فريق ترامب: موالون لا يشكّلون عقبات أمام رغباته

شرع الرئيس الأميركيّ المنتخب، دونالد ترامب ببناء فريقه الوزاريّ، بالإضافة إلى المستشارين والمبعوثين الخاصّين. وقد بدأ بالفعل بتكليف عدد من السياسيّين والاقتصاديّين والأكاديميّين، خاصّة أولئك الّذين يعتبرون "موالين الأوفياء". وحسب تقارير مختلفة، سوف يضمّ فريق ترامب نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس وبقيّة أعضاء حكومته، بالإضافة إلى مرشّحين رفيعيّ المستوى، ممّن يتطلّب تعيينهم بموافقة مجلس الشيوخ، فضلًا عن كبار المستشارين الّذين لا يتطلّبون موافقة الكونغرس.

وقد أوضح ترامب خططه الطموحة لأوّل 100 يوم له في منصبه في الخطاب الّذي ألقاه في 6 كانون الثاني/نوفمبر في ويست بالم بيتش، فلوريدا.

واتّسمت رئاسة دونالد ترامب الأولى بتناوب مستمرّ تقريبًا لكبار الموظّفين، وفي فترته الثانية، يبدو أنّ التركيز ينصبّ على توظيف الموالين الّذين "لن يعارضوا" رغبات وخطّط الرئيس. في الولاية الأولى، ذهب البعض من الفريق السابق للرئيس إلى القول إنّ دونالد ترامب دكتاتور غير لائق لمنصبه. وفي الإدارة الثانية، يبدو أنّ تركيز الرئيس ينصبّ على توظيف الموالين الّذين لن يسبّبوا مشاكل وتحدّيات كبيرة، وبينما يخطّط الرئيس السابق والحاليّ لولايته القادمة، يكثر الحديث عن كلّ من وزارتي الدفاع والخارجيّة.

تقول الصحفيّة المختصّة بأخبار وزارة الخارجيّة، ميشيل كيليمان، إنّ "ما نعرفه حتّى الآن هو أنّ الشخص الّذي كان مسؤولًا سابقًا عن الملفّ الإيرانيّ في إدارة ترامب، برايان هوك، سيقود فريق الانتقال هنا في المكتب،. أمّا بالنسبة لمن سيكون وزيرًا للخارجيّة، فهناك عدد قليل من الأسماء في المجموعة. أحدهم هو ريك جرينيل، وقد كان سفير ترامب في ألمانيا ثمّ مديرًا بالإنابة للمخابرات، وكان عنصرًا أساسيًّا في الحملة الانتخابيّة، وهو قريب جدًّا من عائلة ترامب، ولديه بعض الصفقات التجاريّة في مناطق البلقان مع صهر ترامب، جاريد كوشنر".

أبرز الأسماء

وتعتبر سوزي وايلز من أوائل التعيينات الّتي قام بها ترامب بعد الانتخابات الحاليّة. وايلز، الّتي عملت كمديرة مشاركة لحملة ترامب، ستكون أوّل امرأة تشغل منصب رئيس موظّفي البيت الأبيض. ويشار إلى أنّ لها أدوارًا بارزة في سياسات ترامب بشكل متقطّع منذ عام 2016.

وتمكّنت وايلز من إدارة حملة ترامب بهدوء، ولم تظهر إلّا في عدد قليل جدًّا من المرّات على وسائل الإعلام، أو في الأماكن العامّة، على الرغم من أنّ ترامب قدّمها بفخر كبير خلال خطابه ليلة الانتخابات في بالم بيتش في ولاية فلوريدا قائلًا: "سوزي تحبّ البقاء في الخلف، اسمحوا لي أن أخبركم أنّها ملكة الجليد. نحن نطلق عليها ملكة الجليد". وملكة الجليد مصطلح فانتازيّ يطلق على المرأة الّتي تأتي من المناطق المتجمّدة، ويعرف عنها القوّة وكونها بلا قلب!

