إسرائيل تسرّب وثائق تزعم أن “حماس” خطّطت لضرب ناطحات سحاب واستخدام قطارات وعربات خيول

يحيى-السنوار-1.jpg

 اشتركت صحف أمريكية بموضوع واحد وهو ما قالت إنه كشف عن وثائق سرية لحركة “حماس”، فصّلت تحضيرات الحركة لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وبتنويعات مختلفة، نشرت كل من صحيفة “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” ما قالت إنها عشرات الصفحات التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي في غزة، وتقدم خطة أوسع مما نفذته “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وكيف أرادت الحركة دعماً مالياً وتدريبياً من إيران.

 ففي تقرير صحيفة “واشنطن بوست”، الذي أعدّه جون ورايك وسعاد مخنيت ولافداي موريس، وردَ أنه قبل هجمات العام الماضي، خطّط قادة “حماس” لموجة من الهجمات ضد إسرائيل، بما فيها ما زعم أنه عمليات تفجير على طريقة 9/11، وتدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك، وهذه المرة تدمير ناطحة السحاب في تل أبيب، بينما ضغطوا على إيران للمساعدة في تحقيق رؤيتهم في القضاء على الدولة اليهودية.

وتُظهر السجلات والملفات الإلكترونية، التي يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم عثروا عليها في مراكز قيادة “حماس”، تخطيطاً متقدماً لهجمات باستخدام القطارات والقوارب، وحتى العربات التي تجرّها الخيول، على الرغم من أن العديد من الخطط كانت فكرة سيئة وغير عملية، كما قال خبراء الإرهاب.

وتشير الخطط إلى طموح الحركة جذب الجماعات المسلحة المتحالفة لشنّ هجوم مشترك ضد إسرائيل من الشمال والجنوب والشرق.

وتشمل هذه المجموعة من الوثائق عرضاً توضيحياً مفصلاً يشرح الخيارات المحتملة للهجوم، فضلاً عن رسائل من “حماس” إلى كبار قادة إيران، في عام 2021، تطلب مئات الملايين من الدولارات لتمويل وتدريب 12,000 مقاتل إضافي من “حماس”.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إيران على علم بوثيقة التخطيط، أو ردّت على الرسائل، لكن المسؤولين الإسرائيليين ينظرون إلى الطلبات على أنها جزءٌ من جهد أكبر من جانب “حماس” لجذب حلفائها الإيرانيين إلى نوع المواجهة المباشرة مع إسرائيل التي سعت طهران تقليدياً لتجنبها.

 وتزعم صحيفة “واشنطن بوست” أن الوثيقة التي اطلعت عليها، ومكوّنة من 59 صفحة، هي جزء من آلاف الوثائق التي يزعم الجيش الإسرائيلي أنه صادرها منذ غزو غزة، في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ولم تستبعد الصحيفةُ الرابط بين قرار القوات الإسرائيلية الكشف عن هذه الوثائق الآن، والتحضيرات لضربة انتقامية محتملة، بعد أن أطلقت إيران أكثر من 180 صاروخاً باليستياً ضد إسرائيل، في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، رداً على اغتيال الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، في 27 أيلول/ سبتمبر.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي اطّلع على الرسائل ووثائق التخطيط: “حماس عازمة على محو إسرائيل والشعب اليهودي من الخريطة، لدرجة أنها تمكّنت من جرّ إيران إلى صراع مباشر، في ظل ظروف لم تكن إيران مستعدة لها”.

واحتوت الوثائق، المعنونة بـ “إستراتيجية لبناء خطة مناسبة لتحرير فلسطين”، على ملامح مثل “ما هي الجبهات المناسبة للتحرير وأين تتحرك كل جبهة؟”، و”لو تدخّلت قوى وشاركت معنا، فكيف ستكون المعركة والتنسيق؟”، و”ما الأهداف التي يجب أن نحتلها ونحيدها أو ندمرها؟”.

وفي لقاء يوم الأربعاء مع قادة يهود بالبيت الأبيض، جدّد الرئيس جو بايدن تعهده بدعم إسرائيل وحقها بالدفاع عن النفس ضد “حماس” و”حزب الله” وإيران.

