كارثة الطوفان..تناقضات البداية والنهاية!!

‏علاء مطر

نتذكر جميعا يوم السبت الموافق السابع من أكتوبر 2023، الذي بدأت فيه كارثة طوفان الأقصى الذي أغرق غزة فيما بعد، وأتذكر حينها خطاب محمد الضيف الذي وضع فيه الاهداف العامة له منذ اللحظات الأولى، حيث كان الحديث يومها عن تحرير فلسطين والأقصى وتبييض السجون، ثم تلاه تصريحات الكثير من قادة حماس الذين أكدوا بأن إسرائيل لن تعود بحاجة إلى مصلحة السجون، والتي كان أبرزها تصريحات إسماعيل هنية ويحيى السنوار الذين أكدوا على أن الهدف من الطوفان هو تحرير فلسطين وتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.

وبقي الحال هكذا في الأسبوعين الأولين من الحرب، ثم جاء الاجتياح البري الإسرائيلي المتوحش، ليبدأ الانقلاب في لغة خطابات هؤلاء "الزعماء" من تهديد إسرائيل الى التحذير من مقتل الاسرى الاسرائيليين، ثم إلى استجداء المجتمع الاسرائيلي بالضغط على حكومته لانقاذ حياة أسراهم، حتى بات الشغل الشاغل للاعلام العسكري التابع لهم هو انتاج فيديوهات تحذيرية بعنوان مبروز شعاره "الوقت ينفذ، أسراكم في خطر"، حتى انقلب الناطق باسم القسام من ناطق يعدد الدبابات المدمرة الى ناطق باسم الأسرى الاسرائيليين، حيث أضحى يضع تحديثات على عدد القتلى منهم ويكرر التحذير من خطر محدق يدور حول الأسرى.

أما بالنسبة لحكومة نتنياهو، فقد استغلت الطوفان على أفضل ما يكون، لتستخدم أقصى درجات القوة والسحق والابادة والتهجير والطحن والتدمير لمليوني ونصف غزي، فضلا عن خنق الضفة الغربية وردع أهلنا في ٤٨.

للأسف، إن المتابع لما يصدر يوميا من تسريبات حول اتفاق وقف اطلاق النار وصفقة التبادل، ربما كان متاحا أفضل منه قبل أشهر، فالأمر المهم حاليا هو الانسحاب من داخل غزة فقط، حتى أن حماس وافقت أن يكون ذلك تدريجيا ومن بعض المناطق، أما الأسرى فقد تحول الأمر من التبييض إلى التعويم، ولم يبق هدف واحد قابل للتحقق، فحتى مسألة الانسحاب ان حدثت تحدث مع فقدان القطاع ل ٣٠% من مساحته على الاقل اقتطعها الاحتلال كمناطق عازلة.

أما بالنسبة لـ"محور المقاومة" الذي كانت تتغنى به إيران من لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة، فقد انتهى بطريقة لم تتوقعها إسرائيل نفسها، فبعدما كان هذا المحور يزعم بأنه قد انتهى زمن عربدة الاحتلال، وأن "اليوم نغزوهم ولا يغزونا"، فقد انتهى ليتشكل شرق أوسط جديد كانت أمريكا وإسرائيل قد فشلتا بتشكيله عام ٢٠٠٦، ربما حتى اسرائيل تفاجأت بما حققه، فسوريا لم تعد سوريا الأسد التي اوصى بها السنوار يوما ما، ولم يعد حزب الله على حدودنا الشمالية المحتلة، حتى تم عزله إلى ما بعد بعد الليطاني، وايران أصبح خطابها أشبه بخطابات بان كي مون والجامعة العربية بالاستنكار والشجب.

وعلى الرغم من كل ذلك، وكل هذه الكوارث، لم تكلف حماس نفسها بالنظر إلى النتائج الكارثية لغزوة السابع من أكتوبر، تسعى حاليا بكل جهودها إلى جعل الضفة الغربية ساحة مواجهة مسلحة، دون الاعتراف أن المواجهة المسلحة في هذه الظروف المعقدة أمر محسوم الخسارة، وتمنح نتنياهو شرعية تنفيذ مشروع الضم، وهذا ما يحتاجه ترامب الأشد تطرفا في تاريخ الادارات الأميركية.

في مرة من المرات قال نتانياهو في خطاب له: "لطالما اردت اعادة احتلال معبر رفح وتدمير غزة واعادتها للوراء لعقود، لكنني لم أكن املك الشرعية لذلك، حتى جاء هجوم ٧ اكتوبر ومنحني شرعية ذلك وأكثر"، مما يعيدنا إلى أهم سؤال منذ 15 شهرا: "كيف غاب كل هذا التقدير للموقف عن قادة حماس جراء هذه الغزوة، وكيف لم يتوقعوا النتائج الكارثية لها؟ أم أن إسرائيل بأجهزة استخباراتها كانت تعلم بتحركات حماس وتركتها تفعل فعلتها لتحقيق أهدافها؟