في غزة..ما سيناريوهات الأيام المقبلة؟

734031-0-1722586254.jpg

بقلم: علاء مطر

يبدو أن الأزمة الطاحنة في قطاع غزة مرشح للاستمرار، في ظل رفض إسرائيل وحماس كل المقترحات التي تم طرحها على مدار عام كامل من الحرب، الأمر الذي سيزيد من معاناة الأهالي في القطاع، مما يجعلنا نستشرف بعض السيناريوهات المستقبلية للوضع في غزة خلال الفترة المقبلة.

لقد وصلت الكارثة بغزة، إلى الحد الذي يحسد فيه الناس الأحياء، الشهداء الذين ارتقوا وغادروا الحياة مبكرا، فيقولون لبعضهم "لقد استشهد وارتاح مبكرا، هنيئا له".. نعم يحسدون الشهداء، في ظل استمرار المجاعة والفقر والدمار والقتل، فيما يصمت العالم ويزيد من وصمة عاره.

لقد أزمنت حرب الإبادة بغزة، وأصبح العرب قبل الأجانب يمارسون حياتهم طبيعية، ولا يلقون بالا لأخبارها، أو كما يقول محمود درويش: "ماذا نفعل نحن الذين تمزقنا وجعا لموت أصبح ضيف أهلنا وأحبتنا الدائم، ومعه كل مستلزمات الحزن المرافق؟ وخاصة أننا نقرأ كل الاستعصاءات التي وصلت إليها اللحظة القاتمة بلا أفق وبلا قوة يمكنها وقف الجريمة".

في ظل الدمار الذي حل على أصغر مدينة بالعالم، والتي تلقت متفجرات وصواريخ أضعاف ما أُلقي على مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيات، يبدو أن الأمر متروك للسماء الآن بعد انتهاء حلول الأرض، فيما تواصل حركة حماس المغامرة، واعادة الشعارات القديمة، بينما الواقع أشد بؤسا مما يتصور الجميع.

وأول السيناريوهات المتوقعة للأزمة المستمرة، هو استمرار التصعيد والصراع العسكري وتفاقم الأزمة الإنسانية بالقطاع، في ظل عدم وجود حلول سياسية، لتستمر معاناة أهالي غزة من نقص حاد في الغذاء، والماء، والدواء، وتدمير البنية التحتية، الأمر الذي يحتاج إلى ضغوط من قبل المجتمع الدولي على الطرفين لوقف التصعيد، غير أن هذا الأمر مرهون بموافقة طرفي الصراع.

أما السيناريو الثاني، فهو تدخل دولي أو إقليمي فاعل وضاغط وفرض مبادرات سلام أو إرسال قوات حفظ سلام دولية للفصل بين الأطراف المتصارعة، مثل مصر أو قطر وتركيا، لكن ذلك أيضا يتطلب موافقة الطرفين وإرادة سياسية قوية.

ويعتبر "تحقيق اتفاق هدنة طويل الأمد" ثالث السيناريوهات المتوقعة لإنهاء الأزمة الراهنة، بحيث أنه من المتوقع التوصل إلى اتفاق هدنة جديد بوساطة دولية أو إقليمية، يتضمن ترتيبات لرفع الحصار عن غزة وتخفيف القيود على التنقل ومرور البضائع مقابل تهدئة عسكرية من طرف حماس، وهو أمر يمكن أن يوفر استقرارا مؤقتا، غير أنه لا يعالج جذور الصراع.

ومن المتوقع أيضا أن يتم إجراء تغيير داخلي في القيادة أو الاستراتيجيات، مما سيؤدي إلى تغيير الوضع الراهن إذا ما واجهت حماس ضغطا داخليا يدعوها لإعادة النظر في استراتيجيتها، سواء بسبب الضغوط الاقتصادية أو الشعبية، بينما في الطرف الآخر قد تواجه إسرائيل أيضا ضغوطاً من داخل مجتمعها إذا تصاعدت الخسائر أو تزايدت الانتقادات الدولية ضد سياساتها، وهذا يمكن اعتباره السيناريو الرابع.

أما السيناريو الأخطر لهذه الأزمة، فهو استمرار حالة "اللاحرب واللاسلم"، بحيث تستمر الأوضاع على حالها دون تصعيد عسكري كبير أو تهدئة كاملة، مما يعني استمرار الوضع الإنساني الصعب مع تناوب فترات من التصعيد والهدوء النسبي، مما سيؤدي إلى مزيد من الإحباط لأهالي غزة، لأنه لن ينهي الأزمة وسيواصل الحصار والقتل والدمار.

والسيناريو السادس، يتمثل في تحقيق حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب تغييراً كبيراً في مواقف كل من حماس وإسرائيل وعودة الاهتمام الدولي بحل الدولتين أو صيغة أخرى تضمن حقوق الفلسطينيين وتلبي متطلبات إسرائيل الأمنية، غير أن هذا الأمر غير مرجح على المدى القريب بسبب تعقيد النزاع وتشابك مصالح الأطراف.

لكن الأكيد هو اعتماد مستقبل قطاع غزة والقضية الفلسطينية برمتها بشكل كبير على التطورات الإقليمية والدولية، واستعداد طرفي النزاع للتخلي عن بعض مطالبها من أجل تحقيق سلام مستدام، وإلى أن يتم الوصول إلى حل دائم أو مؤقت لحرب مستمرة للعام الثاني، يبقى أهالي قطاع غزة هم الضحية الكبرى لهذا النزاع المستمر، فهل تنتهي الأزمة؟ هذا ما نتمناه ولو بأي سيناريو..المهم أن تتوقف الحرب ونحافظ على ما تبقى من شعبنا..