تقرير: انتخابات الرئاسة الأميركية مفتوحة على كل السيناريوهات

مع خسارة العديد من الأحزاب الحاكمة في انتخابات 2024، يتساءل مراقبون حول ما إذا كان الحزب الديمقراطي الأميركي سيواجه المصير ذاته، فيما تعكس استطلاعات الرأي تناقضًا في المزاج العام، وتقارب في النتائج خاصة في الولايات الحاسمة، ما يعكس صورة ضبابية.

شهدت العديد من الانتخابات في 2024 خسارة للأحزاب الحاكمة أو للرؤساء الساعين لولاية ثانية، حيث فقد حزب المحافظين البريطاني السلطة لصالح حزب العمال في تموز/ يوليو، وخسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته التاريخية في البرلمان الجنوب أفريقي في حزيران/ يونيو، بينما فقد الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني أغلبيته في البرلمان قبل أسبوعين. وفي ألمانيا، خسرت الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم عدة انتخابات محلية في ولايات رئيسية الشهر الماضي.

هل يواجه الحزب الديمقراطي المصير ذاته؟

في تحليل نشره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، رأى جيمس إم ليندساي، أستاذ العلوم السياسية ونائب رئيس المجلس، أن نائبة الرئيس كامالا هاريس قد تقلب هذا الاتجاه الانتخابي العالمي؛ إذ إن الاقتصاد الأميركي يشهد انتعاشًا ملحوظًا وسط تراجع معدلات البطالة والتضخم وارتفاع غير مسبوق في سوق الأسهم. كما أعلنت وزارة التجارة الأميركية مؤخرًا عن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.8% للربع الثالث. ومع ذلك، يشير استطلاع للرأي إلى أن غالبية الأميركيين يرون الاقتصاد في وضع سيئ، ويشعرون أن البلاد تسير في "الاتجاه الخاطئ".

هذا التناقض ينعكس في السباق الانتخابي المحتدم بين الديمقراطيين والجمهوريين، حيث يراهن الجمهوريون على استغلال هذا الشعور العام لرفع فرص دونالد ترامب في الانتخابات. وتعتبر استطلاعات الرأي المتقاربة مع حالة المتأرجحين دافعًا إضافيًا لحملة ترامب، إذ قد يصبح أول رئيس يفوز بفترتين غير متتاليتين منذ غروفر كليفلاند قبل 132 عامًا. في المقابل، يخشى الديمقراطيون من تكرار أخطاء استطلاعات الرأي التي لم تتنبأ بدقة في عامي 2016 و2020، ولكنهم يأملون أن تعكس استطلاعات 2024 نتائج انتخابات الكونغرس لعام 2022 عندما توقعت فوزًا كاسحًا للجمهوريين، لكن النتائج خالفت التوقعات.

معضلة استطلاعات الرأي

انشغل معظم مراكز وخبراء استطلاعات الرأي في هذه الفترة بتعديل منهجياتهم لتصحيح أخطائهم السابقة. وقد يكونوا قد أصلحوا الأمور بشكل أو بآخر هذه المرة، ولكن ربما يكونوا قد تسببوا في مشكلات جديدة عندما أصلحوا مشكلة واحدة.

كما أن نتائج استطلاعات الرأي تأتي دائمًا بهامش خطأ. وكل نتائج استطلاعات الرأي الحالية في الولايات المتأرجحة تقع ضمن هامش الخطأ. ونظرًا لأن نظام المجمع الانتخابي يعطي الفائز بالأغلبية المطلقة في أي ولاية بكل أصواتها في المجمع الانتخابي، باستثناء ولايتين فقط، فإنه حتى الأخطاء الطفيفة في استطلاعات الرأي قد تعني نتيجة انتخابية غير متوازنة.

ويعني هذا أن كل شيء وارد في الانتخابات المقبلة. فقد يسفر التصويت عن فوز هاريس أو ترامب بكل الولايات المتأرجحة، وبالتالي يصبح فوز الفائز منهما واضحًا ومقنعًا في المجمع الانتخابي. وقد تكون الأصوات متقاربة بشدة بحيث تكون عمليات إعادة حصر الأصوات أو اللجوء للقضاء حتمية لحسم النتيجة.

نتائج صعبة التنبؤ وحذر من التدخل الخارجي

مع دخول السباق مرحلة حرجة، تتعاظم احتمالات عدم اليقين. فقد تؤدي نتائج التصويت إلى فوز ساحق إما لترامب أو لهاريس في الولايات المتأرجحة، أو قد تكون الأصوات متقاربة إلى حد يفرض إعادة الفرز ويشعل معارك قانونية، مما قد يدخل البلاد في صراع سياسي أكثر حدة من انتخابات 2020.

كما يتزايد القلق من محاولات التأثير الخارجي على العملية الانتخابية، عبر هجمات سيبرانية أو حملات تضليلية. ورصد مسؤولون في ولاية بنسلفانيا مؤخرًا فيديو مزيفًا يظهر تدمير بطاقات تصويت، ونسبوا نشره إلى "حملة تضليل روسية".

تدخلات خارجية محتملة

وفي الوقت نفسه، يحذر المسؤولون الأميركيون من تزايد المحاولات الخارجية للتأثير على الانتخابات والتي قد تستمر حتى بعد يوم التصويت وأثناء فرز وعد الأصوات. وبعض هذه المحاولات تشمل هجمات سيبرانية لإحداث اضطراب في التصويت، والبعض الآخر يشمل التضليل ونشر المعلومات الخطأ.

ويؤكد الديمقراطيون أنهم يثقون في سلامة العملية الانتخابية، في حين أن 57% فقط من الجمهوريين يعبرون عن الثقة ذاتها. ويعني هذا أن ترامب سيحظى بدعم أكبر من ناخبيه إذا شكك في نتيجة الانتخابات في حال خسارته بفارق ضئيل.

وليس هذا فحسب، بل حتى إذا تم اللجوء إلى المحكمة العليا، فإن قرارها لن يحظى بمصداقية لدى نحو 80% من الأميركيين، حيث أظهر مسح لمركز "بيو" أن واحدًا فقط من بين كل خمسة أميركيين واثق من أن حكم المحكمة العليا في أي نزاع محتمل بشأن انتخابات الرئاسة سيكون محايدًا.

العالم يترقب النتائج

ولا تهم نتائج انتخابات الثلاثاء المقبل الولايات المتحدة فحسب، بل العالم كله، لذا فليس من المستغرب أن يناقش الكل في جميع أنحاء العالم كيف ستؤثر النتيجة عليهم. لقد سأل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي مراكز البحث والخبراء في أفريقيا والأميركتين وأوروبا والشرق الأوسط عن آرائهم، وأظهرت ردودهم أن تقييمات تأثير الانتخابات تختلف باختلاف من يفوز والمنطقة أو البلد الذي يتم طرح السؤال فيه.

وقالت الباحثة ليزا روبنسون في مجلة "فورين أفيرز" الأميركية إن فوز هاريس "سيكون له تداعيات مهمة، وربما يؤدي إلى تغييرات شاملة، وذلك لأن انتخابها سيدعم أولئك الذين يقاتلون ضد الطغيان، ويخفف بقايا الشكوك في قدرة المرأة على اتخاذ قرارات الحرب والسلام".