ودعا زعيم “حماس” في غزة يحيى السنوار، في رسالة محررة بحزيران/يونيو 2021 ووجّهها للقادة الإيرانيين، بمن فيهم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، لتقديم دعم مالي وعسكري إضافي، وتعهد بتدمير إسرائيل في غضون عامين.

وقال: “نعدكم بأننا لن نضيع ولا دقيقة أو فلساً حتى نصل إلى تحقيق الهدف المقدس”. ولا يقدم السنوار في رسائله إلى إيران تفاصيل حول الكيفية التي كان ينوي بها تدمير إسرائيل. ويقول المسؤولون الإسرائيليون وغيرهم من الشرق الأوسط إن طهران فوجئت بالهجوم الذي وقع في 7  تشرين الأول/أكتوبر، وغضبت من السنوار لعدم الكشف عن خططه مسبقاً. لكنهم يزعمون أن إيران ووكيلها اللبناني “حزب الله” كانا يعلمان أن “حماس” تستعد لهجوم كبير. وقال أحد المحللين: “كانت إستراتيجيتهم المشتركة هي مهاجمة إسرائيل”.

ويعتقد المحللون الأمريكيون والإسرائيليون أن إيران قدّمت مئات الملايين من الدولارات للجناح العسكري لـ “حماس” وزادت من دعمها في عام 2023.

وتقول الصحيفة إنها لم تتأكد بعد من صحة الوثائق، إلا أن ما ورد فيها يتفق، حسب زعمها، مع ما ورد في تقييمات الاستخبارات الأمريكية وحلفائها بعد الهجمات العام الماضي بشأن التخطيط البعيد المدى لـ “حماس” والعلاقات المعقدة مع إيران. وقد اطلعت وكالات الاستخبارات الأمريكية على بعض وثائق “حماس” التي تم الاستيلاء عليها، وأطلعت صحيفة “واشنطن بوست” وثائقها على العديد من المسؤولين الأمريكيين، ولم يعرب أي منهم عن قلقه بشأن صحتها، لكنهم رفضوا التعليق علناً.

 كما تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” إلى مسؤولين إسرائيليين في وكالات أخرى لم تشارك في الحصول على الوثائق، والذين أكدوا بشكل مستقل أنها أصلية. واتهمت بعثة إيران بالأمم المتحدة إسرائيل بنشر التضليل والمعلومات الكاذبة عن الجمهورية الإسلامية.

وقال باسم نعيم، المسؤول في حركة “حماس” إن إسرائيل لها تاريخ بالفبركة، بدون التعليق على الوثائق المزعومة.

وقد تم التخطيط لهجمات العام الماضي على مدى عدة أشهر، واشتمل على خروقات للجدار الأمني، والدخول لجنوب إسرائيل، ومهاجمة القواعد العسكرية، وأدت العملية إلى مقتل 1,100 إسرائيلي، وأخذ 250 أسيراً.

ولكن في الأشهر التي سبقت الهجوم، تصورت “حماس” هجوماً أبعد، كما تشير وثيقة تخطيطية. ويعرض عرض شرائح إلكترونية مكون من 36 صفحة، تم إنشاؤه في أواخر عام 2022، واكتشف في موقع لـ “حماس” في شمال غزة، في 10  تشرين الثاني/ نوفمبر، خيارات وسيناريوهات لمهاجمة إسرائيل عبر جبهات متعددة، مع أهداف تتراوح من مراكز القيادة العسكرية إلى مراكز التسوق.

وتحتوي الوثيقة، المكتوبة بالعربية، على عشرات الخرائط والصور والمخططات التي تصوّر تحركات مقاتلي “حماس” ضد الأهداف الإسرائيلية.

وقد استندت خطط الهجوم- حسب العرض- “قاعدة بيانات ضخمة” مكونة من أكثر من 17 ألف صورة، من صور الأقمار الاصطناعية تحتوي على صور المدن والمناظر الطبيعية الإسرائيلية التي التقطتها كاميرات الطائرات بدون طيار، أو تم جمعها من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن بين الصور المعروضة مخططات القواعد الجوية الإسرائيلية والمنشآت العسكرية والرسوم البيانية التي توضح حركة الطيران التجاري في مطار بن غوريون الدولي.

ويحدد العرض ثلاث وجهات محتملة للهجوم، بما في ذلك تكتيكات لخداع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، وإرباك ردّهم.

