لم يكن مفاجئا أن تخلو مدن الضفة الغربية من مظاهر زينة شهر رمضان المبارك الذي شارف على الاقتراب بعد أيام، لا سيما زينته السنوية، وذلك تضامنا مع غزة المكلومة، وانعكاسا واضحا للواقع الاقتصادي والأمني الصعب الذي تعيشه مدن الضفة خلال الفترة الأخيرة.
وبينما كانت الأسواق في مثل هذا الوقت من كل عام، تتزين بالفوانيس وتزدحم بالمشترين، يسود هذا العام نوع من الركود والهدوء، مما يعكس الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي يعيشها السكان، مقارنة بالسنوات السابقة، التي كانت تشهد استعدادات واسعة في الأسواق والمحال التجارية، حيث تكتظ الشوارع بالأضواء والزينة، وتُعرض البضائع الرمضانية بكثافة، لكن كل هذا غاب إلى حد كبير.
الصحيح أن كل ذلك يعود إلى عدة عوامل، أبرزها الأوضاع الاقتصادية المتردية، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، بالإضافة الى التوترات الأمنية المستمرة التي تلقي بظلالها على الحياة اليومية، حيث يخشى كثير من التجار والمواطنين من تفاقم الأوضاع، مما يدفعهم إلى تقليل نفقاتهم والتركيز فقط على الأساسيات.
وبحسب ما صرح العديد من الشخصيات الدينية البارزة في الضفة الغربية، فإن الواضح أن هناك توجهًا نحو الاحتفال بشهر رمضان والعيد بطريقة أكثر تواضعًا هذا العام، بعيدًا عن المبالغة في الاحتفالات والمظاهر المكلفة، حيث يؤكدون أن الظروف الحالية تستوجب التكاتف والتضامن، والتركيز على القيم الروحية والاجتماعية للشهر الفضيل بدلًا من المظاهر الاحتفالية المكلفة.
ويشير بعض رجال الدين إلى أن هذا التوجه قد يحمل بُعدًا إيجابيًا، حيث يعيد رمضان إلى جوهره الأساسي كفترة للعبادة والتأمل والتقرب إلى الله، بعيدًا عن الإسراف والمظاهر الاستهلاكية التي أصبحت جزءًا من العادات الرمضانية في العقود الأخيرة.
من الواضح أن الأزمة الاقتصادية تلعب الدور الأكبر في تراجع الأجواء الاحتفالية. فقد شهدت الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية ارتفاعًا في الأسعار، وانخفاضًا في الدخل، ما جعل الكثير من العائلات تواجه صعوبة في تلبية الاحتياجات الأساسية، فضلًا عن التحضيرات الرمضانية.
كما أن أصحاب المحال التجارية يشكون من تراجع الإقبال على الشراء مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بات المستهلكون أكثر حذرًا في إنفاقهم، ويركزون على شراء الضروريات فقط، مثل المواد الغذائية الأساسية.
في ظل هذه الظروف، من المتوقع أن يكون رمضان هذا العام مختلفًا في الضفة الغربية، حيث يغلب عليه الطابع البسيط، بعيدًا عن الفعاليات الاحتفالية الكبيرة. ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على أن يكون هذا الشهر فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية، ونشر روح التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع، خاصة في ظل التحديات الصعبة التي يواجهونها.
ورغم غياب المظاهر الاحتفالية المعتادة، إلا أن جوهر رمضان يبقى حاضرًا، حيث يستعد الناس للصيام والعبادة، ويبحثون عن طرق لدعم بعضهم البعض، في تجسيد عملي لقيم الشهر الفضيل، وكل عام وانتم بخير.. رمضانكم كريم.