تتقدم المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس على منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني. وتسجل هاريس في ذلك فارقاً بـ1.5 نقطة، بنسبة 48.2% مقابل 46.7% لترامب، وذلك طبقاً لمتوسط استطلاعات الرأي لموقع بورجكتس 538. ورغم ذلك، فإن الفوز على المستوى الوطني لا يعني أن هاريس قد تفوز بالرئاسة.
ففي عام 2016، ورغم أن المرشحة الديمقراطية للرئاسة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون فازت بالتصويت الشعبي ضد ترامب، وبفارق أكثر من مليون صوت، إلا أنها خسرت الرئاسة بسبب عدد المندوبين الذي كسبه ترامب، بفوزه في الولايات المتأرجحة. فسباق انتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام، ورغم أنها ستجري في جميع الولايات بيوم واحد، وهو 5 نوفمبر/ تشرين الأول المقبل، إلا أن النظام الأميركي القائم على تمثيل محدّد لكل ولاية في المجمع الانتخابي سيجعل هذا العام 7 ولايات فقط في هذه الانتخابات هي التي ستحسم نتيجة الاقتراع، ما يجعل باقي الولايات ليست بذات الأهمية، وفوز مرشح بأي من هذه الولايات المتأرجحة التي يطلق عليها "ساحة المعركة"، وهي بنسلفانيا وميشيغين وجورجيا وأريزونا وويسكونسن وكارولينا الشمالية ونيفادا، يقربه من الفوز بالرئاسة.
يجب أن يفوز ترامب بولاية واحدة على الأقل من ولايات الجدار الأزرق الثلاث
يبلغ إجمالي عدد أصوات المجمع الانتخابي للولايات المتأرجحة التي تحدّد نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية 93 صوتاً (مندوبين كبار)، يمثلون الولايات السبع، وذلك من أصل 538 مندوباً، علماً أن المرشح يحتاج إلى الحصول على 270 مندوباً لإعلان فوزه. وأكبر الولايات المتأرجحة بعدد المندوبين هي ولاية بنسلفانيا بـ19 صوتاً، تليها جورجيا وكارولينا الشمالية بـ16 صوتاً، ثم 15 صوتاً لميشيغين، و11 صوتاً لأريزونا، و10 أصوات لويسكونسين، وأقلها نيفادا بـ6 أصوات.
وبحسب متوسط استطلاعات الرأي لموقع بروجيكستس 538، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، فإن هاريس تتقدم على ترامب على المستوى الوطني بنسبة 48.1% مقابل 46.7% لترامب. ووفق الموقع، تتقدم هاريس على ترامب في نيفادا بـ0.1 نقطة، ويتقدم ترامب على هاريس في جورجيا بـ1.8 نقطة، كما يتقدم عليها في أريزونا بـ2.2 نقطة. وفي بنسلفانيا يتقدم المرشح الجمهوري على منافسته بـ0.2 نقطة، كما يتقدم عليها في كارولينا الشمالية بـ1.0 نقطة، وفي أريزونا بـ2.2 نقطة. وتتقدم هاريس على ترامب في ميشيغين بـ0.8 نقطة، كما تتقدم عليه في ويسكونسين، بـ0.4 نقطة. ويأتي ذلك مع ملاحظة أنها تقع ضمن هامش الخطأ الذي يتراوح بين +/-2.5 نقطة إلى +/-3 نقاط، ما يعني إمكانية فوز أي من المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية بأي من هذه الولايات وأن السباق متقارب للغاية.
من جهته، توقع البروفسور فرانك موسمار في جامعة تكساس، والمتخصص في الشؤون السياسية، أن تُحسم انتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام بعدد قليل جداً من الأصوات في ولايات رئيسية تمّ فيها إنفاق مليارات الدولارات على الحملات الانتخابية. وشرح أنه هذا العام، هناك سبع ولايات تنافسية، لافتاً إلى أن ميشيغين وبنسلفانيا وويسكونسن غالباً ما يشار إليها باسم ولايات الجدار الأزرق، بالإضافة إلى نيفادا وأريزونا وجورجيا وكارولينا الشمالية، المعروفة بولايات حزام الشمس.
وللوصول إلى 270 صوتاً انتخابياً حاسماً، يجب أن يفوز ترامب، وفق موسمار، بولاية واحدة على الأقل من ولايات الجدار الأزرق الثلاث، بينما تحتاج هاريس إلى تأمين واحدة من ولايات بنسلفانيا أو كارولينا الشمالية أو جورجيا، وهذا يعني أن ترامب لديه مسار واضح إلى المندوبين الحاسمين، من خلال اختراق الجدار الأزرق، بينما لدى هاريس أكثر من خيار لتحقيق الهدف ذاته.
طرق هاريس للفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية
أولاً: الجدار الأزرق ومنطقة أوماها
وشرح الخبير أن أفضل طريقة أو الأكثر ترجيحاً لفوز هاريس بالرئاسة هي الفوز بولايات الجدار الأزرق الثلاث ومنطقة أوماها، أي الفوز بولايات ويسكونسن وميشيغين وبنسلفانيا، بالإضافة إلى المنطقة الكونغرسية في أوماها بولاية نبراسكا. وأكد أنه إذا ضمنت هاريس جميع المناطق التي تحظى فيها بالتفضيل، بما في ذلك أوماها، جنباً إلى جنب مع ولايات الجدار الأزرق التنافسية، فيمكنها الوصول إلى 270 صوتاً انتخابياً مطلوباً دون الحاجة إلى الفوز بأي من ولايات حزام الشمس.