وتشمل الخطط مزيجاً من العمليات بتقنية متدنية، استخدم بعضها في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، أما الآخر فكان أكثر طموحاً. ومن بين الأخيرة،  تدمير ناطحة سحاب تل أبيب، وبرج موشيه، المكون من 70 طابقاً، وكذا مركز أزريلي، وبهدف تدمير المجمعات العسكرية الإسرائيلية المقامة حول المجمعات هذه. و” إذا تم تدمير هذا البرج، بطريقة أو بأخرى، فسيواجه العدو أزمة غير مسبوقة، تشبه أزمة برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك”.

 لكن “حماس” لم يكن لديها فكرة حول كيفية تدمير المجمعات هذه، و”يجب العمل للعثور على آلية لتدمير البرج”. وتحتوي الخطط على كيفية استخدام السكك الحديدية لنقل المقاتلين والمتفجرات القوية، بما في ذلك صهاريج الوقود التي يمكن تفجيرها بقنابل صغيرة  في أكبر مدينة في إسرائيل. وتنص الوثيقة على أن “خط السكك الحديدية مخصصة لنقل الوقود، وهي نقطة ضعف في حالة انفجار قطار بعد التحرك داخل إحدى المدن (قنبلة متحركة). ودعت خطط أخرى إلى تعديل المركبات حتى تتمكن من السفر على القضبان، وتحويل سفن الصيد إلى قوارب هجومية عالية السرعة لنقل المقاتلين والمتفجرات إلى الموانئ الإسرائيلية. وفي إشارة إلى خطة القوارب كقنابل، قالت الوثيقة إن “حماس” “وجدت بالفعل آلية ناجعة”.

ولعل الاقتراح الأكثر غرابة، كما تزعم الصحيفة، كان خطة لاستخدام عربات الخيول القديمة، كوسائل نقل للمقاتلين والأسلحة. ويتضمن العرض صوراً وأوصافاً لعربة تجرّها الخيول وتتسع لثلاثة أفراد، وتستطيع السير في التضاريس الوعرة بسهولة. ومن شأن هذه العربة أن تقدم “آلية سريعة وخفيفة”، مقارنة بالدراجة النارية، وهي المركبة التي استخدمها مقاتلو “حماس” بكثرة في هجوم 7  تشرين الأول/أكتوبر.

ومن جهة أخرى، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الوثائق عثر عليها في خان يونس، في نهاية كانون الثاني/يناير 2024. مشيرة إلى أن الوثائق هي محاضر اجتماعات شارك فيها قائد “كتائب القسام”، محمد الضيف، ونائبه مروان عيسى، والسنوار. وأطلق عليها “المشروع الكبير”، وكان سيتم تنفيذها في خريف عام 2022، إلا أنه تم تأجيلها في محاولة لإقناع إيران و”حزب الله” بالمشاركة فيها.

وأكدت الصحيفة أن السنوار وقيادة “حماس” تجنّبوا مواجهات كبيرة مع إسرائيل لمدة عامين، اعتباراً من 2021، من أجل الحفاظ على عنصر المفاجأة في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وإعطاء صورة أنه تم ردع “حماس” في غزة.

وقالت إن السنوار ناقش، في أيار/مايو 2023، مع قيادة “حماس” ما إذا كان سيتم تنفيذ الهجوم في 25 أيلول/سبتمبر، خلال احتفالات “عيد الغفران”، أو في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وشددوا على أهمية تجنب أي تصعيد كبير مع تل أبيب، قد يعطّل الاستعدادات النهائية.
وفي الاجتماع نفسه، في شهر أيار/مايو، قال مسؤولو الحركة الكبار إنهم يريدون تنفيذ الهجوم بنهاية عام 2023، لأن إسرائيل تعمل على تطوير ليزر يمكنه تدمير صواريخ “حماس” بشكل أكثر فعالية من نظام الدفاع الجوي الحالي.

وقالت الصحيفة إن السنوار وقيادة “حماس” في غزة تبادلوا معلومات حساسة مع رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، وأطلعوه على “المشروع الكبير”، في إشارة إلى هجوم 7  تشرين الأول/أكتوبر. وزعمت أن قرار الهجوم هو محاولة من “حماس” لتعطيل اتفاقيات تطبيع العلاقات بين إسرائيل السعودية.