ولم يخل الأمر من المفاجئات في فريق الرئيس، فقد أعلن ترامب الثلاثاء أنّ الملياردير إيلون ماسك الّذي دعم ترامب بشكل كبير، وفيفيك راماسوامي الّذي أيّده بشكل كبير أيضًا، سيقودان "وزارة كفاءة الحكومة" الجديدة، في حين سيشغل بيت هيجسيث، مقدّم البرامج في قناة فوكس نيوز، منصب وزير الدفاع، وهو الأحدث في سلسلة من التعيينات في الأيّام الّتي أعقبت فوز ترامب في الانتخابات.

وأعلن ترامب أنّ الملياردير الأميركيّ إيلون ماسك، سيدير ​​وزارة جديدة للكفاءة الحكوميّة DOGE إلى جانب المستثمر والمرشّح الجمهوريّ السابق في الانتخابات التمهيديّة في الحزب الجمهوريّ فيفيك راماسوامي. وقال ترامب في بيان، إنّ الوزارة، الّتي لم يتمّ إنشاؤها بعد، ستقدّم "المشورة والتوجيه من خارج الحكومة" وتركّز على "إجراء تغييرات على البيروقراطيّة الفيدراليّة مع التركيز على الكفاءة"، بما في ذلك الإنفاق والتخفيضات التنظيميّة. هذا وكان ماسك، وهو مؤيّد صريح لترامب قد تبرّع بأكثر من 100 مليون دولار للجنة عمل سياسيّ مؤيّدة لترامب، وقد اقترح الوزارة في الماضي، ويبدو أنّه أطلق عليها اسم عملة "دوجكوين" المشفّرة.

ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإنّ المدّعي العامّ ووزراء الدفاع والخارجيّة والأمن الداخليّ هم من أهمّ أولويّات ترامب، وحسب أشخاص مقرّبين من الرئيس، فإنّ ترامب حريص على المرشّحين الّذين سيتخلّصون من البيروقراطيّين الّذين يعتبرهم ترامب جزءًا من "الدولة العميقة"، حسب تعريف الرئيس.

وقام ترامب باختيار هيجسيث وزيرًا للدفاع يوم الثلاثاء، مشيدًا بمكانته كمحارب مخضرم. يُذكر أنّ هيجسيث كان من بين القوّات الّتي انتشرت في كوبا وأفغانستان والعراق أثناء خدمته مع الحرس الوطنيّ، كما أنّه الرئيس التنفيذيّ السابق لمنظّمة" كونسيرند فيتيرانز فور أميركا" Concerned Veterans for America، وهي منظّمة محافظة تواصلت مع ترامب بشأن المحاربين القدامى، وتلقّت دعمًا من الملياردير تشارلز جي كوتش، أحد كبار الأثرياء في العالم.

أمّا وكالة المخابرات المركزيّة CIA، فكانت من نصيب جون راتكليف، قبل صدور تقارير بإمكانيّة تغيير هذا الترشيح. وشغل راتكليف، العضو السابق في الكونغرس عن ولاية تكساس، منصب مدير المخابرات الوطنيّة من عام 2020 إلى عام 2021، وعمل مستشارًا استخباراتيًّا رئيسيًّا لترامب خلال ولايته الأولى. وخلال فترة عمله مديرًا للمخابرات الوطنيّة، رفع راتكليف السرّيّة عن معلومات استخباراتيّة روسيّة غير مؤكّدة، زعمت أنّ هيلاري كلينتون وافقت على خطّة لربط ترامب بروسيا والهجمات الإلكترونيّة للّجنة الوطنيّة الديمقراطيّة في عام 2016. وانتقد الديمقراطيّون قرار راتكليف بالإفصاح عن المعلومات بشكل علنيّ، زاعمين أنّه كان "يسيّس" معلومات غير مؤكّدة لمساعدة ترامب، حسب تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز.

