'.
ويحتجز الاحتلال 47 شهيدا، بينهم تسعة أطفال، وفتاة واحدة، وهي أشرقت قطناني، والتي رفض والدها استلام جثمانها وفقا لشروط الاحتلال المتمثلة بإجبار عائلات الشهداء دفنهم ليلا، وبمشاركة عدد محدود من ذوي الشهيد، وعدم إجراء أي تشريح ومعاينة طبية للجثة.
وكالة وفا