وسط تزايد المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي حول "أعراض خطيرة" لارتفاع هرمون الكورتيزول، حذّر أطباء وخبراء غدد صماء من موجة تضليل واسعة تستغل المخاوف الصحية لتسويق منتجات غير فعالة وبيع فحوصات غير موثوقة.
يُروّج ما يُعرف بـ"مدربي التغذية" أو "المتخصصين في الصحة البديلة" لنظريات تقول إن اختلال مستويات الكورتيزول – المعروف بهرمون التوتر – يتسبب في مشاكل متنوعة مثل اضطرابات النوم، وزيادة الوزن، والانفعال السريع، وحتى الانتفاخ في الوجه أو البطن.
ويُرفق هذا الادعاء ببرامج غذائية خاصة ومكملات و"مشروبات ديتوكس" يدّعي البعض أنها قادرة على "تنظيم الهرمون بنسبة تصل إلى 75%".
لكن البروفيسور غيّوم أسييه، المختص بالغدد الصماء في مستشفى كوشان بباريس، يؤكد أن هذه الادعاءات "بعيدة تمامًا عن الواقع"، مشيرًا إلى أن الكورتيزول يُفرز بشكل طبيعي من الغدة الكظرية وفق نمط يومي منتظم، وأن اضطراب مستوياته أمر نادر الحدوث ولا يحدث إلا في حالات طبية معروفة مثل متلازمة كوشينغ أو مرض أديسون.
الجمعية الفرنسية للغدد الصماء بدورها نفت وجود أي دليل علمي على ما يسمى "إرهاق الغدة الكظرية"، ووصفت المفهوم بالخرافة التي تفتقر لأي أساس طبي.
ويشير الدكتور تيبو فيولي، المتخصص في الصحة العامة، إلى أن الحديث المبالغ فيه عن الكورتيزول يهدف أساسًا إلى تحقيق الأرباح، قائلاً: "الهدف ليس صحة الناس، بل بيع الحميات، والمنتجات، والفحوصات الباهظة".
فبجانب المكملات، تنتشر اختبارات بيولوجية تُروّج خارج الإطار الطبي الرسمي، مثل فحوص الكورتيزول اللعابي، وتحليل ميكروبات الأمعاء، وفحوص الحساسية المزعومة، بأسعار تتراوح بين 300 و1500 يورو، بحسب ما ذكرته الدكتورة بولين غيّوش، المتخصصة بأمراض الكبد والجهاز الهضمي.
ويُحذر الأطباء من استخدام اختبارات منزلية عبر الإنترنت، لا تخضع لمراقبة مختبرات طبية رسمية، ما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة ومضاعفات صحية محتملة. ويؤكدون أن الاعتماد على مثل هذه المنتجات أو التحاليل قد يُبعد المرضى عن الطب التقليدي ويوهمهم بحلول زائفة، في وقت يكونون فيه في أمسّ الحاجة إلى رعاية طبية حقيقية.
في ظل هذا الواقع، ينبه الخبراء إلى أهمية الوعي والرجوع إلى المصادر الطبية الموثوقة، وتجنّب الوقوع في فخ "الطب التجاري" الذي يستغل القلق ويبيعه على شكل وعود لا تستند إلى علم.