كما اختار ترامب ويليام ماكجينلي مستشارًا للبيت الأبيض. ماكجينلي عمل في السابق سكرتيرًا لمجلس الوزراء في البيت الأبيض وهو محام بارز في الحزب الجمهوريّ، وعُيِّن سابقًا في حملة ترامب الرئاسيّة لعام 2016 وكلّف بالمساعدة في تأمين المندوبين للمؤتمر الوطنيّ الجمهوريّ. كما عمل في السابق سكرتيرًا لمجلس الوزراء في البيت الأبيض، من عام 2017 إلى عام 2019 وكان مسؤولًا عن تقديم المشورة لأعضاء مجلس الوزراء الآخرين فيما يخصّ تنسيق السياسات والأخلاقيّات،حسب صحيفة بوليتيكو.

وفي ظلّ التوتّرات الإقليميّة الكبيرة في الشرق الأوسط وحرب الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة على غزّة، ارتأى ترامب تعيين ستيفن ويتكوف مبعوثًا خاصًّا إلى الشرق الأوسط. ويعرف عن ويتكوف أنّه متبرّع كبير للحزب الجمهوريّ ومستثمر في العقارات، وهو أيضًا رئيس مجلس استشارات العقارات في كلّيّة إدارة الأعمال في جامعة ميامي، والرئيس التنفيذيّ لشركة ويتكوف، كما أنّه صديق قديم لترامب، وأحد زملاء الرئيس المنتخب في رياضة الجولف. كان ويتكوف مع ترامب أثناء محاولة الاغتيال الثانية في أيلول/سبتمبر الماضي.

وعين ترامب مايك هاكابي الذي كان حاكم ولاية أركنساس السابق سفيرًا في إسرائيل، مشيدًا بخدمته العسكريّة، حيث خدم هاكابي في القوّات الخاصّة لمدّة 27 عامًا. ويشار إلى أنّ هاكابي مؤيّد قويّ لإسرائيل، وانتقد دعوات إدارة بايدن لوقف إطلاق النار مع حماس. ودعا هاكابي إسرائيل إلى ضمّ أجزاء من الضفّة الغربيّة الّتي احتلّتها إسرائيل عام 1967، ودعم المستوطنين الإسرائيليّين، وكان هاكابي قسًّا سابقًا يقود الإنجيليّين بانتظام في زيارات إلى إسرائيل.

كذلك، عيّن ترامب مايك والتز مستشارًا للأمن القوميّ. في الأشهر الأخيرة، والتز وهو جنديّ سابق في الجيش الأميركيّ، انتقد الصين بشكل متكرّر، وحثّ أعضاء حلف شمال الأطلسيّ "الناتو" على دفع المزيد من الأموال لغايات الدفاع، وقال إنّه يتوقّع أن يدفع ترامب أوكرانيا وروسيا نحو مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وتشير الترجيحات إلى أنّ وزارة الخارجيّة ستكون من نصيب ماركو روبيو، ولكنّ صحيفة نيويورك تايمز تشير إلى أنّ ترامب قد يغيّر رأيه، وذكرت شبكة "سي إن إن" أنّ ترامب وضع نصب عينيه روبيو بعد أن فضّل في البداية القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنيّة السابق ريك جرينيل لهذا المنصب. روبيو، يتمتّع بسمعة باعتباره من "الصقور" في السياسة الخارجيّة، ويفضّل النهج الصارم تجاه الصين وإيران. وكان روبيو وترامب منافسين مريرين في الانتخابات التمهيديّة الرئاسيّة للحزب الجمهوريّ عام 2016، وكثيرًا ما كانا يتصادمان بشكل قويّ، لكنّ علاقتهما تحسّنت منذ ذلك الحين، حسب عدّة تقارير.

