أنهك الجمود السياسي الناجم عن الانقسامات في ليبيا، الدبلوماسية الدولية والإقليمية، وبات عائقا في توحيد البلاد التي لا تزال تحت رحمة المراحل الانتقالية منذ 13 سنة، دون أن تتمكن الإدارات الحكومية المتنافسة ومجلسا النواب والدولة من الاتفاق على حل لمشكلة الانتخابات المؤجلة.
وفشل الليبيون المهيمنون على المشهد العام في صياغة هيكل سياسي وأمني موحد، ما دفع القوى الدولية لإقامة علاقات مع الأطراف المختلفة، في محاولة لتعزيز أجنداتها الخاصة وليس أجندات الشعب الليبي.
وتكررت الخلافات والصراعات بين الغرب والشرق في ليبيا، ما أكد أن احتمالات توحيد البلاد أصبحت أبعد مما كانت عليه منذ سنوات.
ويرى محللون أن غياب مبعوث دائم للأمم المتحدة وتراجع الدور الأمريكي والخلافات الأوروبية الأوروبية، عقّدت من مهمة دفع الليبيين إلى طاولة حوار جديدة مثلما حدث في مؤتمري برلين 1 و2 التي هيأت الأرضية لتحديد موعد لإجراء انتخابات وطنية في نهاية 2021 قبل أن يتم إجهاض الخطوة.
ووفق نظرة تشريعية للأزمة، يرى أستاذ القانون والباحث الليبي رمضان التويجر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الأمر يتعلق باستحالة "القرار أو التشريع من الهياكل القائمة بسبب حالة الصراع المستمر وفشل الاتفاق في إيجاد حكومة موحدة، إلى جانب إخفاق لجنة 5+5 في توحيد المؤسسة الأمنية" وفق التويجر، الذي أكد أن الانقسام السياسي جاء نتيجة لمسببات داخلية وأخرى خارجية.
ويربط الباحث بين الصراع وإمكانية حلّه، بناء على تطورات دولية منها عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وقال إن "الملف الليبي لا يتجزأ عن ملفات متعددة حول العالم، إذ تحمل عودة الرئيس الجمهوري للحكم في أمريكا، توجهًا نحو إيجاد صيغة ما للعديد من الملفات الأخرى، ولذا سينعكس ذلك على الملف الليبي".
وفي حالة لم تكن هناك صيغة أخرى، فإن الملف الليبي سيكون أداة ضغط من عدة أطراف متصارعة ومهيمنة على العالم.
ويشاطر رئيس حزب الأمة أحمد دوغة القول القائل إن الانقسام في ليبيا تغذيه دول خارجية تتدخل في الشأن الليبي.
وقال لـ"إرم نيوز"، إن هذه الجهات "معروفة"، وهذا الذي يجعل أي توافق أو اتفاق سياسي يحدث يتم إفشاله، لأن هذه الدول لا تريد استقرار ليبيا وهو أمر بات واضحا للجميع، وفق تعبيره.
وأضاف قائلا: "بكل وضوح إن توافقت هذه الدول فيما بينها سوف يكون توافقا لدى الساسة الليبيين والعكس صحيح"، معتبرا أن "بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا هي الأخرى لم تكن حازمة في كل الحوارات التي أشرفت عليها، وذلك هو السبب الرئيس للجمود السياسي في ليبيا".
وجرى التمديد لولاية البعثة الأممية في ليبيا لثلاثة أشهر فقط، في غياب توافق أمريكي روسي على مبعوث جديد، في وقت باشرت النائبة ببعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري جولات في شرقي وغربي البلاد، تحسبا لإطلاق حوار سياسي جديد في ديسمبر ليتزامن مع مرور 3 سنوات على "الاستحقاق المجهض".
وحذرت خوري في كلمة لها بجلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 20 أغسطس، من أن "غياب محادثات سياسية ويعطل قيام حكومة موحدة وانتخابات، وبهذا عدم استقرار مالي وأمني، وانقسامات سياسية وإقليمية راسخة، وعدم استقرار محلي وإقليمي".