في موقفٍ إنساني فريد من نوعه، أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو عن قرارٍ رسمي يقضي بتخصيص كميات من الذهب المصادَر من عصابات تهريب المخدرات لتمويل علاج الأطفال الجرحى في قطاع غزة، وذلك عقب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين "إسرائيل" وحركة حماس.
وجاء إعلان بيترو في منشورٍ نشره عبر حسابه على منصة X (تويتر سابقًا)، مؤكّدًا أن الذهب الذي صودر خلال الحملات الأمنية ضد شبكات تهريب المخدرات سيتم تحويله مباشرة لدعم القطاع الطبي في غزة، ضمن برنامج إغاثي عاجل يستهدف الأطفال المصابين جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عامين.
تعليمات فورية وإشراف مباشر
وأوضح الرئيس الكولومبي أنه أصدر أوامر فورية إلى "جمعية الأصول الخاصة" (SAE) – وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن إدارة الممتلكات والأصول المصادَرة – لإرسال الذهب فورًا إلى الجهات الإنسانية المعنية بغزة، لاستخدامه في تمويل الدواء والمعدات الطبية اللازمة لعلاج ضحايا الحرب.
كما أشار إلى وجود تنسيق مبدئي مع الجيش الأمريكي لتسهيل نقل المساعدات وضمان وصولها بسرعة وأمان إلى المستشفيات داخل القطاع، مشددًا على أن بلاده تعتبر هذه الخطوة “واجبًا أخلاقيًا وإنسانيًا تجاه شعب يعاني الحصار والدمار”.
بيترو: "كفى بيانات.. آن أوان الفعل"
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس بيترو أن كولومبيا ستتقدم إلى الأمم المتحدة بمشروع قرار يدعو إلى تشكيل "قوة دولية لإعادة إعمار غزة"، مشيرًا إلى أن العالم بحاجة إلى تحرك جماعي فعلي وليس مجرد بيانات شجب.
وقال بيترو في منشوره: “آن الأوان لأن يتحول التضامن إلى فعلٍ ملموس، وأن يُبنى جيش عالمي لإعمار غزة، يُعيد الحياة إلى أرضٍ أنهكها الدمار.”
ويأتي هذا الطرح استمرارًا لمواقفه السابقة التي انتقد فيها بشدة السياسات الإسرائيلية في القطاع، واعتبرها “إبادة جماعية تُمارس على مرأى العالم”، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية.
امتداد لمواقف سابقة داعمة لفلسطين
يُذكر أن الرئيس بيترو كان من أوائل زعماء أمريكا اللاتينية الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل" عام 2024، احتجاجًا على الجرائم المرتكبة في غزة، كما استضافت بلاده مؤتمر “بوغوتا الدولي من أجل فلسطين” في منتصف 2025، بمشاركة عشرات الدول، لدعم الجهود القانونية والسياسية لوقف الحرب ومحاسبة إسرائيل.
كما شارك بيترو في فعاليات تضامنية عالمية مع الشعب الفلسطيني، رغم الانتقادات الغربية، مؤكدًا أن "الحرية لفلسطين ليست خيارًا سياسيًا بل التزامًا إنسانيًا وأخلاقيًا".
رسالة إنسانية من أمريكا اللاتينية إلى العالم
يُبرز القرار الكولومبي الجديد وجهًا آخر من التضامن الإنساني العالمي، ويعكس – بحسب مراقبين – تحول أمريكا اللاتينية إلى منصة سياسية وأخلاقية لمساندة غزة في مواجهة الدمار والحصار، في وقتٍ ما زالت فيه العديد من الدول الغربية تتردّد في اتخاذ خطوات عملية مشابهة.
ويُعدّ هذا القرار الأول من نوعه في العالم الذي يحوّل ثروة مصادَرة من تجارة المخدرات إلى دعم ضحايا الحرب في فلسطين، ليُضاف إلى سلسلة من المواقف الجريئة التي جعلت من كولومبيا نموذجًا للتضامن العملي مع الشعب الفلسطيني.