كما أعلن ترامب اختيار النائب السابق لي زيلدين، وهو جمهوريّ من نيويورك، لقيادة وكالة حماية البيئة، مشيرًا إلى "خلفيّته القانونيّة القويّة جدًّا"، ووصفه في بيان بأنّه "مقاتل حقيقيّ لسياسات أميركا أوّلًا". وذكر البيان أنّ زيلدين - حليف ترامب الّذي ترشّح لمنصب حاكم نيويورك قبل عامين، "سيضمن قرارات تحريريّة عادلة وسريعة سيتمّ تنفيذها بطريقة تطلق العنان لقوّة الأعمال الأميركيّة، مع الحفّاظ في نفس الوقت على أعلى المعايير البيئيّة". وقال ترامب في بيان إنّ"خلفيّته القانونيّة قويّة للغاية" ووصفه بأنّه "مقاتل حقيقيّ من أجل سياسات أميركا أوّلًا"

ومن المتوقّع أن يعلن ترامب عن ستيفن ميلر لمنصب نائب رئيس الأركان للسياسة في البيت الأبيض في الأيّام المقبلة، وحسبما ذكرت وسائل إعلام متعدّدة يوم الاثنين، فقد كان ميلر مستشارًا كبيرًا لترامب خلال إدارته الأولى وأحد مهندسي بعض سياسات الهجرة الأكثر إثارة للجدل، بما في ذلك برنامج فصل الأسرة.

واشتملت التعيينات على كريستي نويم، حاكمة ولاية "ساوث داكوتا" كوزيرة للأمن الداخليّ، ومن المتوقّع أن يستعين ترامب بتوم هومان لتولّي منصب "قيصر الحدود"، حسب وصف فاينانشيال تايمز. وأعلن ترامب عن تعيين مديره السابق لإنفاذ قوانين الهجرة والجمارك توم هومان في هذا المنصب، وفي الوقت الّذي يخطّط فيه ترامب للوفاء بوعوده والقيام بعمليّات ترحيل جماعيّ للمهاجرين غير المسجّلين خلال فترة ولايته، فقد عيّن ترامب عضوة مجلس النوّاب عن ولاية نيويورك، إليز ستيفانيك، سفيرة للأمم المتّحدة، كما صرّحت لصحيفة "نيويورك بوست" أنّها "قبلت العرض".

ومن المتوقّع أن يقوم ترامب بـ"عمليّات إصلاح" لوزارة العدل، وتعيين سياسيّين موالين يمكنهم "طمس" خطوط الاستقلال بين الوكالة والسلطة التنفيذيّة، ربّما لأجل تنفيذ رغبات في مقاضاة أعدائه السياسيّين، حسب فاينانشيال تايمز. ويذكر أنّ وزير الخزانة السيناتور بيل هاجرتي، وهو جمهوريّ من تينيسي، والسفير السابق لدى اليابان في عهد ترامب، مدرج على القائمة القصيرة المتوقّعة لهذا الدور، ومن بين المنافسين الآخرين الرئيس المشارك لفريق انتقال ترامب، هوارد لوتنيك، الرئيس التنفيذيّ لشركة كانتور فيتزجيرالد، والممثّل التجاريّ السابق لترامب في الولايات المتّحدة روبرت لايتهايزر، والمدير التنفيذيّ لصندوق التحوّط سكوت بيسنت، ويعتبر حاكم ولاية داكوتا الشماليّة والمرشّح الرئاسيّ السابق دوج بورجوم، الخيار الأوّل لمنصب وزير الطاقة.

وأشار ترامب إلى أنّ روبرت كينيدي جونيور، الّذي يحمل آراء تشكّك في اللقاحات الطبّيّة، سيلعب دورًا بارزًا في تشكيل السياسة الصحّيّة في إدارته، حيث قال في أريزونا في وقت سابق من هذا الشهر، إنّ كينيدي يمكنه أن يفعل "أيّ شيء يريده" وأنّه "سيعمل على الصحّة وصحّة المرأة". كما أعرب ترامب مؤخّرًا عن انفتاحه على اقتراح كينيدي المثير للجدل لإزالة الفلورايد من المياه العامّة.