رام الله الإخباري
"يا بنت شعيي ناضلي بكحل البارودة تكحلي وتوشحي بصف الفشك بغصن الزيتونه اتجدلي" ..
مقطع من أغنية غناها سابقا الفنان الفلسطيني "أبو عرب" رحمه الله وهو يحث بنات فلسطين على الجهاد والنضال ومرت السنين وانشدنا لبنات الوطن "أخت الإسلام إلا هيا..كوني كالخنساء وسمية" و"اخت المرجلة" فكانت حكايات الشهيدات التي لا تتوقف ، وكأنّ قدر هذه الأرض أن ترتوي بدماء بناتها كما أبنائها لكي تبقى سهما في كبد الأعادي، وفي كبد كل من سولت له نفسه التفريط بالأرض والإنسان.
فكانت هديل ودانية ورشا وأشرقت وغيرهن ممن سطرن أسماءهن في تاريخ الوطن ومن بعدهن سطر شباب الوطن أسماءهم أيضا كـ "شهداء النخوة" كرائد ومحمد ومهند، فقد كان استشهاد عرائس فلسطين بمثابة الضوء الاخضر ليقدم الشباب المهور الغالية من الدم الطاهر الذي روى ثرى الوطن، فتستمر حكايا الشهادة التي لا تنقطع عن تراب فلسطين.
رشا قطناني: تبرعوا بأعضائي
الشهيدة رشا قطناني (16 عاما) من مخيم عسكر الجديد بنابلس وبحسب عائلتها كانت قد اوصت بالتبرع بأعضائها اذا ما استشهدت.
واستشهدت أشرقت طه أحمد قطناني على حاجز حوارة جنوب نابلس بعد تعرضها للدهس من قبل أحد المستوطنين ومن ثم فتح الجنود هناك النار عليه.
رشا عويصي: اخترت الطريق بكامل قواي
أما الشهيدة رشا عويصي (23عاما) من قلقيلية فكانت آخر كلماتها لعائلتها: " أمي الغالية, لا أعرف ماذا يحدث, فقط أعرف أن طريقي قد أنتهى, وهذا الطريق أخترته بكامل وعيي دفاعاً عن وطني والشباب والبنات .. لم أعد احتمل ما أراه لكن الذي أعرفه هو أني لم أحتمل، أهلي أبي أمي وأخواني, سامحوني على كل شيء, ما بوسعي غير القول أنني فعلاً أحبكم، وخاصة خطيبي سامحني على كل شيء ما بوسعي غير هذا الطريق، أنا آسف على هذا الرحيل".
وكانت رشا قد استشهدت بتاريخ 9/11/2015 عقب إطلاق جنود الاحتلال النار عليها عند حاجز “الياهو” العسكري قرب مدينة قلقيلية، شمالي الضفة الغربية بحجة نيتها تنفيذ عملية طعن.
هديل الهشلمون: قتلت وهي تدافع عن حجابها
كانت هجرة هديل الهشلمون (18 عاما) من الخليل لله فاختارها شهيدة يوم 23/9/2015، فقد تميزت هديل بحسن الخلق والالتزام الديني فهي من رواد المساجد منذ طفولتها وحافظة للقرآن الكريم، وهي تهتم بالأطفال وبتحفيظهم القرآن.
وقال والدها لوسائل الاعلام: "وهي منذ عامين تتكلم مع الجميع باللغة العربية الفصحى لاعتقادها بأنها أساس نهضة الأمة رغم أن ذلك سبب لها صعوبة في التواصل مع كبار السن لكن الصغار أخذوا يقلدونها في ذلك".
وأضاف قائلًا: "وكانت مرهفة الإحساس ولها محاولات أدبية نالت إعجاب الأدباء والكتاب الذين شجعوها كثيرًا ورأوا فيها محاولات يمكن البناء عليها مستقبلًا"، مشيرًا إلى أنها سجلت في كلية الشريعة –جامعة الخليل وداومت فيها لمدة شهر ونصف قبل استشهادها وكانت سعيدة بذلك كثيراً.
