التحديات الخمس الكبرى بوجه الأردن.. من داعش إلى القضية الفلسطينية

موقع رام الله الاخباري :

كاتب المقال: باسم عوض الله، استلم رئاسة الديوان الملكي الهاشمي، كما تسلم إدارة مكتب الملك عبدالله الثاني، من عام 2006 لغاية عام 2008، وعمل مع وزير المالية الأردني وهو المدير التنفيذي الآن لشركة \"طموح\" الإستشارية .. (الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN).

يبدو الأردن لبقية العالم وكأنه واحه لجوء آمنة من أعمال العنف التي تجتاح العديد من البلدان من حوله. ولكن إذا تعمقنا داخله قليلا، فسوف نجد أن هذا البلد يواجه تحديات كبرى لم يسبق لها مثيل.

يكشف الأردن، الذي لطالما كان قادرا على تجاوز الصعوبات، الكثير عن قيادته وشعبه، ولكن في واقع الأمر، عدم الاستقرار الإقليمي واستمرار الضغوط المحلية تعني ان البلاد تواجه مخاطر حقيقية وأوضاعا هشة.

داعش: الهدوء الذي يسبق العاصفة؟

التغييرات والصراعات العميقة في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق - وهما تاريخيا أهم شريكين تجاريين للأردن -جعلت مستقبل منطقة الشرق الأوسط يبدو أكثر قتامة من أي وقت مضى.

هذه الحروب، بالإضافة إلى حالة الشلل في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، قد وضعت ضغطا هائلا على الأردن. ظهور داعش وسيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق ساهم في تفاقم المخاطر الأمنية في الأردن، وقاد البلاد نحو حملة عسكرية لدحر الجماعة الإرهابية. في الواقع، الأردن يرى أن الحرب ضد داعش هي حرب أيديولوجية داخل الإسلام، كما يدرك أيضا التهديد المحتمل الذي يشكله داعش على الأمن العالمي.

اكتمل العدد: كم من لاجئ بعد؟

أدت الحروب في المنطقة الى اضطرابات بشرية هائلة لم يسبق لها مثيل. الأردن يجسد التحديات الاقتصادية والسياسية التي يمكن لبلد أن يفرضها على الآخر.

يستضيف الأردن 1.3 مليون لاجئ فروا من حرب أهلية وحشية طالت مدتها أربع سنوات أتت على الأخضر واليابس بسوريا. وفقا للحكومة الأردنية، بلغت تكلفة اللاجئين نحو 2.9 مليار دولار أمريكي (ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن). ولا تزيد النسبة التي غطاها المجتمع الدولي عن 5.5 بالمئة منه فقط.

وقد وضع هذا التدفق ضغوطاً هائلة على الخدمات العامة، حيث التحق 140 ألف طفل سوري ب مدارس الأردن الحكومية التي هي مكتظة بالأصل، وارتفعت تكاليف السكن في الشمال بنسبة مذهلة بلغت 300 بالمئة، وفقا للحكومة الأردنية.

ومع وصول أكثر من 200 ألف عامل سوري - يشكلون حوالي 10 بالمئة من القوى العاملة في الأردن – مستعدون للعمل بأقل من أجور السوق، تزداد الضغوطات على سوق العمل.

القضية الفلسطينية

لا يكاد يمر يوم في الأردن دون التذكير بأن السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة هو القضية الفلسطينية.لا يوجد أي بلد آخر يشبه الأردن سياسيا واجتماعيا وديموغرافيا، وتاريخيا، وجغرافيا كفلسطين، كما أن ديناميكيات الأردن السياسية هي الأكثر تأثرا بمحنة الفلسطينيين المستمرة.عدم إحراز تقدم بشأن إنشاء حل دولتين والمعاناة الإنسانية على الأراضي الفلسطينية لا تزال تثقل كاهل الأردن ومصير أكثر من 1.8 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في الأردن.

أين هي فرص العمل؟

منذ عام 1948، وخاصة بعد عام 1967، ألقى عدم الاستقرار السياسي الناجم عن الصراع العربي الإسرائيلي بظلاله على التنمية الاقتصادية في الأردن.

وعلى الرغم من كل هذه القيود، فإنه من الصعب أن يصنف تقدم الأردن في الربع الأخير من القرن الماضي سوى أنه قصة نجاح. شهدت إصلاحات اقتصاد البلاد زيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار ثماني مرات بين 1990 و2014 بينما بلغ متوسط معدل النمو 7 بالمئة في العام ما بين عام 2000 و2008، وفقا للبنك المركزي.ولكن منذ ذلك الحين، تباطأ النمو وتضاءل الاستثمار الخاص. وعلى الرغم من تحقيق الاستقرار المالي النسبي ما زال الأردن يعتمد على المساعدات الخارجية.

قد تكون البطالة هي أكبر المشاكل في نهاية الأمر. أكثر من سبعة من كل 10 أشخاص في الأردن هم تحت عمر 29. على الاقتصاد أن ينمو 6 بالمئة سنويا، فقط للحفاظ على كل منهم في وظائفهم -والمعدل الحالي، حوالي 3 بالمئة، يعني أنه سيتم توفير نصف فرص العمل المطلوبة فقط.

لماذا نحتاج الى عملية إصلاح ذات مصداقية؟

بالنسبة للكثيرين في الأردن، الإصلاح الاقتصادي هو ضروري ولكنه ليس كافياً للنجاح. كما هو الحال في العديد من البلدان النامية الأخرى، الانتقال من النظام القديم إلى مجتمع مدني شامل حديث سيكون عملية طويلة وصعبة.

في الأردن، الفقير بالموارد هذا لن يكون مهمة سهلة. من ناحية، الاعتماد على المساعدات الخارجية يجعل شروط المانحين مهمة جدا للتغيير. ولكن من ناحية أخرى، الشروع في إصلاحات اقتصادية هامة دون تقديم إدارة أفضل وحريات سياسية ومسؤولية يكاد يكون مستحيل في أي مكان.

المشكلة هي أن تدابير الإصلاح تُعارض دائماً ويُنظر إليها على أنها تهديد وجودي من قبل الدوائر الكبرى في البلاد. لتكون عملية الإصلاح في الأردن عملية مصداقية وكاملة وناجحة، لا بد من وجود توافق وطني لتحديد المستقبل.

جدول أعمال 2005 الوطني الذي كان محاولة للتغييرات بالجملة في الأنظمة السياسية والمالية في الأردن، فشل في تحقيق نتائجه المرجوة لافتقادها القبول الداخلي المطلوب. لتحقيق أي عملية إصلاح بنجاح، يجب التوصل إلى توافق في الآراء بين جميع الأطراف لرسم الطريق إلى الأمام.

كلما سارعت الأردن بالنجاح في إجماع وطني لجهودها الإصلاحية، كلما سهلت معالجة تطلعات شبابها بإيجابية وتحقيق، بغض النظر عن أي قيود. وهذا صحيح في الأردن كما هو في معظم البلدان العربية اليوم.

المصدر : سي ان ان العربية