هذه الحياة في فلسطين لو لم تكن محتلة

737d2a6c51b442d23478218ce9a86f31

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

في هذا التقرير، نفتح نافذة الخيال لعدد من النخبة الأكاديمية والخبراء الفلسطينيين من خلال سؤالهم "ماذا لو لم تكن فلسطين محتلة؟ كيف سيكون واقعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ونظام الحكم فيها؟".

مثلها مثل الدول العربية

يرى أستاذ علم الاجتماع زهير صباغ أن فلسطين لو لم تكن محتلة، "لكانت دولة عربية مثلها مثل الدول العربية المحيطة بها: مجتمع متديّن ومحافظ وفيه أقلية يسارية وتقدمية، والباقون يحملون فكراً رأسمالياً يمينياً. وسيكون مجتمعها عنيفاً ينظر إلى المرأة بدونية".

"لا يمكن القول إن الفلسطيني سيأخذ منحى متمايزاً أو أرقى من النظراء العرب الآخرين"، قال الباحث الثقافي أمير داوود شارحاً أن "الواقع الفلسطيني قبل الاحتلال شهد انفتاحاً لافتاً نظراً لوجود المدن الفلسطينية الكبرى على الساحل، وبالتالي أخذت التجربة الفلسطينية شكلاً اجتماعياً مشابهاً لتجارب عربية أخرى كبيروت والإسكندرية على سبيل المثال".

وأضاف: "ولكن المجتمع الفلسطيني أخذ، وكان سيأخذ، أشكالاً ضمن إطار التحولات العربية الكبرى التي شهدتها المنطقة ابتداءً من التأثر بمنظومة المد القومي الاشتراكي المنفتح، ثم التأثر بحقبة التدين الأخيرة التي تنامت بعد انحسار هذا المد، وترافقت مع تراجع تيارات اليسار بعد سقوط الاتحاد السوفياتي".

نظام الحكم عشائري

يتخيّل المهندس ماهر أبو ريا أن نظام الحكم في فلسطين سيكون عشائرياً "يعني لكل مدينة وقرية أهل الحل والعقد والوجهاء، وهم يشكّلون مجلس شورى موسعاً يكون مرجعاً لقضايا المدينة أو القرية"، متابعاً أن هؤلاء هم مَن سينتخبون برلماناً يضمّ النخبة المختارة والأخير سيشكّل الحكومة.

أما المختص في العلوم السياسية سميح حمودة فقال إن نظام الحكم في فلسطين "يعتمد على الاتجاهات السياسية والفكرية السائدة في المجتمع الفلسطيني، والتي تستطيع التأثير في الجمهور الفلسطيني. وبالتأكيد سيكون هنالك نوع من الديمقراطية التي تسمح للناس بتقرير نوع نظام الحكم الذي سيطبق عليهم".

سياحة نشطة

تضمّ مدينة القدس معالم دينية تجذب الحجاج المسيحيين والمسلمين على حد سواء، فهي تعتبر مدينة مقدسة لأتباع الديانتين، دون أن ننسى أهميتها بالنسبة لليهود.

تتخيل الدكتورة دلال عريقات، المحاضرة في الديبلوماسية في الجامعة العربية الأمريكية، أن واقع السياحة في فلسطين كان سيكون مختلفاً. وقالت لرصيف22: "أتخيل الكم الهائل من السائحين الذين سيحضرون من مشارق الأرض ومغاربها للصلاة والاحتفال في كنيسة المهد والمسجد الأقصى. وأراهم يستمتعون هم وعائلاتهم بمنتجعات Atlantis الفلسطينية في الجهة الشرقية من البلاد حيث الدفء وحيث تسمح الجغرافيا لسكان الدول المجاورة بأن يقودوا سياراتهم يوم الخميس لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في الأراضي المقدسة".

