أظهرت نتائج بحث أُجري لصالح منظمة "قلب في الجليل" أن 83% من الشباب اليهود في الجليل يفكّرون بمغادرة المنطقة، في مؤشر هو الأعلى منذ سنوات. كما تُظهر البيانات أن 81% من سكان الجليل يشعرون بأن الحكومة تميز ضدهم مقارنة بسكان وسط البلاد، في ظل اتساع الفجوة الاقتصادية والخدماتية بين المنطقتين.
وأشار البحث إلى أن الاعتبارات الاقتصادية تتصدر أسباب النزوح المحتمل، وليس التوتر الأمني أو المسافة عن المركز. ووفق النتائج، اعتبر 100% من المستطلعين بين سن 18 و29 عامًا أن انعدام فرص العمل والترقي الوظيفي يشكّل العائق الأساسي للسكن في الشمال، في معطى يعكس غياب بنية اقتصادية قادرة على استيعاب القوى العاملة الشابة.
ويشير التقرير إلى مجموعة عوامل تُضعِف قدرة الجليل على الحفاظ على سكانه: نقص شديد في الوظائف النوعية، خدمات صحية دون المعدل القُطري، وبنية مواصلات لا تتيح تنقلًا فعالًا بما يكفي لربط المنطقة بالمراكز الاقتصادية. كما يشير السكان إلى أن مستوى الرواتب في الجليل لا يوازي تكاليف المعيشة، وأن أسعار السلع الأساسية ترتفع في ظل غياب منافسة تجارية حقيقية.
ومع أن آلاف السكان اليهود لم يعودوا بعد إلى بلداتهم التي أخليوا منها مع اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تسجّل البلديات في الجليل ازديادًا في عدد العائلات التي تدرس الانتقال إلى وسط البلاد خلال العام المقبل، في ظل غياب إشارات تُنبئ بخطة حكومية واسعة النطاق لإعادة بناء المنطقة اقتصاديًا.
ورغم أن جزءًا من العائلات عاد فعليًا إلى بلداته، يكشف التقرير أنّ العودة لا تعني الاستقرار، إذ يواجه العائدون سوق عمل ضعيفًا، وفرص تشغيل محدودة، وتأخيرًا كبيرًا في تنفيذ مشاريع البنى التحتية، من بينها مشاريع النقل العام التي لا تزال في مراحل التصور الأولي.
وتبرز في التقرير معطيات إضافية حول استعداد الإسرائيليين خارج الجليل للانتقال شمالًا: 50% يدرسون الفكرة إذا توفّرت وظائف ذات رواتب مرتفعة، و43% في حال قدّمت الحكومة دعمًا لشراء منزل. وفي المقابل، يرى 79% من عموم الإسرائيليين أن على الحكومة زيادة الاستثمار في الجليل حتى إن جاء ذلك على حساب مناطق أخرى.
ويشير مختصون تحدثوا للصحيفة إلى مجموعة أدوات يمكنها تعزيز الاستيطان في المنطقة، أبرزها حوافز ضريبية واسعة، إنشاء محاور توظيف صناعية وتكنولوجية، تحسين الخدمات الصحية، دعم رعاية الأطفال، وخطط إسكان طويلة المدى لخلق سوق عقاري متاح للشباب.
وخلصت الجهات التي أجرت الدراسة إلى إن الجليل يقف أمام "لحظة حسم": إمّا تدخل حكومي واسع يعالج جذور الأزمة، أو استمرار نزيف ديمغرافي يهدد بتحويل المنطقة إلى هامش جغرافي واقتصادي بلا قدرة على استعادة توازنها.

