سببين رئيسيين لخروج الشبان الفلسطينين لطعن جنود الاحتلال

موقع رام الله الاخباري | الجزيرة :

يقول باحثون إن معظم منفذي العمليات ضد جنود الاحتلال ولدوا في ظل اتفاقية أوسلو وما رافقها من إحباط سياسي، فهم يعبرون عن رفضهم لهذا الواقع، كما ينتمي معظمهم لعائلات معروفة ولديهم حياة اقتصادية مستقرة، فخروجهم لم يكن نتيجة إحباط اقتصادي.عمر الفقيه، شاب مقدسي يحمل الدرجة الجامعية الأولى في العلوم المالية، ولديه مشروعه الخاص، وكان قبل أسابيع يخطط للزواج، قبل أن ينفذ عملية طعن لجندي إسرائيلي على حاجز قلنديا العسكري، ويرتقي شهيدا برصاص الاحتلال.

كان الشاب البالغ (24 عاما) كما وصفه شقيقه أحمد نشيطا في عمله ويحب الأطفال، وقد حصل على بطولة الجامعات الفلسطينية في التنس قبل عامين، ولا يتحدث كثيرا عن تفوقه أو أعماله. وقبل مغادرته البيت يوم استشهاده، سلم على والدته طالبا منها أن تعد وجبة يحبها، ولم يلفت انتباه أحد إلى نيته الذهاب \"فداءً للوطن والأقصى ومرابطات القدس\" كما كتب في وصيته. ويمثل الفقيه حالة مشابهة لعشرات الشباب الفلسطينيين الذين اتهموا بتنفيذ عمليات طعن أو دعس استهدفت مستوطنين إسرائيليين مؤخرا، واستشهد منهم أربعون بعد إعدامهم، بينما أصيب آخرون واعتقلوا. ووفق مركز القدس للدراسات في رام الله، فإن 62 عملية طعن ودعس، منذ بداية الأحداث مطلع أكتوبر/تشرين الأول، أدت لمقتل 11 إسرائيليا وإصابة 252.

\"\"

الشهيد إياد العواودة يطعن أحد جنود الجيش الإسرائيلي بالخليل قبل استشهاده (ناشطون)

حركيون ومستقلون وفي روايات عائلاتهم، لم يبدِ معظم منفذي العمليات نية معلنة مسبقا، وجاء معظمهم من انتماءات سياسية واضحة، ومنهم من قضى فترات بالسجون الإسرائيلية، ولكن بينهم مستقلون ولا ينتمون لفصائل. وعند البحث، يظهر الشهيد مهند حلبي من مدينة البيرة، والذي افتتح سلسلة هجمات طعن المستوطنين، طالبا جامعيا يطمح للتخرج والعمل كمحامٍ، أما الشهيد إياد العواودة فكان عاملا وانشغل قبل أسابيع من طعن جندي وسط الخليل بتشييد منزل راق. وتطرق بحث أعده مركز سليمان الحلبي للدراسات إلى خلفية منفذي العمليات، حيث أخرجهم من وصف \"العمليات الفردية\" لخلفية انتمائهم السياسي لفصائل ما زالت قادرة على \"التعبئة\" رغم \"القبضة الأمنية المزدوجة في الضفة الغربية للسلطة الفلسطينية وكذلك الاحتلال الإسرائيلي\".

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية سميح حمودة أن هناك سمة عامة تجمع منفذي العمليات، وهي أنهم ولدوا جميعا في ظل اتفاقية أوسلو ومسيرة التسوية السلمية وما رافقها من إحباط سياسي، حيث عبروا عن رفضهم لهذا الواقع ليعيدوا القضية إلى مربع الكفاح الأول. ويرى أن خروج هؤلاء الشباب كان متوقعا، وأن نموذجهم سيستمر مع استمرار التصعيد الإسرائيلي في التعامل مع الفلسطينيين \"وكأنهم شعب غير موجود ولا ينتمي إلى البشر\" معتبرا أن التطورات التي شهدها المسجد الأقصى والاعتداء على المرابطات المقدسيات خلق حافزا كبيرا لدى الشباب المعبأ عقائديا ووطنيا للانتفاض.

\"\"

والدة الشهيد مهند حلبي تحمل صورته خلال تشييعه (الجزيرة)

وعي متقدم وبينما تعبر قيادات فلسطينية عن اعتقادها بأن منفذي العمليات والشباب يعانون من حالة يأس، يقول أستاذ علم الاجتماع وسام رفيدي إنهم يعبرون عن رغبة حقيقية بالتمرد وبالتغيير لإيجاد نهج بديل عن التفاوض المستمر منذ 22 عاما \"وهذا يعد حالة متقدمة من الوعي\". ويضيف \"ثقافة الهزيمة والانكفاء والهم الفردي والاستفادة من القروض والتسهيلات البنكية التي أشاعتها مرحلة أوسلو لم تنجح مع هؤلاء الشبان، فعملياتهم أثبتت فشل محاولات إخراجهم من الاهتمام الوطني العام\".

ويعتقد رفيدي أن الحديث عن يأسهم بسبب الظروف الاقتصادية توصيف خاطئ، حيث ينتمي معظمهم لعائلات معروفة ولديهم حياة اقتصادية مستقرة، مستشهدا بمنفذ عملية الدعس شمال الخليل قبل عام \"ماهر الهشلمون\" الذي قالت زوجته إنهم كانوا يملكون رصيدا بنكيا محترما وفيلا وسيارة حديثة ويسافرون كل عام للاستجمام، لكنه خرج بدافع المسؤولية الوطنية.

ويقول الأكاديمي الفلسطيني إن وعي الحركة الشبابية الأخيرة \"سبق بدرجات وعي كل القيادات والحركات السياسية الفلسطينية التي عجزت عن رسم إستراتيجية سياسية وعن بناء ركائز لحماية الانتفاضة\". وبدورها، تقول أستاذة علم الإنسان لينا ميعاري إن البحث عن السمات النفسية أو الشخصية لمنفذي العمليات يبدو كإزاحة لهم عن \"الواقع المادي والاستعماري الذي يعايشونه\" لافتة إلى انتهاكات الاحتلال.وتضيف أن عمليات الطعن والدعس هي جزء متصل بالضرورة بحالة العنف الثوري التي تشكل ردا على عنف الاحتلال ذاته.