استأنفت المقاتلات الأمريكية، في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد، غاراتها على العاصمة صنعاء ومديرية سحار بمحافظة صعدة شمالي البلاد.
جاء ذلك عقب ليلة دامية استهدفت فيها المقاتلات عينها بعشرات الغارات خمس محافظات يمنية، بما فيها العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة، التي قال الحوثيون إنه نجم عنها مجزرتان، سقط فيها 40 شهيدا وجريحا بينهم نساء وأطفال في حصيلة أولية.
واستهدفت الغارات الأمريكية حتى صباح الأحد أهدافا في خمس محافظات يمنية في سياق حملة قالت الإدارة الأمريكية إنها ستستمر وتتواصل ضمن “حملة قوية وحاسمة ضد الحوثيين”، بينما لم يتم الإفصاح من جهة الأمريكان بدقة عن طبيعة تلك الأهداف.
في الأثناء، أدانت حركات المقاومة الفلسطينية هذه الغارات، واعتبرتها “حربا بالوكالة عن الكيان الصهيوني”.
وكان أكثر من 900 غارة وقصف بحري أمريكي بريطاني، خلال عملية “يوسيدون آرتشر” في عهد جوبايدن، قد فشلت على مدى عام كامل، على الرغم من استخدام مقاتلات بي 2 الشبحية، في الوصول إلى أهداف حساسة لـ”أنصار الله” بسبب قصور المعلومات الاستخباراتية، لكنها خلفت خلال عام، وفق خطاب لزعيم الحوثيين في الثاني من يناير/ كانون الثاني الماضي، 106 شهداء و314 جريحا.
39 شهيدا وجريحا
أسفرت غارات الليلة الأولى من الحملة التي وجه بها الرئيس دونالد ترامب، حسب وسائل إعلام تابعة لـ “أنصار الله”، عن “استشهاد وإصابة 17 مواطنا في مجزرتين ارتكبها طيران العدو الأمريكي في غارات على محافظة صعدة”، موضحة “أن الطيران استهدف منزلا سكنيا في منطقة قحزة شمال مدينة صعدة؛ ما أدى إلى استشهاد أربعة أطفال وإصابة أكثر من 10 من نساء وأطفال كحصيلة أولية”، مشيرا إلى أن الطيران عينه “ارتكب مجزرة أخرى بحق مواطنين في مديرية ساقين راح ضحيتها شهيدان”.
وذكرت وسائل الإعلام أن “العدوان الأمريكي نفذ صباح اليوم الأحد، شن ست غارات على مديرية سحار بمحافظة صعدة”. ونقلت عن مصدر محلي “أن العدوان الأمريكي استهدف بغارة منطقة علاف، وشن غارتين على منزل في مدينة الطلح، واستهدف بثلاث غارات مواطنين من البدو الرحل في منطقة آل سباع في مديرية سحار ما أدى إلى نفوق مئات الأغنام”.
وكان الطيران الأمريكي قد شن ثلاث غارات على شرق مديرية مجزر بمحافظة مأرب شمالي شرقي البلاد، ولم يتم الإفصاح أيضا عن الأهداف والخسائر والأضرار بينما تتناول وسائل إعلام تابعة للحكومة اليمنية المعترف بها أن الغارات استهدفت مواقع عسكرية ومنازل لقيادات في الجماعة؛ وهو ما نفاه إعلام الحوثيين.
إلى ذلك، استهدف الطيران الأمريكي بسلسلة من الغارات مواقع في محافظات ذمار والبيضاء (وسط) وحجة (شمال). وأشارت مصادر إلى أن هذه المواقع عسكرية، وهو ما نفاه الحوثيون.
ونقلت وسائل إعلام تابعة للجماعة عن مصادر محلية “أن العدوان الأمريكي البريطاني استهدف مدينة ذمار ومديرية عنس، فيما استهدف بثماني غارات مديريتي مكيراس والقرشية بمحافظة البيضاء، وشن غارات على مديرية مبين في محافظة حجة”.
وكان الطيران الأمريكي قد استهل غاراته مساء السبت باستهداف منازل بحي الجراف شمال العاصمة صنعاء.
وقالت وزارة الصحة في حكومة “أنصار الله” إنه نجم عن الغارات استشهاد 13 مدنيا وإصابة تسعة آخرين في حصيلة أولية للغارات على حي الجراف السكني بصنعاء.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه وجه بإطلاق عملية عسكرية “حاسمة وقوية ضد الحوثيين”.
وجاء في منشور له عبر منصة تروث سوشيال: “مقاتلونا الشجعان يقومون الآن بشن هجمات جوية على قواعد الإرهابيين وقادتهم ودفاعاتهم الصاروخية لحماية الشحن الجوي والبحري الأمريكي، ولإعادة حرية الملاحة. لن توقف أي قوة إرهابية السفن التجارية والبحرية الأمريكية من الإبحار بحرية عبر الممرات المائية في العالم”.
وأضاف: “إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، وقتكم قد انتهى، وهجماتكم يجب أن تتوقف بدءا من اليوم. إذا لم تتوقفوا، فإن الجحيم سينهمر عليكم كما لم تروا من قبل!”.
وتوجه ترامب إلى إيران بالقول: “يجب أن ينتهي دعم الإرهابيين الحوثيين فورا! لا تهددوا الشعب الأمريكي، ولا رئيسه الذي حصل على واحد من أكبر التفويضات في تاريخ الرئاسة، ولا طرق الشحن العالمية. إذا فعلتم، احذروا، لأن أمريكا ستجعلكم تتحملون المسؤولية بالكامل، ولن نكون لطيفين في ذلك”.
