غيب الموت، اليوم الأربعاء، الفنان المصري القدير طارق الأمير، عن عمر ناهز السبعين عاما، وذلك بعد رحلة مريرة وصراع طويل مع المرض، لتطوى بذلك صفحة أحد الوجوه الفنية المألوفة التي تركت بصمة خاصة في الذاكرة السينمائية والتلفزيونية المصرية، تاركا خلفه حزنا عميقا في قلوب أسرته وزملائه في الوسط الفني.
وجاءت الوفاة بعد تدهور متسارع ومفاجئ في الحالة الصحية للفنان الراحل خلال الأيام القليلة الماضية، حيث كشفت أسرته في وقت سابق عن تفاصيل المعاناة التي عاشها داخل المستشفى، مشيرة إلى تعرضه لعدوى بكتيرية شرسة أدت إلى تداعي حالته الصحية ودخوله في غيبوبة كاملة لم يفق منها.
وفي تفاصيل اللحظات الأخيرة الحرجة التي سبقت الرحيل، أوضحت شقيقة الفنان، لمياء الأمير، أن الفريق الطبي المشرف على علاج شقيقها وجد نفسه أمام خيارات صعبة ومعقدة؛ إذ اضطر الأطباء إلى تأجيل إجراء عملية "الشق الحنجري" التي كانت مقررة لإنقاذ الموقف، وذلك بسبب ظهور مضاعفات حادة ومباغتة حالت دون إتمام التدخل الجراحي.
وبينت شقيقة الراحل أن تلك المضاعفات تمثلت في تراكم كميات كبيرة من البلغم على منطقة الصدر، ناتجة عن هجوم ميكروبي شرس استهدف الرئة بشكل مباشر؛ ما استدعى إجراء عمليات شفط متكررة ومراقبة دقيقة ومستمرة للوظائف الحيوية.
ورغم تمسك الأسرة ببصيص أمل استند إلى استقرار وظائف الكبد والكلى اللذين كانا يعملان بشكل جيد حتى الساعات الأخيرة، إلا أن مؤشرات الوعي والإدراك ظلت غائبة تماما، حيث بقيت حالته "تراوح مكانها" دون أي تحسن ملموس حتى وافته المنية.
ويسدل الستار برحيل طارق الأمير على مسيرة فنية امتدت لعقود، حيث بدأ مشواره الفني في فترة التسعينيات، مشاركا في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية. ورغم أن أدواره صنفت غالبا ضمن الأدوار الثانوية، إلا أنه تمكن بموهبته وحضوره الطاغي من ترك أثر لا يمحى لدى الجمهور، فارضا نفسه خيارا موثوقا للمخرجين في المشاهد التي تتطلب مصداقية وقوة في الأداء.
ومن أبرز المحطات التي خلدت ذكره لدى المشاهد المصري والعربي، تجسيده لشخصية "الضابط هاني"، مستشار الغرام في الفيلم الكوميدي الشهير "اللي بالي بالك" عام 2003، إضافة إلى دور "عبد المنصف" في فيلم "عسل أسود" عام 2010، وظهوره المميز كضابط شرطة في فيلم "صنع في مصر" عام 2014، حيث تميز في كافة أدواره بالقدرة على تقمص الشخصية ببراعة وإتقان.
وكانت شقيقته لمياء قد اختتمت تصريحاتها الأخيرة قبل إعلان الوفاة بمناشدة محبيه وزملائه بتكثيف الدعاء له لتجاوز محنته، إلا أن قضاء الله كان أسبق، ليرحل طارق الأمير تاركا إرثا طيبا وسيرة فنية محترمة.