وتخيّلت أن جنوب غرب فلسطين، بحكم موقعه الجغرافي، كان ليكون سان تروبيه الشرق الأوسط، وأضافت أن "اليخوت والفنادق كانت ستوفر مئات آلاف فرص العمل، وكان سيشيّد مطار في الجهة الشرقية وآخر في الجهة الجنوبية بالقرب من المرفأ حتى يستمتع المسافر أثناء عملية الهبوط بمنظر مزروعات الورود والفراولة".

أما الباحثة في شؤون القدس أريج ادعيبس فاعتبرت أن "فلسطين بأماكنها الدينية المقدسة لأتباع الديانات السماوية تحتل مكانة هامة بالنسبة للملايين حول العالم. وقد كانت على مرّ العصور مقصداً للحجاج وللسياحة الدينية، لذلك فإن الإمكانات والمردود المحتمل من تطوير السياحة الدينية يمكنها أن تجعل من السياحة الدينية قطاعاً اقتصادياً حيوياً بالغ الأهمية".

ولفتت إلى أن "زيارة مقدسات القدس لا يرتبط بالضرورة بمواسم دينية محددة، وهو ما يعطيها ميزة مهمة وقدرة على الاستفادة من السياحة الدينية على مدار العام".

اقتصاد مستقر

إضافة إلى السياحة الدينية، يتخيّل رجل الأعمال إياد المسروجي عدداً كبيراً من الفنادق والمنتجعات السياحية، ونظام شحن متطوراً، والكثير من السفن والقطارات التي تنقل البضائع عن طريق البر إلى الشرق، وقطاعاً مصرفياً حديثاً، مضيفاً أنه "حتى الزراعة ستكون لها قدرة تنافسية على الصعيد العالمي. فلنتخيل مثلاً برتقال يافا".

وتعتقد عريقات أن الاقتصاد الفلسطيني المعتمد على الزراعة والسياحة كان سيكون من أكثر الاقتصاديات استقراراً وكان سيدعّم بوجود عدد من المصانع الرائدة في المنطقة. وتشير إلى أن الاقتصاد كان سيكون أكثر فعالية لأن الدولة ستتخلّص من "المشاريع غير الربحية التي تهدر الجهود والأموال".

تواصل فعال مع الخارج

انطلاقاً من حادثة رفض منتخب السعودية لكرة القدم اللعب في فلسطين لأنهم لم يريدوا التعامل مع الاحتلال وأخذ تأشيرة من إسرائيل، قال الباحث في التاريخ الإسلامي محسن يوسف: "لو لم يكن هنالك احتلال لجاءت أعداد هائلة من الناس إلى فلسطين بسهولة كما يذهب الكثيرون إلى جميع الدول العربية".

وانطلاقاً من موقعها الجغرافي، يتخيّل أستاذ الجغرافيا في جامعة بيرزيت أحمد النوباني أن فلسطين لو لم تكن محتلة، لكانت شهدت انفتاحاً على السياحة وعلى التصدير والاستيراد إضافة إلى تحقيقها تكاملاً في مجالات مختلفة.

وبلغة ملآى بالأمل، قالت عريقات "نحن منبع الديبلوماسية، الفاتيكان الجديد، سيتوافد طلاب العلم للدراسة في جامعاتنا ويدعون بشكل دائم للتعلم من إنجازاتنا".

ويتخيل أنور حمام، الوكيل المساعد لشؤون المديريات في وزارة الشؤون الاجتماعية أن "هنالك حياة كبرى ستقام على السياحة في القدس. ومع السياحة ستنتقل حركة البضائع والبشر والثقافات. ستفتح جامعات فلسطينية يدرس فيها طلاب عرب. وستأتي عمالة عربية إلى حقول الغاز والموانئ الفلسطينية، والبضائع الفلسطينية ستمتلك قدرة تنافسية عالية".

ويتخيّل عناوين مثل "فلسطين عاصمة المنتدى الاقتصادي والاجتماعي العالمي"، "مساحات إعلامية حرّة تستقطب كل أصحاب الرأي والفكر والإبداع"، "نظام ديمقراطي تسعى المنطقة إلى تقليده".

رصيف 22