يروي المعتقل السوري السابق، عمار دوغموش، اللحظات التي سبقت اقتحام سجن صيدنايا يوم سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وكيف تفاعل المعتقلون مع "أصوات الاشتباكات القادمة من بعيد"، ثم لحظات إطلاق النار التي "ترددت داخل أروقة السجن" قبل أن يعمّ "الصمت المطبق"، ثم يسمع المعتقلون أصوات نساء وأطفال للمرة الأولى منذ سنوات.
وأوضح دوغموش أن المعتقلين "ترددوا في الرد على الطرقات الأولى على أبواب المهاجع، خشية أن يكون الأمر فخًا من أجهزة الشرطة في المعتقل، قبل أن يتبينوا أن من يقف خارجها هم "ثوار جاءوا لتحرير السجن".
وعن هذه اللحظات يقول: "عندها تعالت التكبيرات داخل المهجع، ورفع أحد المعتقلين الأذان، وأدّينا الصلاة جماعة لأول مرة منذ سنوات. شعرت يومها أننا كسرنا آخر قيودنا".
وأشار إلى أن خروجه من السجن كان "صادمًا"، على حد وصفه، إذ وجد الطريق المؤدي إلى خارجه مكتظًا بأهالٍ يبحثون عن ذويهم، مضيفًا أنه "لم يتناول الطعام لمدة يومين" من شدة "فرحه" بعد سنوات طويلة في العزل.
وبحسب دوغموش، فإنه قضى نحو خمس سنوات في سجن صيدنايا، ذي السمعة السيئة، حيث تعرّض خلال فترة اعتقاله "لتعذيب ممنهج" ما تزال آثاره تصاحبه حتى اليوم.
ويقول إن التعذيب بدأ منذ اعتقاله في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 ونقله إلى وحدة المهام الخاصة التابعة لمخابرات القوات الجوية في مطار المزة بدمشق، حيث وُضع أسبوعًا في زنزانة انفرادية.
وفي روايته لظروف الاحتجاز، أوضح دوغموش أنه نُقل لاحقًا إلى "الفرع الأمني 248"، قبل تحويله إلى صيدنايا مع 145 معتقلاً داخل شاحنة تبريد مخصصة للحوم، وكانوا "مقيّدين بالسلاسل وتعرضوا للضرب فور وصولهم". وأضاف أن رفضه بدايةً الاعتراف بالتهم الموجهة إليه ما دفع بالمحقق إلى تهديده بقوله إن "اعترفت أم لم تعترف، لن يتغير شيء"، ما اضطره لاحقًا إلى الاعتراف زورًا بأنه كان "مسلحًا" لتجنب المزيد من التعذيب.
وأوضح أن المهجع الذي وُضع فيه كان يتّسع لنحو 60 شخصًا، إلا أنهم كانوا 120 معتقلًا، وقال، إنه "كنا ننام فوق بعضنا البعض بطريقة نسميها التستيف… وعند الاستيقاظ كنا نجد بيننا من مات اختناقًا". وأضاف أن قطع التهوية عن المهجع تحت الأرض كان من أقسى أساليب التعذيب، إذ كانت مروحة صغيرة هي مصدر الهواء الوحيد، "وعندما تُطفأ عمداً لبضع دقائق يبدأ الجميع بنوبات اختناق".
كما تحدث عن انتشار الأمراض وغياب العلاج، وعن أساليب التعذيب الجماعي مثل ما يعرف بين السجناء بـ"الموسيقى"، حيث تُضرب أقدام المعتقلين بشكل يومي تقريبًا. وروى أن الحارس الملقب بـ"أبو يعقوب" كان يستهدف كبار السن بالضرب مرددًا: "لو ربّيتم أبناءكم جيدًا لما وصل البلد إلى هذا الحال".
واختتم دوغموش حديثه بالإشارة إلى أنه ظل يحلم بلقاء ابنته طوال سنوات الاعتقال، مضيفًا أنه "حين رأيتها تركض نحوي انهارت قواي وسقطت على ركبتي. بكينا طويلًا، وبدا لي ذلك اليوم وكأنه لحظة ولادة من جديد".

