علاء مطر
على الرغم من عدم تفاؤل نسبة كبيرة من أبناء قطاع غزة بمجريات جولة المفاوضات الحالية التي تجري في الدوحة بين حماس وإسرائيل برعاية أمريكية قطرية مصرية، إلا أن ذلك لم يمنعهم من عيش حالة من الترقب الحذر للأخبار الواردة من هناك، لعل خبرا يروي عطشهم لتهدئة ووقف اطلاق النار بغزة المدمرة، مع بدء العام الجديد 2025 الذي لن يكون سعيدا للأسف على الغزيين، في ظل الألم الشديد وغير المسبوق جراء الوحشية الإسرائيلية، وعدم المبالاة الظاهرة جليا من حركة حماس، التي مازالت بعيدة كل البعد عن شعبها ومعاناته، لتتعرى يوما بعد يوم أمام هذا الشعب المغلوب على أمره، والذي يأمل بالعيش بدون دماء أو قتل، بدون تجويع لم يشهد له التاريخ مثيل.
وفي ظل حالة الترقب الفلسطينية، يأمل الفلسطينيون أن يكون العام الجديد جيدا ويحمل أخبارا سارة وأن يعيشوا مثل باقي دول العالم، رغم أن بدايته كانت مغمسة بالدماء، ويعولون على وقف هذه المعاناة.
هناك ترقب كبير في غزة للتوصل الى اتفاق يوقف الدمار والدم، ويؤدي الى اطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والسماح لهم بالاحتفال مع عائلاتهم، في ظل حالة السخط الشديد من قيادة حماس جراء استمرار تعنتها ومكابرتها حتى الآن.
ومن حق الشعب الفلسطيني أن يعرب عن امتعاضه من الطريقة التي احتفل بها العالم ببداية العام الجديد، في ظل الحرب الضروس التي ألحقت دمارا كبيرا بهم وببيوتهم، والذي ليس من المؤكد -حتى اللحظة على الأقل- أنهم سيعيشون مثل بقية العالم بالطبع، أو دخول الفرحة بالعام الجديد مثل شعوب العالم أجمع.
يكتب أحد الغزيين على وسائل التواصل الاجتماعي معلقا على جولة المفاوضات قائلا: "حالنا يُبكي الحجر …عرب يبحثون عن رفاهيتهم مع العام الجديد، ونحن نبحث عن أشلاء ما تبقى من أفراد عائلاتنا..يا ليل غزة الطويل"، فيما عبّر مواطن آخر عن حالة التفاءل الحذر التي تسيطر على أغلب سكان غزة التي حاولت أن تحيا قبل أن تموت دون ذنب سوى أن قادتها لم يستطيعوا الحفاظ عليها بالقول: "كان لبداية العام بهجة وفرحة، له طقوسه الخاصة، والسهر بالعطلة حتى الفجر، لا أستطيع أن أعبر عن بداية العام الحالي، وقد فقدنا الماضي والحاضر، كيف طل علينا رأس السنة دون أن نشعر ونحن بهذا الوضع البائس..حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من تخاذل".
إن المستمع لمعاناة وحزن وقهر أهالي محافظتي غزة والشمال، النازحين الى الجنوب، والذين قد فقدوا ملامحهم تماما، وتناثرت روحهم بين الأوجاع، المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا.. يشعر بتمزق قلبه من شجن وقهر حديثهم، ويأسهم حتى من الوصول الى تهدئة ولو جزئية.
" بأي حال جئتنا يا 2025 ! أيُّ رأس سنة وأنا عاجزٌ عن تركِ قُبلةٍ على ثراكم.. أو أناظرَ من بقيَ حيّا!"، يقول الشاب الذي فقد نصف عائلته وهو ينشر صورهم في بيتهم الكبير الذي كان يأويهم جميعا قبل الحرب، فيما تدمر حاله حال الآلاف من البيوت.. يا معاناتهم الطويلة التي لا تنتهي على مدار عام ونصف.
من المؤكد، أن فشل التوصل الى تهدئة لن يوجع قادة الخارج، بل يقهر ويقتل من يعانون الأمرّين في قطاع غزة المنهك.. هكذا يتحدث الباقون في غزة، فقد ارتفع منسوب الألم والمعاناة، معاناة فقدان الأمل أعطل من أي معاناة أخرى، لا أسف..إن ألم الجوع الذي يلسع القلوب، وبكاء الأطفال والشيوخ والأرامل والأيتام لم تجد أذن صاغية لدى حماس..بئسا لهذا الواقع وبئسا لقيادات خذلت شعبها في لحظة الامتحان...