بإمكان ترامب بناء ولايات ولاؤها جمهوري
وبشكل عام، تصوّت نبراسكا للجمهوريين، بطريقة مشابهة لعدد كبير من الولايات وسط البلاد. لكنها واحدة من ولايتين (الثانية هي ماين)، تقسّم مندوبيها، وعددهم 5 (الفائز بالتصويت الشعبي يحصل على مندوبين اثنين، ثم يوزع كل مندوب من الثلاثة الباقين على مناطق الولاية الثلاث، وأوماها واحدة منهم). وبينما كانت منطقة أوماها في الولاية تصوت عادة للجمهوريين، إلا أنها صوّتت لباراك أوباما في 2008، ما جعل الديمقراطيين يطلقون عليها اسم "أوباماها". كما أنها صوّتت لبايدن في 2020، وتأمل هاريس بالفوز بها هذا العام.
ثانياً: تعويض خسائر بحزام الشمس
وأضاف موسمار أن أمام هاريس للفوز، في حال تمكن ترامب من تقليص الجدار الأزرق، طريقين آخرين على الأقل إلى البيت الأبيض، حتى لو خسرت أياً من ولايات الجدار الأزرق الثلاث. فإذا خسرت ويسكونسن أو ميشيغين، يمكنها تعويض أصواتهما الانتخابية، أي 10 من ويسكونسن أو 15 من ميشيغين، بالفوز بـ16 صوتاً انتخابياً من كارولينا الشمالية أو جورجيا، أو من خلال تحقيق اكتساح غربي يشمل أريزونا ويسكونسن ونيفادا بدلاً لميشيغين.
لكن الأكثر تحدياً أمام هاريس هو استبدال بنسلفانيا، التي لديها 19 صوتاً انتخابياً. فلتعويض خسارة هذه الولاية، ستحتاج إلى الفوز إما بجورجيا أو كارولينا الشمالية، بالإضافة إلى إحدى الولايات الغربية المتأرجحة. أما إذا خسرت الجدار الأزرق بالكامل، وفق رأيه، فلا يزال بإمكانها تأمين النصر من خلال الفوز بجميع ولايات حزام الشمس، ما سيجعل إجمالي عدد أصواتها الانتخابية 275. وقال إنه على الرغم من أن هاريس كانت قادرة على المنافسة في ولايات حزام الشمس بسبب نمو أعداد الناخبين السود واللاتينيين والآسيويين الأميركيين فيها، إلا أن استطلاعات الرأي الخاصة بها كانت أسوأ قليلاً في هذه الولايات مقارنة بالجدار الأزرق، ما يجعل اكتساح حزام الشمس بالكامل أقل احتمالاً.
تعد منطقة أوماها في نبراسكا مهمة جداً للحزب الديمقراطي
طرق ترامب للفوز
وشرح موسمار أن الطريق الأكثر سهولة لترامب للوصول إلى البيت الأبيض هو الفوز في بنسلفانيا وكارولينا الشمالية وجورجيا، مشيراً إلى أنه إذا فاز ترامب في هذه الولايات، فسوف يحصل على 270 صوتاً انتخابياً، وإذا أضاف إليها أريزونا التي يتقدم فيها، فقد يصل إلى 281 مندوباً كبيراً. ولفت إلى أنه في انتخابات عام 2020، كان لدى جورجيا أقرب هامش من حيث النسبة المئوية للأصوات وكانت هذه هي المرة الأولى التي تصوت فيها الولاية للديمقراطيين منذ عام 1992، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى حصة كبيرة من الأصوات التي ذهبت إلى مرشح من طرف ثالث. وأوضح الخبير: لقد تغيرت التركيبة السكانية لولاية كارولينا الشمالية، ما جعلها أكثر تنافسية للديمقراطيين. فاز باراك أوباما بهذه الولاية في عام 2008 خلال فوز ساحق على المستوى الوطني وفقاً للمعايير الرئاسية الحديثة، ومع ذلك، لم تشهد كامالا هاريس تقدماً مماثلاً فيها باستطلاعات الرأي قريب من أرقام أوباما خلال تلك الانتخابات.
وفاز ترامب بولاية بنسلفانيا في عام 2016، واستثمرت حملته المزيد من الموارد في تلك الولاية أكثر من أي مكان آخر، ولكن في عام 2020، تمّ تحديد ولاية بنسلفانيا بأكثر من نقطة مئوية واحدة لصالح بايدن.
ثانياً: الفوز بولايات الجدار الأحمر
ولفت موسمار إلى أن الطريق الثاني لفوز ترامب، هو بناء الجدار الأحمر (تحويل ولايات إلى جمهورية الولاء)، فقد فاز بولايات ويسكونسن وميشيغين وبنسلفانيا في عام 2016، فإذا ضمن هذه الولايات مرة أخرى، فلا يزال بإمكانه الفوز في الانتخابات حتى لو خسر كارولينا الشمالية وجورجيا ونيفادا، مضيفاً أنه وفق هذا السيناريو، سيحتاج إلى الفوز بولاية أريزونا، إحدى الولايات المتأرجحة الرئيسية في حزام الشمس.