رغم محاولات حركة حماس للنأي بنفسها عن نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وجرائمه، إلا أن الفيديوهات التي كشفها الجيش الإسرائيلي والتي تم تصويرها بكاميرات المراقبة لسجن الكتيبة التابع للأمن الداخلي "سيء السمعة" بمدينة غزة، تظهر أن حماس والأسد وجهان لعملة واحدة، فالمقاطع أظهرت غيض من فيض لقيام سجاني حماس بتعذيب السجناء واحتجازهم في ظروف قاسية تنتهك حقوقهم الإنسانية الأساسية، وتكشف مستوى مماثل من الوحشية في سجونها.
ولطالما كان سجن الكتيبة بغزة كان محل انتقادات حقوقية في الماضي، حيث اتهمت حماس بتنفيذ إعدامات قاسية بحق عشرات الفلسطينيين داخله، فيما أظهرت تحقيقات سابقة لمنظمات حقوقية ممارسة حماس التعذيب بكافة أصنافه بين جدرانه، وسجناء يتعرضون لمعاملة قاسية، بما في ذلك الضرب والإذلال.
وأثارت هذه المقاطع التي تعود لعام 2023، ردود فعل واسعة، حيث قارن الجيش الإسرائيلي أساليب حماس في هذا السجن بممارسات نظام الأسد في سجون سوريا، مثل سجن صيدنايا.
وكي لا يقال ان مصدر هذه الفيديوهات هو العدو، فإن هناك آلاف الشكاوى للتعذيب والإهانة في مراكز الشرطة والتوقيف في قطاع غزة التي لم تتوقف على مدار حكم حماس للقطاع بالحديد والنار، فمنذ 17 عاما عندما تولت أفراد كتائب القسام تطوعا إدارة مراكز الشرطة في قطاع غزة كانوا يتعامون مع المواطنين بعقيدة الجيش القائمة على التعامل مع الأعداء إلى أن حدث التحول عقب أحداث جماعة الشيخ عبد اللطيف موسى فبدأت عملية إعداد أفراد الشرطة للتعامل مع المدنيين، لكن يبدو ذلك لم يكن تغيرا كبيرا في التعامل الوحشي مع المواطنين المدنيين.
ورغم معرفتي لاجابة التساؤل الذي يدور حول متى تنتهي عمليات التعذيب ويتم استبدالها بثقافة جديدة في التعامل مع المتهمين تقوم على الاحترام وعدم الإهانة، إلا أنه لابد من التذكير لمن سيحكم غزة بعد الحرب القائمة، بأن شعب غزة عانى كثيرا من الصديق قبل العدو، ورأى في حياته ما لم يره شعب على مدار قرون، وأنه لابد أن يوضع فوق الرؤوس بدلا من الإهانة والقتل والاذلال.
صحيح أن الفيديوهات المنشورة لعمليات التعذيب مصدرها العدو، وأن هذا الأمر يستدعي التحقق من صحتها عبر مصادر مستقلة، فإن منظمات حقوق الإنسان الدولية التي تعد مصادر موثوقة لتقييم مثل هذه الادعاءات، أمامها مهمة كبيرة في غزة بعد انتهاء الحرب، فالتحقيقات ضد الإنسانية لن تقتصر على جيش الاحتلال، بل على حماس أيضا، خصوصا وأن منظمات حقوقية قد دعت منذ سنوات، المجتمع الدولي إلى التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان حماية حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة حماس.
وتظل هذه المزاعم قيد التحقق، ومن الضروري متابعة التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان والجهات المستقلة للحصول على صورة واضحة ودقيقة حول الوضع في سجن الكتيبة وغيره من السجون في قطاع غزة..فهل نكتشف بأن الكتيبة بغزة مثل صيديانا في دمشق؟