علاء مطر
حين هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قبل أيام، الشرق الأوسط بالجحيم ودفع ثمن باهظ اذا ما تمت إعادة الأسرى الإسرائيليين واتمام صفقة تبادل للأسرى بغزة، سرعان ما دار في بالي جملة واحدة فقط، هو الشرق الأوسط المجنون ناقصه مجانين من أمريكا، نحن لدينا ما يكفي من الجنون والمجانين حقا..
وبالعودة الى التاريخ قليلا، وخاصة في عام 2018، فإن السبب الرئيسي في إثارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وزيادة التوتر في الشرق الأوسط، هو خطوة ترامب نفسه بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، فكيف يهدد الشرق الأوسط بالجحيم، وهو الذي تسبب فيه قبل سنوات، عندما توقع بألا يفعل العرب والمسلمون أي شيء وأن السماء لن تسقط على الأرض لو نقل السفارة وضم الجولان السوري المحتل وضم المستوطنات في الضفة الغربية.
لو كنت أحد مستشاري ترامب لاعترفت له بأنه يتحمل السبب الرئيسي في إثارة الصراع وظهور المجانين في الشرق الأوسط، فحماس نفسها اعترفت بأن قرار نقل السفارة من تل ابيب الى القدس ودخول المتطرفين اليهود لاقتحام المسجد الأقصى كان السبب الأول والمباشر في قيامها بتنفيذ عملية السابع من أكتوبر، حتى أنها اطلقت عليها "طوفان الأقصى" رغم أنها كانت كارثية على الشعب الفلسطيني وأعادت القضية الى اكثر من مئة عام الى الوراء، لكنها تحججت بالأقصى وأخذتها ذريعة أيضا.
إن عودة ترامب رئيسا للعالم من جديد، يجعله أمام احتمالين فقط، أولهم أن يكرر أخطاء انحيازه الكامل لليمين الإسرائيلي العنصري المتطرف ويحقق لهم تدمير آخر فرصة في السلام وفي إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين، وهذا وارد، أو ألا يكرر أخطاء المرة الأولى وألا يسمح لـ " مجانين أمريكا " بتهييج مجانين تل ابيب اكثر، وان يسجل صفحة في التاريخ ويتخلد اسمه، فهو رجل كبير في العمر ولن يمكث طويلا على وجه الأرض.
إن التاريخ يكتب أقل من سطر واحد واحيانا مجرد كلمة واحدة بجانب اسم كل قائد وكل رئيس، وبعضهم لم يكتب التاريخ لو كلمة واحدة بجانب اسمهم، لأن النوايا لوحدها لا تكفي ابدا.. فالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حاول بكل قوة أن ينتصر في حرب واحدة ولكن السادات هو الذي انتصر في الحرب، والرئيس ياسر عرفات عمل طوال حياته ليكتب بجانب اسمه انه حرر القدس ولكن كتبوا يجانب اسمه "لن يكتمل حلمي الا بك ياقدس".
وفي الجانب الآخر، هناك المجرم نتانياهو الذي حلم طوال حياته ان يكتب بجانب اسمه ان قام بالتطبيع مع السعودية ودخول الإسرائيليين الى مكة والرياض، لكن التاريخ على ما يبدو سوف يكتب بجانب اسمه "7 أكتوبر"، لذلك فإن هذه ليست فرصة الشعب الفلسطيني الأخيرة، بل هي فرصة ترامب ليفعل شيء له قيمة في هذا الشرق الأوسط المجنون الذي لا ينقصه مجانين جدد!! فهل يفهم التاريخ أم أنه سيكون مجنون لن يكتب بجانب اسمه الا "مجنون واشنطن"؟؟