ويستذكر آخر موقف لهديل قبل التحاقها بالجامعة بشهرين عندما جاءت لتخبره بأنها اتخذت قرارًا بلبس النقاب فأوضح لها بأن النقاب ليس فرضًا وطلب منها تأجيله لأنها في سن زواج حتى تتم خطبتها، فما كان منها إلا أن ردت عليه: "ألا تؤمن يا أبي بأن الزواج نصيب وأن النقاب لن يمنعه", فأسكته ردها وأعطاها مالاً لتشتري النقاب.
وفي يوم استشهادها –وفقاً لوالدها – كانت هديل في طريقها للجامعة فإذ بها تقرر أن تمر على بعض العائلات المستورة التي تقيم في شارع الشهداء وأثناء مرورها بالحاجز (الإسرائيلي) استوقفها الجنود وطلبوا منها خلع نقابها فرفضت طالبة إحضار مجندة لكي تكشف وجهها فلم يستجيبوا لطلبها، فأرادت الرجوع من نفس الحاجز وأثناء التفافها للعودة من المكان الذي أتت منه أطلقوا عليها الرصاص من على بعد مترين تقريبًا.
دانية ارشيد: دعت لنيل شهادة الثانوية فنالت شهادة أكبر
لم تستطع الشهيدة دانيا ارشيد (17 عاماً) من الخليل من تحقيق حلمها الوحيد والنجاح في الثانوية العامة، فرصاصات جنود الاحتلال الاسرائيلي غيبتها وأحلامها عن أحضان كُتبها المدرسية ودعوات والدتها لها.
كانت دانيا في طريقها لمركز اللغة حيث تأخذ دروس تقوية للغتها الإنجليزية، قبيل استشهادها. كان ذلك تاريخ ذلك اليوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما قررت بأن تتوجه إلى المسجد الإبراهيمي للصلاة والدعاء.
وكان الشهيد البطل رائد جرادات من الخليل "شهيد النخوة" والذي نفذ عملي طعن فور ارتقاء دانية شهيدة وكان آخر ما كتبه عبر صفحته على "الفيسبوك": اعتبرها أختك
فزفت عائلتهما أرواحهما الطاهرة في مشهد فريد وامام آلاف المهنئين بشهادتهما.
بيان عسيلة: رفضت التفتيش المذل
الشهيدة بيان (16 عاما) من الخليل رفضت أن تخضع لتفتيش مذل على يد جندي اسرائيلي أرعن، فما كان من الجنود إلا قتلها برصاصات غدر أودت بها الى الشهادة.
كان آخر طرح قدمته بيان وفعلته هو قيامها بقراءة سورة الفاتحة وقصيدة عن الشهداء في إذاعة مدرستها ، أتراها كانت تعلم بيان أن آخر كلمات ستبقى عالقة في اذاعة مدرستها هي كلماتها، وهل كانت تعلم أن آخر صوت نجيّ ستحفظه جدران مدرستها والهواء هو صوتها!؟.
بيان كانت تأمل بدراسة العلوم السياسية، لتجد حلاً سياسياً لوطنها المحتل، بعد أن عجز السياسيون في ايجاد الحل الأمثل والانجع لإحلال السلام الذي تؤمن به بيان، وهو سلام ما بعد انهاء الاحتلال، فعنونت بيان بضع قصائدها باسم الوطن فلسطين، حباً وعشقاً وتخليداً لوطن أصبحت بيان في عداد شهدائه الخالدين فيه.
وبحسب والدها فقد رحلت بيان وتركت فراغاً كبيراً، سأفتقد كثيراً للحيز الذي كانت تشغله في زوايا البيت، ولعلامتها العالية وتفوقها في المدرسة، سأفتقد حضورها في كل شيء، فبيان قيادية بمعنى الكلمة".
وللشهيدة ثلاث أخوات، هي أكبرهن، وأربعة ذكور، كانت مسؤولة عن تدريسهم والاعتناء بهم عند غياب الأم، وهي من كانت ترتب ملابسهم، وتقدم لهم النصائح، تمازحهم وتلاعبهم، وتمنعهم من الخروج إلى الشارع خوفاً عليهم، الأمر الذي سيحمل أخوتها الكثير من الألم لحظة التفكير في فراقها.وختاما الشهداء ليسوا عاديين، هم أصحاب الحياة الناجحة، ويبغون نجاحاً آخراً فينالون الشهادة.
وكالات