مسؤول أمريكي: الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن ستستمر أياما وربما أسابيع
وقال مسؤول أمريكي، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن الضربات العسكرية الأمريكية على جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن يمكن أن تستمر لأيام وربما أسابيع.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية في بيان تنفيذ “سلسلة عمليات شملت ضربات دقيقة ضد أهداف للحوثيين في اليمن”.
استعادة حرية الملاحة
القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) قالت مساء السبت، إنها “بدأت سلسلة من العمليات تتألف من ضربات دقيقة ضد أهداف الحوثيين المدعومين من إيران في جميع أنحاء اليمن للدفاع عن المصالح الأمريكية، وردع الأعداء، واستعادة حرية الملاحة”.
وقال البيت الأبيض إن “هجمات الحوثيين على الشحن البحري منذ عام 2023 أثرت سلبًا على أمننا الاقتصادي والتجارة العالمية”، موضحا “أن عدد السفن التجارية في البحر الأحمر انخفض من 25 ألفا سنويا إلى نحو 10 آلاف بسبب هجمات الحوثيين”، مشيرا إلى أن “هجمات الحوثيين تسببت في تحويل مسار نحو 60% من السفن إلى أفريقيا بدلا من عبور البحر الأحمر”، مبينا أن “الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأمريكية 174 مرة والسفن التجارية 145 مرة منذ عام 2023”.
وتأتي الغارات الأمريكية بعد أيام قليلة من إعلان “أنصار الله” استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب، حتى يتم السماح بدخول المساعدات وفتح المعابر في قطاع غزة. ولم يشمل الحظر الحوثي السفن الأمريكية.
عسكرة البحر الأحمر
الناطق الرسمي باسم جماعة “أنصار الله”، محمد عبدالسلام، اعتبر أن “الغارات الأمريكية على اليمن عدوان سافر على دولة مستقلة وتشجيعا لكيان العدو الإسرائيلي لمواصلة حصاره الجائر على غزة”.
وأضاف عبد السلام: “ما يدعيه الرئيس الأمريكي من خطر يتهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب غير صحيح وفيه تضليل للرأي العام الدولي، فالحظر البحري المعلن من قبل اليمن إسنادا لغزة يقتصر فقط على الملاحة الإسرائيلية حتى يتم إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة حسب اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وكيان العدو، وقد جاء الحظر اليمني بعد مهلة أربعة أيام للوسطاء”.
واستطرد: “إننا نؤكد أن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ستبقى آمنة من جهة اليمن، وأن الغارات الأمريكية هي عودة لعسكرة البحر الأحمر وذلك هو التهديد الفعلي للملاحة الدولية في المنطقة”.
إعلان الجهاد
توعد المجلس السياسي الأعلى الحاكم في مناطق سيطرة الحوثيين، بتأديب المعتدين، واستنكر “العدوان الأمريكي السافر على العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات الذي يعد إسنادا للكيان الإسرائيلي”، مؤكدا في بيان، أن “استهداف المدنيين يثبت العجز الأمريكي في المواجهة، وأن هذا الاستهداف لن يثنينا عن موقفنا المساند لغزة بل سيجر الوضع إلى ما هو أشد وأنكى”.
وقال إن “تأديب المعتدين على اليمن سيتم بصورة احترافية وموجعة”.
فيما أكدت رابطة علماء اليمن (التابعة للجماعة) “أن مواجهة العدوان الأمريكي البريطاني والجهاد ضده واجب شرعي وفريضة دينية لا تبرأ الذمة إلا بأدائها”.
كذلك؛ أدانت وزارة الخارجة في حكومة الحوثيين، “بأشد العبارات العدوان الأمريكي البريطاني الذي شُن على أعيان مدنية في العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة، لاسيما الأحياء السكنية؛ ما أسفر عن استشهاد وجرح عدد من المدنيين”.
واعتبرت في بيان أن “هذا العدوان انتهاك صارخ لسيادة اليمن واستقراره وسلامة أراضيه ولميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”.
وأكدت “أن الهدف من العدوان الأمريكي البريطاني ثني اليمن عن موقفه المساند للشعب الفلسطيني وحماية الكيان الصهيوني الغاصب، حتى يستمر في جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن 15 شهرا بدعم أمريكي”.
حركتا “حماس” و”الجهاد” تدينان
أدانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي، السبت، العدوان الجوي الأمريكي البريطاني الذي استهدف العاصمة اليمنية صنعاء.
وقالت حركة حماس في بيان: “ندين بأشد العبارات، العدوان الجوي الأمريكي البريطاني الإجرامي الذي استهدف حياً سكنياً في العاصمة اليمنية صنعاء، ونعدّه انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، بالاعتداء على سيادة واستقرار اليمن الشقيق”.
وأكدت الحركة تضامنها الكامل مع اليمن والشعب اليمني.
وثمنت “خطواتهم المباركة الداعمة لصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مواجهة حرب الإبادة الجماعية”.
من جهتها، أدانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القصف الأمريكي البريطاني على صنعاء.
واعتبرت الحركة القصف أنه “دعم وقح للكيان الصهيوني وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، ولا سيما في سوريا ولبنان”.
وأضافت: “يأتي هذا العدوان الحاقد في سياق حماية الكيان الصهيوني والاعتداء على كل من يقف إلى جانب شعبنا الفلسطيني في مواجهة جرائم الاحتلال الوحشية”.