منظمات استيطانية إسرائيلية تسعى لاحتلال سوريا ولبنان

تزامن سقوط النظام السوري والتوغل العسكري الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، تحركات من جماعة "أوري تسافون"، وهي مجموعة تأسست مطلع العام الجاري بهدف الترويج للاستيطان الإسرائيلي في جنوب لبنان. 

ووفقًا لمجلة +972 أشارت المجموعة الاستيطانية عبر منصاتها إلى ضرورة "غزو وتدمير كل ما هو ممكن وبأسرع وقت"، كما بحث أعضاؤها إمكانية الاستثمار في الأراضي السورية وفق القوانين الجديدة، مع مشاركة خرائط لتحديد مناطق استيطانية محتملة.

وجّه المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة رسالة إلى كل من أمين عام الأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن، أعرب فيهما عن إدانة سوريا الشديدة للعدوان الإسرائيلي والتوغل في أراضيها

بدورها، نشرت حركة "نحالاه"، بقيادة دانييلا فايس التي تترأس جهود إعادة توطين قطاع غزة، منشورًا على فيسبوك جاء فيه:
"اليهودية والاستيطان هما السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. في غزة، ولبنان، وهضبة الجولان بكاملها، بما في ذلك الهضبة السورية، وجبل الشيخ بأكمله"، وأرفقت خريطة توراتية تُظهر حدود "إسرائيل" التوراتية التي تشمل لبنان وسوريا ومعظم العراق.

في تطور آخر، أفادت التقارير بأن "نحالاه" حددت بالفعل مواقع لبناء مستوطنات جديدة في غزة، مع التزام أكثر من 700 عائلة بالانتقال عند توافر الفرصة. كما أقدمت "أوري تسافون" الأسبوع الماضي على محاولة للاستيلاء على أراضٍ في جنوب لبنان، حيث دخل مؤسس المجموعة، عموس أزاريا، وأعضاء آخرون إلى منطقة مارون الراس، وزرعوا أشجار الأرز إحياءً لذكرى جندي إسرائيلي قُتل مؤخرًا، قبل أن يطردهم جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي تصريحات أخرى، أوضح أزاريا أن هذه الخطوات تمثل بداية خطة طويلة الأمد: "في البداية نُطرد، لكننا نعود ونبقى أطول، حتى يتم إنشاء المستوطنة رسميًا... الأهم هو تجاوز السياج الفاصل الذي وُضع منذ مئة عام".

ولا تقتصر تطلعات "أوري تسافون" على جنوب لبنان، بل تُشير تقارير إلى أن الحركة بدأت في دراسة إمكانية الاستيطان في الأراضي السورية. وفي مؤتمر عقدته الحركة عبر تطبيق "زووم" في يونيو الماضي، صرّح د. حجي بن آرتسي، صهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعضو في المجموعة، قائلًا: "حدودنا يجب أن تكون كما وعدنا في التوراة. لا نريد مترًا واحدًا خارج نهر الفرات، ولكن ما وُعدنا به يجب أن نسيطر عليه".

مع انهيار النظام السوري وتوسع القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة وجبل الشيخ، دعت حركة "أوري تسافون" الحكومة الإسرائيلية إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، بحجة منع وقوع الأسلحة الاستراتيجية والمتقدمة في أيدي "جماعات مسلحة" على حد تعبيرها، التي تُصنّفها إسرائيل على أنها "تشكل تهديدًا أمنيًا وجوديًا".

تتبنى الحركة رؤية تعتبر أن الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الحدودية والمناطق المجاورة هو الوسيلة المثلى لتعزيز "الأمن القومي الإسرائيلي" وخلق واقع جيوسياسي جديد في المنطقة. ووفق تصريحات أزاريا: "نحن لا ننتظر من الدولة أن تُخبرنا متى نبدأ. هدفنا هو التحرك على الأرض لفرض حقائق جديدة".

وتؤكد "أوري تسافون" أن جهودها ستستمر رغم التحديات الحالية، حيث تعتمد على استراتيجية تصعيدية تُذكّر ببدايات الاستيطان في الضفة الغربية. وصرّح أزاريا قائلًا: "لا يهمنا المكان بحد ذاته، الأهم هو التواجد على الجهة الأخرى من الحدود. كل خطوة نقوم بها اليوم ستُساهم في تغيير الحدود مستقبلًا".

طالب المندوب السوري في الأمم المتحدة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، واتخاذ إجراءات حازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، والضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من المناطق التي توغلت فيها

ردود فعل سورية غاضبة

أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بيانًا أدانت فيه العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأراضي السورية، وحمّلت الاحتلال كامل المسؤولية عن تداعيات هذا التصعيد. وجاء في البيان: "نُدين ونستنكر العدوان الصهيوني المتواصل على سوريا، ونحمل العدو كامل المسؤولية عن تداعيات هذا العدوان".

وأضافت الجماعة أن الهجمات الأخيرة تؤكد مجددًا الدور الخياني للنظام السابق، قائلة: "الهجمات الخطيرة تُعيد تأكيد الدور الخياني للنظام البائد الذي خدم الكيان الصهيوني لعقود". كما دعت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوضع حد لهذه الاعتداءات، مشيرةً إلى أن العدوان يأتي في وقت حساس يعرقل فرحة السوريين ببداية مرحلة جديدة بعد سنوات طويلة من المعاناة. وجاء في البيان: "ندعو المجتمع الدولي لوضع حد لهذا العدوان الذي يعكر فرحة السوريين بمرحلة جديدة في تاريخهم".

في سياق متصل، وجّه المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة رسالة إلى كل من أمين عام الأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن، أعرب فيهما عن إدانة سوريا الشديدة للعدوان الإسرائيلي والتوغل في أراضيها. وقال المندوب: "بناءً على تعليمات من حكومتي، تُدين سوريا بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي والتوغل في الأراضي السورية".

وطالب المندوب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، واتخاذ إجراءات حازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، والضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من المناطق التي توغلت فيها. وأضاف: "نطالب بتحمل المسؤوليات واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لإلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها المستمرة والانسحاب الفوري من المناطق التي توغلت فيها".

كما دعا المندوب إلى الالتزام باتفاق فك الاشتباك لعام 1974 وضرورة احترام ولاية قوة "الأندوف" الدولية العاملة في المنطقة.