علاء مطر
الأكيد هو أن المواطن الغزي لا يعاني من الحرب الإسرائيلية الطاحنة المستمرة للعام الثاني على التوالي، بل يعاني من حربين، أشدهما جشع التجار الذين من المؤكد أيضا أن حركة حماس هي من تقف ورائهم، خصوصا وأنها مازالت تتمسك بحكم القطاع بالحديد والنار، وصمتها على احتكارهم للسلع والأسعار بشكل شبه خيالي، لم يمر على القطاع على مدار الصراع.
وإذا كانت الشرطة جنوب قطاع غزة التابعة لحماس، تحمي الناس فعلا من الاستغلال والاحتكار وسرقة المساعدات الدولية التي تأتي للناس وخصوصا النازحين من بيوتهم خلال الحرب، وتطلق النار على الناس الذين يهاجمون تلك المساعدات تحت حجة انهم "حرامية"، فلماذا تصمت بشكل مطلق على وصول أسعار الخيمة الواحدة الى اكثر من 3000 شيقل أي أكثر من 800 دولار أمريكي، رغم أنها قد وصلت مساعدات ومجانا للناس النازحين، والأمر مستمر بالنهج ذاته منذ بداية الحرب؟
ولماذا وصل سعر المواد الغذائية وأهمها الطحين ثم أدوات النظافة الشخصية الى ثلاثة أضعاف؟، ولماذا تصمت حماس وحكومتها على ارتفاع أسعار ايجارات البيوت في دير البلح خصوصا بشكل جنوني، حتى وصلت الى ثلاثة آلاف دولار بالشهر الواحد؟، أليس من المعقول أن يكون كل هذا منظم ومتوافق عليه مع حماس، وهناك مكاسب من خلفه وأشخاص مسؤولين متورطين مسكوت عنهم من قادة الحركة "الربانية".
وبمجرد دخولك أي سوق من أسواق خانيونس ودير البلح والنصيرات، تجد أن الأسعار وصلت الى مرحلة الجنون، فلقد وصل سعر "بامبرز الأطفال" الى 260 شيكل رغم أنه كان ب30 شيكل فقط، كما وصل الطحين 200 شيقل رغم أنه كان بـ 7 فقط، وسعر كيلو السكر وصل الى 70 شيكل ارتفاعا من 3 شيكل فقط، وسعر جبنة "فيتا" وصل الى 20 شيكل بعدما كان بـ 3 فقط، وزيت الذرة وصل الى 40 شيكل بعدما كان ب5 فقط!!
وبحسب ما كشفت مصادر مطلعة، فإن تجارا تابعين لحركة حماس، يقفون فعليا وراء ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني، ليؤكدوا أنهم "تجار الحروب" كما وصفهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت سابق.
يبدو أن معاناة الناس من حصار إسرائيلي ظالم على مدار 16 عاما، وصبرهم على 5 حروب سببها حماس ذاتها، لم يكن كافيا للحركة لترحم شعبها في ظل حرب ضروس وتهجير جديد لم تشهدها فلسطين منذ 1948.
ينبغي على حماس وقادتها ان ينظروا الى الواقع الفلسطيني في قطاع غزة جيدا، وان يتقربوا من الناس ويساعدونهم، أو على الأقل أن يتركوا المساعدات تصل الى مستحقيها، بدلا من المتاجرة بدمهم ومعاناتهم أمام شاشات التلفاز، أو أن يرحلوا عن وجوههم، فلقد وصل السيل الزبى، ولم يعد لدى الفلسطينيين أي مجال لتحمل المزيد، فليوقفوا الحربين، الحرب العسكرية، وحرب الجشع والاحتكار بحق الشعب الأعزل، أمام إسرائيل وحماس على حد سواء.
إن سكوت حركة حماس وقادتها وحكومتها على زيادة معاناة الناس بغزة وتحميلهم طاقة فوق طاقتهم، يثبت بأنها بعيدة كل البعد عن معاناة الناس، الذين تحملوا اكثر من 400 يوم من "غزوة 7 اكتوبر" التي فرضت عليهم دون أي داع.
للأسف، لم تصل حركة حماس وحكومتها الى المستوى الذي تشعر فيه بالناس، أو ما كانت تتغنى به "الحاضنة الشعبية"، فهل تتغير سياستها؟ وهل نشهد خلال الأيام المقبلة متابعة للأسعار والتجار والمحتكرين؟ هذا ما نتمناه..