علاء مطر
بعدما فاز الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب، استفاقت الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة الديمقراطي جو بايدن، من غفلتها، وتحاول إنقاذ ما بقي من ماء وجهها لوقف الإبادة في قطاع غزة والعدوان على لبنان، عبر محاولة بائسة لإيجاد صيغة لوقف إطلاق النار بغزة ولبنان وعقد صفقة تبادل للأسرى، رغم مرور أكثر من 13 شهرا على هذا العدوان.
إن الشهرين المتبقّيين من عمر الإدارة الأمريكية الديمقراطية، التي مُنيت بانتكاسة كبرى في الانتخابات، بسبب موقفها الساكت والمتواطئ مع إسرائيل على كل المستويات، لن يكونا كافيين لإنجاز ما لم تنجزه طوال فترة حرب الإبادة الثلاثة عشر الماضية، وتجعل بايدن يبدو مثل "البطة العرجاء"، التي تحاول مسح العار الانتخابي أمام قاعدتها الانتخابية هناك في الولايات المتحدة.
نعم، إن الوقت المتبقي لن يكون كافيا لترميم الزلزال الذي وقع في صفوف الديمقراطيين، لذلك كان ترامب ذكيا نوعا ما، وبدأ بالعمل من الآن على اتجاهين، أولهما "أزمة أوكرانيا وروسيا"، حيث أجرى أول اتصال هاتفي مع الرئيس بوتين، وثانيا اتجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث كان اتصال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس الأمريكي الفائز، الأمر الذي يشي بأن المنطقة كلها مقبلة على تحول جذري في التعامل مع الأوضاع الكارثية التي تسببت بها إدارة "البطة العرجاء".
وعلى الرغم من أن ترامب، الذي كسب تأييد الأمريكان العرب والمسلمين، وأغلب الشباب الأمريكي المناهض للحرب والإبادة بغزة، وفئة كبيرة من مجموعة "يهود ضد الحرب"، الرافضة لقيام دولة يهودية في فلسطين وللمشروع الصهيوني بأكمله، يعتبر داعم كبير لإسرائيل في فترته الرئاسية الأولى، إلا أنه استثمر حربي أوكرانيا وغزة ولبنان في حملته الانتخابية الأخيرة، حيث أبدى موقفا مهادنا تجاه ما حدث، بل وتعهد بحل سلمي عاجل ووقف للنزيف.
إن خطاب ترامب "السلمي" نجح في استمالة وكسب أصوات كل الداعمين لوقف آلة الحرب الإسرائيلية بغزة، المدعومة من طرف الإدارة الديمقراطية، التي دعمت إسرائيل ماليا وعسكريا ودبلوماسيا على مدار 13 شهرا، بعيدا عن "النفاق الدبلوماسي"، الذي كانت تتبعه في ادعاءات الضغط على إسرائيل لادخال مساعدات لغزة.
من يعرف ترامب الجمهوري، يتأكد بأنه سيغير كل أساليب التعامل السياسي، فهو صريح في خطاباته، ولا ينافق أو يوارب أحدا، إنه لا يتبع سوى سياسية ولغة المصالح لا غير، دون أن يغازل التيار الإنجيلي الصهيوني، خلافا لبادين، الذي كان يتباهى بأنه "ليس شرطا أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا"، وأنه "ليس يهوديا، لكنه صهيوني، ويهودي أكثر من اليهود".
ونحن بانتظار ما بعد 20 يناير 2025 المقبل، فإن التوقعات تشير إلى ترامب "الرئيس القوي" سيضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين لقبول صفقة ما، لكن في كلا الجانبين، ستنتهي الحرب وتعود غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية وتنهي 17 عاما من سنوات الظلام إلى الأبد وبلا رجعة ان شاء الله..