حذر خبير أمني إسرائيلي من أن عدم طرح جهاز الأمن بديلا لاستمرار الحرب على غزة يقود إلى كارثة، لأن "الأضرار التي ستلحق بإسرائيل وجيشها واقتصادها ورفاهيتها، لن يكون بالإمكان إصلاحها".
وشدد الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، عوفر شيلَح، على أنه بالرغم من الحرب على لبنان واحتمال أن تنفذ إيران تهديداتها بالرد على هجوم سلاح الجو الإسرائيلي، إلا أن "الأحداث الأكثر أهمية في الحرب تدور في هذه الفترة في قطاع غزة".
وأضاف شيلح، وهو رئيس سابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أنه خلافا للبنان وإيران حيث يوجد فيهما عنوان سياسي واضح ويمكن التوصل إلى اتفاق معهما، فإنه "في غزة يجري فرض وقائع على الأرض يوميا، ومن شأنها أن تلحق بإسرائيل أضرارا لا يمكن إصلاحها خلال وقت قصير".
ولفت إلى أن عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة التي لا يتم يطلع الجمهور على تفاصيلها، ودفع اليمين المتطرف خطوات استيطانية، وعدم وجود أي مبادرة سياسية إسرائيلية، "يقود إسرائيل إلى احتلال فعلي للقطاع، بثمن لا يُقدر حيال مكانتها الدولية وحيال الجيش الإسرائيلي. وهذا يحصل من دون نقاش عام".
وفيما يدعي الجيش الإسرائيلي أنه لا يطبق "خطة الجنرالات" في شمال القطاع، إلا أن شيلح أكد أن الجيش الإسرائيلي "ينفذ هذه الخطة الخطيرة نفسها. فهو يمارس ضغطا هائلا وعنيفا على سكان أجزاء في شمال القطاع من أجل إخلائهم نحو الجنوب، وينفذ ذلك عمليا بقوة تودي بحياة غزيين كثيرين وينعكس ذلك في الصحافة الدولية بأنه يصل إلى حد جرائم حرب ".
واعتبر أن إسرائيل لا تعتزم تجويع السكان الذين يبقون في شمال القطاع، "لكن في ظل ما ينفذه الجيش، فإن النتيجة النهائية قد لا تكون أقل خطورة".
وأشار إلى أن البديل للحصار والتجويع هو تحمل إسرائيل المسؤولية عن مصير مئات آلاف البشر، وبضمن ذلك ضرورة تزويدهم بالاحتياجات الأساسية. "وحتى لو نفذ ذلك مقاولون أجانب، وليس مهما من سيتكبد التكاليف، ستكون إسرائيل مسؤولة عن وضعهم الإنساني، في حالات لا يمكن منعها وتحصل فيها مواجهات ومقتل مواطنين نتيجة للصراع على الغذاء والماء، وفي حالات ستحدث بالتأكيد عندما تهاجم خلايا حماس المقاولين".
وشدد شيلح على أن "التظاهر كأن إسرائيل ليس مسؤولة قد ينجح تجاه الداخل، إثر عدم الاكتراث لدينا بمصير الغزيين. لكن هذه ستكون خطوة كبيرة، وربما لن يكون بالإمكان التراجع عنها، تضع إسرائيل كدولة تنتهك القانون، ومن النوع الذي لا يمكن المتاجرة معه، ولا يتم تزويده بالسلاح – وإعلان الدول الصديقة لنا عن حظر سلاح هو البداية وحسب – ولا يُمنح مظلة سياسية. وإسرائيل التي ستعتبر كمن تحتل غزة، ستكون دولة منبوذة، ومن يستخف أو يعتقد أن بإمكاننا أن نصمد أمام ذلك إما أنه يهذي أو أنه خلاصي".
وبحسبه، فإنه "باتت هناك عواقب داخل الجيش نفسه، جراء العمليات التي ينفذها الآن وتلك التي سينفذها لاحقا في إطار الضغط على المدنيين وإثر مسؤوليته في الناحية الإنسانية. والتقارير الإعلامية حول ذلك ناقصة. فالوضع مشابه لاجتياح لبنان في الأعوام 1982 – 1985، وترافقه هذه المرة مظاهر الابتهاج بانتهاك القانون، بذريعة الانتقام لأحداث 7 أكتوبر، ويتم تبريرها بلغة مليئة بالكراهية. وهذه المظاهر ستؤدي إلى تأكل أكثر للقوة النظامية وفي الاحتياط".
وأضاف شيلح في هذا السياق أن "جيل الجنرالات الحالي لم يكن قد تجند عندما سُجل في الجيش الإسرائيلي في سنوات حرب لبنان الأولى هبوطا بالرغبة في الحصول على رتب ضباط، وارتفاعا في الرفض غير المعلن للامتثال في الخدمة في قوات الاحتياط. وربما لهذا السبب، وربما بسبب عدم القدرة على قول الأمور على حقيقتها للمستوى السياسي وتنفيذ مسؤوليتهم كضباط، هم شركاء كاملون في التحول المدمر الذي يقودونه، وحتى أنهم يفسرونه بتفسيرات عملياتية جوفاء إثر الواقع الميداني".
وتابع أن جهاز الأمن يتحدث منذ أشهر عن ضرورة التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى، "لكن بما أن هذا لا يتحقق، بسبب عراقيل يضعها رئيس الحكومة أو بسبب رفض حماس، فإنه لا يضع بديلا باستثناء الاستمرار بكل قوة في المسار الذي يقود إلى كارثة. وعندما يحدث هذا، فإن السؤال حول ما إذا كان المذنبون هم نتنياهو وسموتريتش أو غالانت وهليفي، سيخضع لنقاش سياسي أو تاريخي. فالأضرار التي ستلحق بإسرائيل وجيشها واقتصادها ورفاهيتها لن يكون بالإمكان إصلاحها".