صيام نوارة يحلق بجناحي الشهيد نديم نوارة

موقع رام الله الاخباري - مقابلة : عدنان خليل + وكالات عندما أصر صيام نوارة على اخراج جثة ابنه من قبره لتقوم مباضع الجراحين في سبر غور مسارات الرصاصة القاتلة في جسد نديم، كان والده صيام قد تجاوز مقولة كرامات الأموات وتجاوز ألآم انفصاد قلبه من صدره، ليؤكد وليثبت حقيقة واحدة أن رصاصة جندي الجيش المجرم قد حولت نديم الى جثة طيبة من مسك وريحان، والى روح سامية موطنها مساحات الانبياء والصدقين، والى استشهاد مكن صيام من التحليق باجنحة ملاك الشهيد ليشكل حالة نضالية فريدة، تسمو بالخاص الانساني لاب وعائلة مكلومة الى العام النبيل، وتحول الغصة الى غضب يتفجر في وجه خسة القتلة.

صيام، وببساطة وبديهية اصحاب الحق الفلسطيني في الارض وفي الحياة، يستجيب لنداء الشهيد في ساعاته الاخيرة \" لاتخلوا دمي يروح هدر..\" فيجدّ في البحث عن  الجندي قاتل اطفال فلسطين، ويضع الرصاصه القاتلة في عين الاحتلال. صيام لم يكن سياسيا ولم ينتمي لاي من الفصائل، فقط انتمى لشعبه ووطنه واستجاب لاستغاثة فلذة كبده، فاصبح معلما في النضال يحاكم القتلة في مواقعهم، ويتعلم ويعلم تنمية الروح الكفاحية وكيفية حصار الدولة المارقة.

كتب صيام على صفحة Justices for Nadeem  في الفيس بوك \"غابت الشمس الى الابد وانطفأ القمر وصارت الحياه ظلام دامس وامتلأ البيت بالحزن .الفرح سلك طريقا موازيا لطريقنا الى الابد فلا لقاء مع الفرح في هذه الحياه . انتهت حياه نديم وابتدأت حياتي انا ففي رحيل نديم المبكر رسم لنا اهدافا كثيره واهمها حب الوطن والكفاح لاجله، فلا يدور في خاطري الا نديم والامانه التي حملني اياها. واسال الله ان اكون على قدر تحمل هده الامانه لكي اثلج صدر زوجتي وابنتي وابني .صحيح ان هده السنه من اصعب السنين التي مرت لاننا فقدنا نديم ولكن هي السنه التي كرمنا الله فيها وجعل منا اهل شهيد وقربنا الله منه اكثر واكثر فالحمد لله على هده الكرمه التي اكرمنا بها وكل عام وشباب فلسطين بالف خير\".

\"333871345_15_06_2015_09_53_17\"

 صيام في نشاطه الكفاحي وصل الى الولايات المتحدة الامريكية وشرف جريدة الحوادث لعرب امريكا بهذا اللقاء:

هل لنا ان نتعرف على صيام نوارة؟

-         أنا أبو \"نديم نوارة\" شهيد الذكرى 66 للنكبة الفلسطينية. وأعمل على محاكمة قوات الاحتلال من خلال قضية ادانة الجندي بن ديري بالجرم الجنائي نتيجة قيامه بقتل نديم وزميله محمد الظاهر في يوم 15مايو / ايار 2014 أثناء الفعاليات السلمية تخليدا لذكرى النكبة الفلسطينية.

كنت أملك وأدير صالوني تجميل في نابلس ورام الله الا أنني الان شبه متفرغ لقضية نديم، واضطررت لبيع احد الصالونات لمواجهة الأعباء المالية للمحاكمة وأبقيت على صالون رام الله الذي تديره زوجتي حاليا.

لا نريد ان ننكأ جرحك، فأسمى مرحلة لأي انسان هي الشهادة وأفضل وصف للحر هو الشهيد، ولكننا نحب ان نسمع منك عن نديم فماذا تقول؟

-          عندما يكون الشخص حنونا و قلبه طيبا و تخسره ..هنا الوجع. عندما يكون الشخص محبوبا وهو كل شي بالنسبة لأهله و تخسره.. هنا المصيبة. عندما يكون الشخص بعمر صغير و يروح ظلما.. هنا القهر. عندما يكون هذا الشخص أعز الناس.. هنا قمة القهر و الظلم و كسر القلب. لكن عندما يكون شهيدا.. هنا الصبر وهنا يهون الفراق بأمل اللقاء في الحياة الأبدية.

