رام الله الإخباري
قد تؤدي الإجراءات المشددة التي تنفذها الشرطة الفلسطينية لملاحقة السيارات غير القانونية (المشطوبة) في الضفة الغربية إلى إعادة رسم مشهد سوق السيارات، مع تصاعد تساؤلات حول إمكانية ارتفاع أسعار المركبات المرخصة، وزيادة الإقبال عليها، في ظل تراجع البدائل الرخيصة وغير الآمنة.
وفي تحليله للوضع، يرى الخبير في قطاع السيارات د. أكرم العواودة لموقع الاقتصادي أن الحملة على المركبات المشطوبة قد تؤدي إلى ارتفاع طفيف في أسعار السيارات القانونية خلال الفترة المقبلة، لكنه شدد على أن التأثير سيكون محدوداً خصوصا فئة السيارات القديمة التي قد تجذب أصحاب السيارات غير القانونية كبديل معقول إلى حد ما، بسبب ركود السوق وتراجع القدرة الشرائية للمواطن الفلسطيني.
وقال العواودة: "الوضع الاقتصادي الصعب الناتج عن توقف عمال الداخل، والأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، دفع العديد من المواطنين إلى تأجيل قرارات شراء السيارات، سواء كانت قانونية أو مشطوبة".
كما أوضح أن بعض المواطنين يلجأون إلى السيارات المشطوبة كحل مؤقت، نظراً لعدم توفر نظام نقل عام فعّال، إلى جانب ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستوردة، إلا أن الكثير منهم يفضل اقتناء مركبة قانونية إذا توفرت بأسعار معقولة.
وفي حديثه لـ "الاقتصادي"، يرى العواودة أن أحد أسباب ارتفاع أسعار السيارات القانونية في فلسطين يعود إلى نسبة الجمارك المرتفعة، إضافة إلى ما وصفه بـ"جشع بعض التجار" الذين يهدفون لتحقيق أرباح سريعة على حساب المواطنين.
وضرب مثالاً على ذلك بسيارة كهربائية من نوع BYD، التي تباع في الأردن بـ15.5 ألف دولار، بينما يصل سعرها في السوق الفلسطينية إلى 170 ألف شيكل (نحو 46 ألف دينار أردني)، رغم أن جمركها لا يتجاوز 40%، وسعرها في بلد المنشأ (الصين) لا يتعدى 11 ألف دولار.
بحسب تقديرات، يوجد في الضفة الغربية أكثر من نصف مليون مركبة منوعة بين مرخصة، ومشطوبة، ومركبات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية يقودها فلسطينيون.
وفي ضوء استمرار الحملة الأمنية، تشير المعطيات إلى إمكانية حدوث تحول تدريجي في توجهات المستهلكين نحو المركبات القانونية، خاصة مع ما تسببه المشطوبات من مخاطر قانونية وأمنية ومالية.
ومع بقاء أسعار المركبات القانونية مرتفعة، يرى خبراء أن المعالجة الفعلية تتطلب مراجعة السياسات الضريبية والجمركية، وتحسين البنية التحتية للنقل العام، بما يسهم في خلق سوق سيارات أكثر توازناً وأمناً في فلسطين.
بين الأمن والسوق
تؤكد الشرطة الفلسطينية أن الحملة تأتي في سياق فرض سيادة القانون، والتصدي لظاهرة المركبات المشطوبة التي ترتبط بحوادث قاتلة، ومخاطر أمنية واجتماعية واقتصادية.
وفي تصريحات خاصة لموقع "الاقتصادي"، قال المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية العميد لؤي ارزيقات، إن عدد المركبات المشطوبة في الضفة الغربية يُقدر بمئات الآلاف، وإن الشرطة تتلف يومياً ما بين 80 إلى 120 مركبة، رغم تراجع هذا الرقم مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق.
وأشار ارزيقات إلى أن السيارات المشطوبة تسببت في 35% من الحوادث القاتلة المسجلة في الضفة الغربية منذ بداية عام 2024، موضحاً أن غياب الترخيص والتأمين يحرم الضحايا من أي تعويضات أو تغطية علاجية، فضلاً عن استخدام بعض هذه المركبات في أنشطة إجرامية بسبب صعوبة تتبعها قانونياً.
الاقتصادي