أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مراراً رغبته وقدرته في إحلال السلام بالشرق الأوسط، وإنهاء كل الحروب، من بينها الأوكرانية "في يوم واحد"، إلا أن تصريحات وتقارير كشفت أن الرئيس المقبل بحماسة على ولاية جديدة يضمر نوايا "خطيرة"، قد تنذر بتفجر الأوضاع في المنطقة أكثر مما هي عليه.
وبين "الرغبة" وادعاء "القدرات الخارقة" التي يروجها ترامب لنفسه على غرار "إنهاء حرب في يوم"، اقتربت ساعة الحقيقة بعد نيله الرئاسة، وأُخذت عليه تصريحاته، وأصبح ملزماً بها، وفق وجهة نظر أطراف تتقاتل في حروب معقدة.
وفور إعلان فوز ترامب، اعتبرت روسيا أن "الوقت سيوضح ما إذا كان خطاب ترامب بشأن إنهاء حرب أوكرانيا سيترجم إلى حقيقة".
"صانع سلام وينهي صراعات"
وتشبه الأوساط السياسية تصريحات ترامب، خاصة الأخيرة المتعلقة بإنهاء الحروب بأنها أشبه بـ"رسائل سياسية"، يتعمد فيها تقديم نفسه بوصفه "صانع السلام" و"القادر على إنهاء الصراعات".
أيضاً، سارعت حركة حماس في تسجيل موقفها، بعد أن وضع قيادي فيها، رئيس الولايات المتحدة الجديد - القديم، الذي اتخذ قرارات وسياسات منحازة لإسرائيل، خلال ولايته الأولى، أمام "اختبار"، لتحقيق وعده بوقف الحرب.
وقال القيادي سامي أبو زهري إن فوز دونالد ترامب في الانتخابات يجعله أمام اختبار يترجم تصريحاته بأنه "يستطيع وقف الحرب خلال ساعات".
ولأن "القشة" قصمت ظهر البعير، وبسبب دعم إدارة بايدن غير المحدود لإسرائيل في حربها المتواصلة على قطاع غزة منذ قرابة عام وأربعة أشهر، التي قُتل فيها أكثر من 43 ألف شخص عدا عن مئات الآلاف من الجرحى، وسوّت فيها آلة إسرائيل العسكرية المشحونة بالذخائر الأمريكية، نصف مباني القطاع بالأرض، اتخذت حركة حماس موقفاً غير مستغرب، متمسكة بالوعد الذي قطعه ترامب، وترى فيه أملاً وطوق نجاة محتملاً.
وذكر القيادي في حماس، أبو زهري، أن "خسارة الحزب الديمقراطي هي الثمن الطبيعي لمواقف قيادتهم الإجرامية تجاه غزة"، داعياً ترامب إلى "الاستفادة من أخطاء" سلفه، على حد تعبيره.
إضافة إلى أن أوساطا سياسية ترى أن "فاتورة الدم" في قطاع غزة، كان لها دور بارز في "الإطاحة" بالديمقراطيين.
"انقلاب" العرب على الديمقراطيين
وفور إعلان عودة ترامب إلى البيت الأبيض وانتزاعه السلطة بتفوق ساحق، أشارت تقارير واستطلاعات رأي إلى أن الهزيمة المدوية التي مُنيت بها كامالا هاريس، كان من بين أسبابها المهمة "انقلاب" المسلمين والعرب الأمريكيين على الحزب الديمقراطي.
تصريحات وقرارات ترامب "تحت المجهر"
ولكن في المقابل، هناك دعوة للتأني وفحص التصريحات، والمواقف، والأهم، قرارات العائد إلى البيت الأبيض التي اتخذها خلال ولايته الأولى و"صدم" بها المجتمع الدولي، قبل رسم الآمال الكبيرة عليه "رغم الترجيح بأن الأسوأ قد وقع على الغزيين وانتهى"، في تقدير مراقبين.
وللرئيس الأمريكي الجديد تصريحات ومواقف تدل على مساره المعروف وحجم الارتباط والتأييد المطلقين لإسرائيل، التي يعتبرها مراقبون بمرتبة مؤشرات لنهج "مستميت وثابت"، تجاوز فيها حتى دعم بايدن "السخي" لحليف واشنطن الأول في المنطقة.
أفضل صديق لإسرائيل
وصف ترامب نفسه بأنه "أفضل صديق لإسرائيل"، في خطاب ألقاه أخيراً أمام المجلس الإسرائيلي الأمريكي.
وقال فيه "سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى"، واعداً اليهود مع تصويتهم له بأن يكون "المدافع عنهم وحاميهم"، وبأنه "أفضل صديق لليهود الأمريكيين في البيت الأبيض"، وفق تعبيره.
"توسعة مساحة إسرائيل"
أما الأخطر، فهو ما ألمح إليه سابقاً خلال حملاته الانتخابية إلى أن "مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة"، مضيفاً أنه يفكر في كيفية توسيعها، على حد تعبيره.
ولقاء هذا الدعم المتكرر في ظروف ومناسبات عدة، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ترامب بأنه "أفضل صديق حصلت عليه إسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق".
قرارات ترامب "الصادمة"
وللفلسطينيين مع ترامب سجل صعب، يبدأ بقرار نقل سفارة بلاده إلى القدس، وأعلانها عاصمة موحدة لإسرائيل عام 2017، الخطوة التي مثلت انحيازاً كبيراً ضد حقوق الشعب الفلسطيني، ولقيت رفضاً دولياً واسعاً.
قطع التمويل عن "أونروا"
كما قرر ترامب الذي تعقد عليه الآمال حالياً لوقف حروب المنطقة، بعد وعود قطعها في سبيل "إنهاء الفوضى بالشرق الأوسط"، على حد قوله، وقف تمويل "أونروا"، وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن عام 2018.
ورغم أنه من الصعب التنبؤ بتصرفات ترامب وقراراته، الأمر الذي يعده مراقبون "ميزة دبلوماسية"، فإن سياساته السابقة المنحازة لإسرائيل على حساب الفلسطينيين ترجح مضيه في رفع منسوب دعم إدارته المقبلة لإسرائيل؛ ما يعقد حل القضية الفلسطينية، بل وزيادة في الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية، وفق ترجيحات مراقبين.
ترامب لديه "خطة عالمية متشددة"
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن حلفاء ومستشارين من أوكرانيا والشرق الأوسط، أن لدى ترامب "خطة عالمية متشددة"، مبدؤها "ممارسة الضغوط على أصدقاء الولايات المتحدة وأعدائها".
فيما يؤكد معاونو ترامب أن مع عودته إلى البيت الأبيض "سيتصرف بسرعة تصيب المرء بالدوار"، لوضع حد للحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وفق قولهم.
ماذا ستُقدم ولاية ترامب الثانية لإسرائيل؟
وحول "الخطر الأكبر" القادم من ولاية ترامب الثانية، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن برايان كاتوليس، الزميل البارز في السياسة الخارجية الأمريكية في معهد الشرق الأوسط، قوله: "إن الولاية الثانية لترامب قد تشجع جهود إسرائيل على المضي قدماً في مخططاتها في المنطقة، بشكل أكثر عدوانية ودون أي قيود".
والثابت مع هذه التباينات في مواقف الرؤساء الأمريكيين، هو أنه لا يهم من سيفوز بالبيت الأبيض، لاعتبار أن السياسة الأمريكية الخارجية مرتبطة تاريخياً بإسرائيل.