وهناك كلام في غاية الروعة من وائل مناصرة عن نديم يقول \"..بعد موته عرفنا ان نديم كان مأخوذا بالحياة الى حد الجنون وان كل الاشجار وكل الارصفة وكل الشوارع وكل الساحات وكل الملاعب كانت تشهد على ذلك الحب الذي كان يغمر قلب ذلك الفتى.نديم كان صديقا لكل أولادنا وبناتنا شاهدنا ذلك في الدموع التي انهمرت من عيونهم يوم رحيله. ... بعد هذا الموت لن يكون في وسعنا النظر الى ملعب كرة السلة في سرية رام الله بعد ان غاب عنه واحد من اشقى الفتيان واكثرهم ولعا بالكرة والسلة وتسجيل الاهداف..\".

انت الان في نيوجيرسي – الولايات المتحدة الامريكية فما هي أهداف زيارتك ؟

-         جئت لزيارة الولايات المتحدة أنا وابني داني وبنتي رشا، واهم غرض للزيارة هو مساعدة ابني وبنتي في تجاوز الازمة النفسية التي مررنا فيها على أثر فقدان نديم، وقد أوصى الاطباء بالعمل على مثل هذه الرحلة. وقد ساعدنا في تنظيم الزيارة واستقبلنا بعض الناشطين في قضايا حقوق الانسان ومنهم السيدة دونا ناصر التي استقبلتنا في منزلها، وستنظم لنا بعض النشاطات التي ستساعدنا اعلاميا في قضية محاكمة الجندي الاسرائيلي القاتل.

مع احترامنا لك ولجهدك ولكنك تتحدث باستمرار عن القضية المقامة على الجندي بن ديري وكأنها قضية مضمونة النتائج! ما الذي يجعلك واثقا من ذلك؟

-         لدينا أداة الجريمة، وهي الرصاصة التي أخترقت صدر نديم ومزقت أحشاءه فخرجت واستقرت في حقيبته المدرسية التي كان يحملها على ظهره. ولدينا مشاهد عملية تنفيذ الجرم الذي قامت به وحدة حرس الحدود الاسرائيلية التي تمركزت في ساحة احد المنازل في المنطقة الف التابعة للسلطة في بتونيا قرب سجن عوفر، لقد تم رصد قيامهم باطلاق الرصاص الحي والمطاطي ومسيلات الدموع على طلاب المدارس المشاركين لمسيرة سلمية احياء لذكرى النكبة . وبالرصاص الحي تم قنص نديم و محمد الظاهر واصابة 9 اخرين، كل ذلك تم تصويره من عدة كميرات احداها كان في المبنى المجاور للمنطقة التي كان يتجمع فيها  الاطفال او من قبل كاميرات الصحافة التي كانت تغطي الحدث. هذه الحقائق والبينات ساعدتني في فضح الادعاء الكاذب للاعلام الاسرائيلي الذي قال ان الجنود لم يستخدموا الرصاص الحي. هذه الحقائق أدت الى قيام الاتحاد الاوربي والامم المتحدة والولايات المتحدة بالضغط على اسرائيل  لتقوم بالتحقيق في الجريمة.

 استجابت اسرائيل لاجراء التحقيق مكنني من اللجوء الى القانون الاسرائيلي لرفع دعوى جنائية في المحاكم الاسرائيلية على القتلة منفذي الجريمة باعتبار أن نديم ورفاقه لم يشكلوا خطرا على حياة الجنود، فهم في المنطقة الف التابعة أمنيا للسلطة الفلسطينية والجنود دخلوا الى تلك المنطقة وتمركزوا في منطقة مرتفعة على بعد يزيد عن المائة متر. لقد تم العمل على توثيق الجريمة بكل تفاصيلها من خلال صور الفيديو والشهود وأدوات القتل الى الحد الذي جعلني اخرج جثة ابني نديم من القبر بعد شهر على استشهاده والقيام بتشريحه من قبل لجنة من الامم المتحدة والادعاء العام الفلسطيني والاسرائيلي ومنظمات حقوق الانسان لاثبات أن رصاصة الجندي ديري هي التي تسببت في القتل.

مؤلما هذا القرار الذي اتخذته باخراج ابنك من القبر!

-         هذا كان اصعب وأكثر ألما من خبر استشهاده، ولكن نديم حملني أمانة أن لا يذهب دمه هدرا، ولذلك أخذت القرار ،بعد حصولي على الفتوى الشرعية، وعلى الرغم من قولهم أن الانسان بعد 15 يوما من وفاته يتحلل، الا أن نديم وبعد شهر من استشهاده كان على نفس الحال التي دفن فيها ولم يمسسه اذى ودمه كان ينقط.

