الشيكات تحت الضغط: أكثر من نصف مليون شيك مرتجع في 11 شهرا

في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالأسواق الفلسطينية، ما تزال الشيكات تشكّل أداة الدفع المؤجل الأكثر حضورًا في التعاملات اليومية، رغم ما تحمله من مخاطر متزايدة على الأفراد والتجار.

فمع تراجع السيولة وتآكل القدرة الشرائية، يجد كثيرون أنفسهم مضطرين للاعتماد على الشيكات لتسيير شؤونهم التجارية، في وقت يشهد فيه القطاع المصرفي تشددا غير مسبوق في منح دفاتر الشيكات، على خلفية تصاعد المخاطر الائتمانية وتفاقم أزمة الإيداع النقدي بالشيكل الناتجة عن رفض إسرائيل استلام الفوائض النقدية، خلافا للاتفاقيات الموقعة. 

وخلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من عام 2025، بلغ إجمالي عدد الشيكات المتداولة في فلسطين نحو 5.2 مليون شيك بقيمة إجمالية وصلت إلى 18.317 مليار دولار، وفق مسح الاقتصادي لبيانات سلطة النقد الفلسطينية.

في المقابل، سجّلت البيانات ارتجاع 542 ألف شيك بسبب عدم كفاية الرصيد، بقيمة إجمالية بلغت 1.216 مليار دولار في الأشهر الـ 11 الأولى من 2025، وهو رقم يعكس حجم الاختناق المالي الذي يعيشه الأفراد والتجار على حد سواء، ويكشف عن تآكل القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية.

وبحسب الأرقام، فإن نسبة الشيكات المرتجعة من حيث العدد بلغت نحو 10.4% من إجمالي الشيكات المتداولة، أي أن شيكا واحدا من كل عشرة شيكات يعود دون صرف، فيما بلغت نسبة الشيكات المرتجعة من حيث القيمة نحو 6.65% من إجمالي القيمة المتداولة.

وتشير الحسابات التي أجراها الاقتصادي، إلى أن متوسط قيمة الشيك المتداول بلغ نحو 3,505 دولارات، في حين بلغ متوسط قيمة الشيك المرتجع نحو 2,244 دولارًا، ما يدل على أن الجزء الأكبر من الشيكات المرتجعة يتركز في المعاملات الصغيرة والمتوسطة، المرتبطة مباشرة بالتجار وأصحاب المصالح المحدودة، وهم الفئة الأكثر تضررا من الركود وتراجع القدرة الشرائية.

وتزامن تصاعد الشيكات المرتجعة مع تشدد ملحوظ من البنوك العاملة في فلسطين في منح دفاتر الشيكات للعملاء، في ظل ارتفاع المخاطر الائتمانية وتنامي حالات التعثر، ما حدّ من قدرة العديد من التجار والمواطنين على إدارة تعاملاتهم اليومية.

ويأتي هذا التشدد في وقت تتفاقم فيه أزمة الإيداع النقدي، نتيجة تكدّس كميات كبيرة من الشيكل داخل البنوك الفلسطينية، بسبب استمرار رفض الجانب الإسرائيلي استلام النقد خلافا للاتفاقيات المالية الموقعة بين الجانبين.