هلاّ حدثتنا عن القضية والمراحل التي وصلت اليها؟

-         جرى رفع قضية جنائية ضد سبعة جنود ومن ضمنهم الذي قام بالقنص وهو الجندي بن ديري، وأمام احكام  عملية توثيق الجريمة ومع اشراك المؤسسات الانسانية الدولية والامم المتحدة والسلطة الفلسطينية بالتحقق وفي مراقبة عمليات الفحص، اضافة لاصراري على مشاركة القانونيين والمحترفين في الجانب الاسرائيلي، قامت المحكمة بايقاف خمسة من وحدة حرس الحدود في السجن ،بما فيهم الضابط المسؤول، للتحقيق معهم، وبعد اسبوع جرى اطلاق سراحهم عدا الجندي القاتل بن ديري، ثم عادت  المحكمة الاسرائيلية وقررت نقل الجندي المعتقل بن ديري من الاعتقال في السجن الى الاحتجاز المنزلي مدعية بان الجندي يعاني من اضطرابات نفسية ويعيش حالة من اليأس والاحباط التي تم إثباتها من خلال الرسائل النصية التي يرسلها لعائلته و والديه حيث يطالبهم فيها بالصفح عنه.

اما عن آخر اجراء وردني من المحامي فيفيد \"أن القاضي قرر منح الدفاع طلب تأجيل رد المتهم على لائحة الاتهام ليوم 8.7.2015, هذا مع التشديد والاشارة انه يجب على الدفاع ان يستوفي كل الاجراءات الاولية قبل موعد جلسات سماع الشهود والمعينة ابتداءا من تاريخ 20.09.2015, حيث لن يتم باي شكل تأجيل بدء جلسات سماع الشهود\".

أنت هنا تتحدث عن اجراءات قانونية معقدة لجريمة للجيش الاسرائيلي بقتل الاطفال تتشابك مع اجراءات لأجهزة أمنية اسرائيلية لها سيادة مطلقة، تفرض ما تريد كامر واقع عليك وعلى السلطة الفلسطينية ، وعليه هل قامت هذه الجهات الامنية او غير الامنية بالضغط عليك.

-         اولا المدعي العام الاسرائيلي وجه تهمة القتل من الدرجة الثانية للجندي! معتبرا أن القاتل لا يقصد القتل خلافا للواقع والاثباتات. ومن جهة اخرى قال لي ضابط المخابرات الاسرائيلي في نهاية جلسة تحقيق اسـتمرت اكثر من 3 ساعات  \" لا تتجاوز حدودك وخذ عبرة بالذي حصل لابنك عندما تجاوز حدوده\" ويقصد بذلك تهديدي وثني عن ادانة الاحتلال الاسرائيلي ومنعي من المساهمة في نشاط مقاطعة بضائع المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية، هذا أمر، اما الأمر الآخر الأخطر فهو عدم منحي تصاريح دخول للقدس، مما يمنع وصولي للمحكمة، وهذا سيسبب سلسلة من التأجيلات للمحاكمة وصولا لاضعاف بيّنات الشهود ومن ثم انهاء القضية مع الوقت دون ادانة للجندي او الاحتلال. ولمواجهة هذا الأمر يتوجب علي رفع قضية على المخابرات حتى أتمكن من الدخول الى القدس، ورفع هذه القضية يتطلب الاف الدولارات كرسوم واتعاب محاماة، وهذا عائق اخر وضعوه امامي، وأنا الان في حيرة وارجو أن أتمكن من تدبير هذه الأموال.

هل هناك أطراف تساعدك ماليا؟ وهل السلطة الفلسطينية تمول هذه المصاريف؟، فهذه القضية ليست قضية شخصية وهي قضية عامة ونضالية بامتياز.

-          الواقع أنني في ضائقة مالية، فقد بعت سيارتي وصالون نابلس لتغطية المصاريف وخاصة في الاشهر الاولى للحدث، فلا السلطة تمول ولا أي جهة اخرى. هناك تعاطف اعلامي وهناك تعاطف شعبي كبير ونشاط ايجابي فاعل لمؤسسات حقوق الانسان ومنها مؤسسة الحق ومؤسسة دي سي اي وهيومن رايتس وتش وبيت سيلم، ولكن لا يوجد اي دعم مالي.

أنت تقوم نيابة عن الشعب الفلسطيني بالعمل على ادانة جرائم حرب للجنود الاسرائيلين من خلال ادانة الجندي بن ديري قاتل نديم ولا تجد احد يدعم نشاطاك؟.

-         قيل لي أن الاف الشهداء الفلسطينيين قد قضوا دون القيام بادانة الاحتلال او النجاح في ذلك، ولكني وجدت أن السبب في ذلك هو عدم المتابعة او ضعف البيّنات او الترهل والبيروقراطية في بعض أجهزة السلطة الفلسطينية، هذا من جهة ومن جهة اخرى، فانا الآن غير صيام نوارة السابق، انا ابو الشهيد نديم نذرت نفسي لاكمل دربه وحمل الامانة التي سلمني اياها فلذة كبدي الأجمل، انها أمانة حلم الشعب المضطهد المقهور، فلا شح المال ولا الضغوطات ولا الموت يثنيني عن حملها.